بعد أن استقال كل مستشاري الرئيس من مناصبهم، وبعد أن عقد الدكتور خالد أبو علم مؤتمرا صحفيا في ليلة بكى فيها القمر أعرب فيه عن أسفه وحزنه من تصرفات الرئاسة الإخوانية التي قررت ذات يوم أن تنفض يدها من حزب النور والحركة السلفية، وبعد أن أدرك السلفيون أو قطاع كبير منهم أن الإخوان يستعملون الناس ثم يلقون بهم بعد ذلك في أول سلة مهملات، وبعد أن بدأ أيمن نور في القيام بدور " المحلل " للإخوان المسلمين ليطيب لهم بعد ذلك الاستقرار في حكم مصر "بما لا يخالف شرع الله" ولا شرع أمريكا وإسرائيل والدول المتقدمة، بعد هذا كله قررت مؤسسة الرئاسة إن كانت للرئاسة مؤسسة جدلا قررت أن تلجأ إلى الحرافيش، إلى الشعب البسيط الغلبان كي تجعل من أحد رموزه مستشارا حرفوشيا للرئاسة بدلا من هؤلاء السلفيين «اللكع» والليبراليين الكفار، والعلمانيين الملاحدة، والناصريين المشركين، وتكمن أهمية الحرافيش في أنهم مستهدفون من تلك الجماعة الربانية من أجل إدخالهم للإسلام، ومن ثم إدخالهم الجنة، ألم يعدهم الرئيس الإخواني بإعادة الفتح الإسلامي لمصر مرة أخرى بعد أن لاحظ هو وجماعته أن الحرافيش يسجدون لأبي الهول ويركعون لتمثال رمسيس الثاني ويطوفون حول الأهرام في عيد شم النسيم !. كانت خطة الإخوان في إدخال الحرافيش إلى الجنة تقوم على عنصر رئيسي هو قتلهم في المظاهرات وبذلك يضمن الحرفوش أنه سيموت شهيدا، وكذلك قتلهم من الجوع وفي بلاعات الصرف الصحي وحوادث القطارات وانهيار العمارات وهذه أيضا مرتبة من مراتب الشهادة، ولأنني أنا أبو يكح الجوسقي الحرفوش الأكبر في حارة درب المهابيل، ولأنني في المرة الماضية تحدثت مع الرئيس حديثا وجد صدى في نفسه حيث جعلته أفضل من كل رؤساء العالم وأشجع من الأنبياء، فقد قرر الرئيس أن أكون أنا بعون الله وحده مستشاره الرئيسي . كانت شروطي لشغل هذه الوظيفة بسيطة ولكنها حاسمة قاطعة حيث طلبت من الرئيس أن أصطحب في القصر الجمهوري أصحابي من أهل حارة درب المهابيل، كما طلبت منه أن يوافق على إنشاء " حانة " في القصر شبيهة بحانة الحارة كي أستطيع أنا وأصدقائي أن نحتسي فيها شراب الجعة الذي يجعل لساني طلقا منطلقا وأفكاري غريبة ومدهشة، وبالفعل وافق الرئيس على طلباتي وأصبحت حانة درب المهابيل أحد أقسام الرئاسة وأطلقنا عليها " حانة المهابيل لجماعة المساطيل " . وفي اليوم الأول لاستلام العمل كتبت عشرات التقارير التي يترتب على اتباع أفكارها إصلاح الأحوال في مصر، وبعد أن أرسلت هذه التقارير للرئاسة طلب الرئيس مقابلتي لأمر مهم، فأمهلته حتى أشرب كئوس الجعة وأقداحها المترعة، وبعد أن لعب المشروب في رأسي أخذت الأفكار تتطاير من عقلي تطاير الشرر من النار الموقدة، وعندما وجدت نفسي صالحا لإبداء الرأي والمشورة اصطحبت نفرا من أهل الحارة وذهبنا جميعا لمكتب الرئيس الكائن في المقطم " إذ أنني بمثابة عملي اكتشفت أن الرئيس الذي يحكمنا هو الكائن الإخواني الكائن مقره بمكتب إرشادهم بالمقطم " . وفي مقر مكتب الإرشاد باغتني الرئيس الإخواني قائلا : هل تظن أن لكلامك صدى أو قيمة، ما هذه الترهات التي كتبتها في تقاريرك، أنا لا أظن إلا أن ما تكتبه معاداً من قولنا مكروراً، ليس من ورائه طائل، فبصراحة شديدة ما جدوى أيها المستشارون هذا العبث الذى تصدّعون به الأدمغة ؟ وما قيمة هذه الهرطقة التي تفعلونها ليل نهار ؟ دعكم من تلك الترهات وتعال معي لتضع لنا رؤية واضحة تساعدنا في تأسيس دولة (جمهوكية مصروفكو الديكتاقراطية ) . تعجبت من كلامه فسألته : وما جمهوكية مصروفكو الديكتاقراطية ؟ قال الرئيس مندهشا : ألا تعرفها ؟! جمهوكية مصروفكو هذه كانت منذ زمن ما من الأزمنة تسمى دولة مصر، ونحن نريد وفقا لمخططاتنا النهضوية تحويل هذه الدولة إلى مجرد مصروف شهري يتم توزيعه على الأعزاء والأحباب من جماعتنا المباركة " جماعة الإخوان الربانية " ولأنها دولة ذات حجم عائلي ( فاميلي سايز ) لذلك فإننا نريدها دولة مملوكة ملكية خاصة للجماعة، ومن ثم نريد أفكارك النيرة التي تنضح بها بعد شرب الجعة، نريدك أن تضع فلسفة هذه الدولة التي ستجمع بين الملكية والجمهورية، وبين الديكتاتورية والديمقراطية، وكيف ستصبح عن طريقنا ( جمهوكية مصروفكو جروب فاميلي سايز وشركاه ) . قلت له : هذه والله فكرة نيرة وأنا أرى أن تستعين في ذلك بشخصية ليبرالية علمانية تساعدك وتساعد الجماعة المباركة على تنفيذ هذه الخطة، وأنا أرشح لكم أيمن نور فهو لبيب واللبيب بالإشارة الأمريكية يفهم . استحسن الرئيس المقترح ثم كتبت له تصورا كاملا يساعدنا على تحقيق هذه الفكرة، فكرة أن تصبح مصر دولة مختلطة مملوكة للإخوان، وكانت كلمتي البليغة التي آمن بها الرئيس هي " الإسجان هو الحل " أما ما هو الإسجان فهذا ما ستعرفونه بعد قليل. وبدأت الجماعة المباركة في تنفيذ الخطة الميمونة، وهاأنذا أنقل ما حدث لكم بالحرف الواحد دون زيادة أو نقصان ما حدث في بر مصر عندما تحكم الإخوان وحولوها إلى ملكية جمهورية ديمقراطية ديكتاتورية . فذات ليلة عامرية عقد قيس الشهير بأيمن نور العلماني وهو مصدر (مسطول) بجمهوكية مصروفكو مؤتمرا صحفيا حيث جلس على مكتبه الفاخر الذى تم استيراده من إيطاليا ثم شد أنفاساً من سيجاره الكوبى الفخيم الذى أشعله بولاعته الإنجليزية ثم قام بترتيب قميصه الفرنسى الذى ارتدى فوقه ذلك "البالطو" الروسى، وبعد أن ألقى نظرة اطمئنان على حذائه الإيطالى أمسك بالميكروفون الياباني وهو يقول بكل فخر وزهو : الشالوم عليكم، واستطرد الرجل متحدثا عن مستقبل مصروفكو المشرق وعن الأمن المستتب بها، وكان حديثه بطبيعة الحال بلغة عربية ذات لكنة أمريكية حيث تلقى تعليمه الأولي منذ "كجى وان" فى مدارس كاليفورنيا، وفي ختام المؤتمر بشرنا المصدر المسطول قائلا : اطمئنوا فقد تم إعداد خطة خمسية لتوفير زنزانة لكل مواطن . وعلى الفور قامت وزارة الخارجية باستخدام جميع ( الطرق الطبلوماسية ) فأوفدت المبعوثين والسفراء إلى جميع أنحاء المعمورة للحصول على معونات دولية تكفل إقامة زنازين تكفي كل المواطنين، وتنفيذا للخطة