هناك عداء تاريخي بين الإخوان والصحفيين ، ومع تطور الزمن اتسع مدى العداء فشمل الإعلاميين وكل من أمسك قلما وكتب فكرة ، فعلى فكرة الإخوان ضد الفكرة ، ولأنهم ضد الفكرة فقد فكروا في وأد أي فكرة وقتلها في مهدها، وأصدقكم القول إنني أحب الإخوان حبا جما ، لذلك جاء لي مرشد الإخوان ، نعم مرشدهم وتاج رأسهم العارف بالله مولانا محمد بديع ، جاء وجلس معي يستفتيني في كيفية مواجهة الناس الذين أدمنوا التفكير، هذا المرض العضال الذي استشرى في مصر على حين غفلة من الإخوان ، قال لي مولانا المرشد وهو يعض بنان الندم : أنا ندمان ، أنا خرمان ، أنا حزنان . فقلت له وأنا أهون عليه الأمر : لماذا يا قداسة الحَبر الكبير ؟ لماذا أنت ندمان وخرمان وحزنان ؟ قال المرشد : لقد تركنا الناس في السنين الماضية تفكر ولم نظهر عداءنا للتفكير، تركنا الصحافة تمرح في غيطان الرأي لأننا وقتها كنا نحتاج أقلام الصحفيين والإعلاميين عندما تدلهم علينا الخطوب، كنا يا أبو يكح يا جوسقي نستقدم الصحفيين والإعلاميين في المحاكم العسكرية التي كانت تحاكمنا، فكانوا يقفون معنا وقتها ويتحدثون عنا حديثا طيبا ويدافعون عن حق الإخوان في الحرية، بل كان بعضهم يقف في المحكمة ليشهد لصالحنا، وحتى أيام انتخابات الرئاسة ، سكتنا عن آرائهم وأفكارهم لأنهم كانوا يقدمون مرشحنا محمد مرسي ويصنعون له بروباجندا إعلامية ، وأنت تعرف مثلا كم وقف معنا الإعلامي خالد صلاح وكان أول واحد يجري حوارا مع أخي خيرت الشاطر حتى إنه جعل أحد الإخوان مديرا لموقع جريدته الإلكتروني فتحول الموقع إلى منبر يدافع عن الإخوان ، ويقدم الأخبار التي تهمنا وتصب في صالحنا ويخفي الأخبار التي تناوئنا . وافقت المرشد على ما قال وقلت له : انا أعرف كل هذا ولكن لماذا الندم ؟ قال المرشد : يا أخ أبو يكح، الصحفيون والإعلاميون يجرون وراء الأخبار، تحركهم أقلامهم ، ونحن لا نريد هذا ، نريد أن نحرك نحن الأقلام ، نريد أن تسبح الأقلام بحمدنا، أليس لكل نظام إعلام خاص به ؟ نحن نريد أن يكون الإعلام في صفنا، لا يعارضنا ولا ينطق ببنت شفة ضدنا أو نقدا لنا ، ولكن العيار فلت ، والكل الآن ينتقدنا ، فماذا نحن فاعلون ؟ ؟ قلت للمرشد : المسألة بسيطة جدا يا نيافة ، عفوا ، يا قداسة ، عفوا عفوا ، يا فضيلة الأنبا ، عفوا عفوا عفوا ، يا فضيلة المرشد . رد المرشد وهو يلوي شفتيه اشمئناطا : كيف هذا يا هذا ؟! . رددت عليه : بدلا من أن تقوم بتعيين رؤساء تحرير للصحف ، ووزير إعلام ، استغني عن خدمات كل هؤلاء، لا حاجة لك يا فضيلتك بهم ، ولكن أنصحك أن تذهب إلى كلية البوليس . المرشد : كلية البوليس ! ولما ؟ . أنا : اشتري من هناك الكلب هول ، ذلك الكلب البوليسي الخبير الذي يستطيع أن يكشف لنا أصحاب الرأي المعارض للإخوان، بمجرد شمة يا فضيلتك من أنفه السحري والمسألة سيتم حلها في ثواني، سيقوم الكلب "هول" بغرس أنيابه في قدم الصحفي أو الإعلامي المعارض ، وسيمزق جلبابه ، ويفضحه فضيحة البلكيمي الكذاب بتاع عملية التجميل ، والبرنس الكذاب بتاع مؤامرة الاغتيال ، وونيس النسوانجي . المرشد : والله فكرة جميلة ، سآمر بها الرئيس حتى يأمر بها مجلس الشورى ، ويطلب تنفيذها من رئيس الوزراء هشام قطونيل . وأخذ الإخوان بنصيحتي، وقاموا بدلا من تعيين رؤساء تحرير للصحف القومية بوضع الكلب البوليسي "هول" على باب كل جريدة ومجلة، وقام مجلس الشورى بوضع هذا القرار موضع التنفيذ، ولكن هل وافقت حارة درب المهابيل على هذه الفكرة ؟ للأسف فإن أهلي وعشيرتي في درب المهابيل الذين يجلسون في الليالي الرمضانية وهم يرتدون بوكسرات القطونيل ، توفيرا للكهرباء وفقا لنصيحة رئيس الوزراء ، لم يبلعوا حكاية الكلب "هول" هذه ، خاصة انه وصلهم أن شباب الإخوان قرروا أن يأخذوا حقهم بأيديهم فقاموا بالتعدي بالضرب على الصحفي خالد صلاح وحطموا سيارته لا لشيء إلا لأنه لم يتحمس بما فيه الكفاية في الدفاع عنهم ، فخرج أهل الحارة وهم يهتفون ضدي باعتباري صاحب فكرة الكلب "هول"، وضد الإخوان لأنهم أصدروا قرارا بتشكيل ميليشيات مسلحة لضرب وتأديب أي صحفي ينتقد الإخوان ، ولكن هوجة درب المهابيل لم تؤت ثمارها، فالفوضى تضرب أطنابها في كل البلد، ونحن في زمن الطوفان الذي يقول لنا المثل عنه إنه " إذا جاءك الطوفان حط ابنك تحت رجليك " . المهم أن الكلب "هول" الواقف على باب الصحف والمجلات القومية قام بدوره خير قيام، فكل يوم يقوم بعض أحد الكتاب والصحفيين عضة لا يزول مكانها ابدا . فهذه هي الكاتبة الأديبة عبلة الرويني ، تقترب رويدا رويدا من مؤسسة أخبار اليوم التي كانت رئيسة تحرير لإحدى إصداراتها وهي تحمل في يدها مقالة رأي بريئة ، فإذا برجل الأمن الواقف على باب المؤسسة يقترب منها وهو يمسك بحبل يتدلى من رقبة الكلب "هول" ، يقوم الكلب "هول" بشم رأس الكاتبة فيعوي عواءً يثير ريبة رجل الأمن، فتفزع عبلة الرويني، وعلى حين غرة يطبق الكلب "هول" فمه على المقالة التي كانت في يد هذه الكاتبة ، ويمزقها تمزيقا المقالة لا الكاتبة فيجتمع كل رجال أمن المؤسسة على الورق الممزق ، والكاتبة الملقاة على قارعة الطريق ، والحمد لله ، لقد نجا الإخوان من كيد هذه الكاتبة وخطل رأيها ، فقد كانت لعنة الله على رأيها قد كتبت كلمات تخالف شرع الله ، كانت هذه الكلمات هي " أخونة المؤسسات الصحفية " ولكن الكلب "هول" أفشل كيدها ولا يفلح كاتب الرأي حيث أتى . وبنفس النجاح منقطع النظير قام الكلب "هول" بضبط " نصف كلمة " نعم نصف كلمة ، حتى ولو كانت ربع كلمة فإن الكلب "هول" مدرب على ضبطها ، ونصف الكلمة هذه كانت من الكاتب الكبير أحمد رجب ، فهبش فيها الكلب وكأنها عضمة وأخذها يلوكها في فمة ولعابه يسيل من فرط النشوة والفرحة والجوع ، مال أحمد رجب والكتابة أصلا ، ولماذا يعبر عن رأيه ؟ ألا لعنة الله على الكاتبين ، لقد بدأ أحمد رجب الكتابة على أساس أنه سيكتب مقالة كبيرة فطلب منه الكاتب الكبير مصطفى أمين أن يختصر المقال ، فظل يختصره إلى أن أصبح نصف كلمة ، وقد كان هذا اكتشافا مدهشا من مصطفى وعلي أمين ، والآن الإخوان يواصلون اكتشاف أحمد رجب بعد هذا العمر الطويل في الكتابة ، فطلبوا منه أن يختصر المقالة " نصف كلمة " فاختصرها ببراعة ، فأصبحت " ولا كلمة " . وعلى أبواب قنوات التليفزيون المصري يقف الكلب "هول" ايضا ليضبط اي صاحب رأي تسول له نفسه انتقاد الإخوان وبالتالي اصبح الإخوان في غير حاجة إلى وزير إعلام أو رؤساء تحرير، فلماذا نكلف ميزانية الدولة والكلب "هول" هو الحل ، ولكن هل كانت نهايتي أنا أبو يكح الجوسقي سعيدة مثل كل نهايات الأفلام المصرية ؟ لا تنسوا أنني صاحب اقتراح الكلب "هول" ، ولكن حدث لي ما لا يحمد عقباه ، فبينما كنت أسير بجوار إحدى المؤسسات الصحفية وجدت الكلب "هول" قد أفلت من رجل الأمن وهجم على طفل صغير يكاد يفتك به ، فعدوت ما وسعني الجهد ودخلت في صراع مع الكلب "هول" حتى استطعت أن أقتله ، نعم قتلته ، فاقترب مني بعض الصحفيين من الإخوان وكان على رأسهم رئيس التحرير الإخواني النزعة وهم يبدون فرحتهم لإنقاذي حياة الطفل ، قال رئيس التحرير : أنت رجل شجاع ، سأنشر غدا " رجل إخواني شجاع يقتل كلبا مسعورا لينقذ طفلا بريئا " . فقلت له : الحمد لله ، ولكنني لست إخوانيا . قال رئيس التحرير: لا ضير في هذا ، سأقول " رجل يحب الإخوان لكنه ليس منهم يقتل كلبا مسعورا لينقذ طفلا بريئا " . قلت : ولكنني لست محبا للإخوان ، أنا ليبرالي . وفي اليوم التالي نشرت الصحيفة : ليبرالي متطرف من الفلول يتبع توفيق عكاشة ومن أنصار أحمد شفيق ومتظاهري المنصة يقتل كلبا بريئا .