الخمسية قامت وزارة الداخلية عن طريق وزيرها الإخواني بالقبض على ما تبقى من الشعب المصروفكي الذي أبدى ابتهاجه بهذه المنحة ( ضع حرف النون في المكان الذي تحب ) . وتأكيدا لذلك خرجت قناة 25 الإخوامريكية ومعها الصحف (النافقة) بلسان الحاكم الإخواني تشيد بهذا القرار الحكيم وتحض الوزارات على سرعة تنفيذ الخطة الخمسية لبناء الزنازين، فقامت وزارة "الإسجان" الإسكان سابقا بتوزيع السجون على المدن العمرانية الجديدة، واشترطت دخول المواطن في القرعة للحصول على زنزانته، وبسرعة البرق ظهر السماسرة الإخوانجية من أتباع خيرت الشاطر وحسن مالك وهم يتوسطون في توفير الزنزانة المناسبة، وإذا بالإعلانات تغزو الصحف من كل صوب وحدب عن طريق وكالات الإعلانات للصحف الحكومية التي أصبحت طوع بنان الإخوان، فهذا إعلان تهنئة يقول فيه صاحبه (ابني الحبيب مظلوم الثوري أهنئك من كل قلبي لحصولك على زنزانتك الأثيرة وعقبال زنزانة شقيقك الصغير ) وهذا إعلان تقرأ فيه ( زنزانة على المحارة بوسط البلد في موقع متميز بجوار لاظوغلي الوسطاء يمتنعون ) وهذا إعلان من شركة مقاولات في صحيفة كبيرة بمساحة الصفحة الأخيرة مكتوب فيه ( مدينة سجنية تقع على الساحل الشمالي تسهيلات في الحبس على ثلاثين سنة ) وهذه شركة سلفية منافسة تحطم الاسعار والعظام وتعلن للسادة المساجين إنه ( من حقك أن تختار وسيلة التعذيب التي سيتم تعذيبك بها .. نحن نوفر لك زنزانة سوبر لوكس .. الفلكة والعروسة هدية من الشركة ) وهناك شركات إخوانجية أعلنت عن ( أطلب زنزانة حجم عائلي تستلم ثلاث هدية من الحجم المتوسط ) . أما مرشد جماعة الإخوان الربانية والذي يتحكم في مقاليد الأمور في دولة "مصروفكو جروب فاميلي سايزوشركاه " فيقال إنه يعشق لعبة "المحبوسة" فى الطاولة، ودائماً وأبداً ما يجلس وحده ليشاهد فيلم "حب فى الزنزانة" وفيلم "سجين زندا" كما أنه متابع دائم لبرنامج "من وراء القضبان" وبرنامج "خلف الأسوار" فى التليفزيون المصروفكي، وعندما كان هذا المرشد فى شبابه الأول ساهم فى إنتاج فيلم "30 يوم فى السجن" أما أكثر الأفلام التي يكرهها فهو فيلم ( الهروب الكبير ) ! وقد شوهد هذا المرشد الإخواني وهو يغني أغنية ( سجنوني وباين في عينيهم ) وأغنية ( ماقدرش اخالفك لأني عارفك تقدر تحط الحديد في إيدي ) وكانت دموع الفرحة آنذاك تلمع في عينيه من فرط النشوة . ويبدو أن هذا المرشد وهو كما تعلمون من أصحاب الكلمة النافذة نافذة بقضبان طبعا بحث عن حل سحرى لحل أزمة الإسكان فوضع خطة خمسية عبقرية تقوم فى شقها الأول على بناء زنزانة لكل مواطن، وتقوم فى شقها الثانى على حبس كل مواطن في زنزانته تحت سياسة توصيل الزنازين إلى المواطنين ديلفري الأمر الذى يترتب عليه بلا ريب حل مشاكل الإسكان بالنسبة لكل من ينتمى إلى جنس الشعب المصروفكي المنقرض على يديهه. أما العجيب فإنه لم يدر في ظن أي أحد من المسئولين الإخوانجية في دولة (مصروفكو) أنه من الممكن بقدرة الله أن يتغير اسمها مرة ثانية ليصبح ( مصرعكو ) .