المادة 33 من قانون الإرهاب تمنح الإعلام الأجنبى المغرض قبلة الحياة المواد 26 و27 و29 و37 يمكن استخدامها أيضًا للنيل من حرية الصحافة في كتابه "أفكار ضد الرصاص" قال الكاتب الصحفى الراحل محمود عوض:السلطة في المجتمع العربي كانت لها دائمًا مقاييسها الخاصة التي تخفيها دائمًا وتعلنها أحيانًا.. إنها تعتبر أن الخوف صبر.. والجمود عقل.. والتطور جنون.. والتجديد إلحاد.. والحرية كفر.. والتفكير جريمة.. والضعف نعمة.. والجبن قيمة.. والشجاعة رذيلة.. والصمت حكمة.. والجهل فضيلة.. والتمرد زندقة.. والاختلاف خيانة.. والظلام نور.. والظلم عدل.. والطغيان قوة.. والإرهاب قانون.. والحاكم إله.. والمرأة حيوان.. والشعب عبيد.. التاريخ أسطورة.. والماضي مقدس.. والحاضر مقبول.. والمستقبل ملعون. وفى سياق ما سبق.. لا بد أن نتساءل.. هل لدى نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي ما يمكن أن يطلق عليه "ساحات فارغة".. هل يجب أن يوضع كل من يحمل كارنيه نقابة الصحفيين، أو يعمل في المهنة بشكل عام في خانة "أعداء الوطن"؟.. وقبل هذا وذاك.. هل قدمت الأجهزة المعنية بالأمر المعلومات الحقيقية والكاشفة للوضع الراهن، وخرج على الجانب الآخر من يردد الأكاذيب وينشرها؟.. ثلاثة أسئلة لو هناك من يمتلك الإجابة عنها، وقتها، سيكون في إمكان الجميع الخروج من مأزق "التخوين".. أزمة التهديد.. وسيناريو "من ليس معى إذن بالتأكيد هو ضدي". الواقع الراهن يؤكد، أن الجسد المصرى لا يقوى على تحمل طعنات أخرى، القاهرة لا تتحمل ضربات جديدة.. لا يمتلك رفاهية الحرب على أكثر من جبهة، وإن كان يمتلكها، ف"الوقت لا يسمح".. فالموسم الدرامى السياسي ممتلئ عن آخره بكل أصناف الدراما.. العنف متواجد وبكثرة.. الشاشة تكاد تنفجر من مسلسلات "المؤامرات".. الصفقات هي الأخرى وجدت لها حيزا في "جدول العرض".. لكن يبقى العمل الدرامى السياسي الأهم، خارج "نطاق العرض".. ألا وهو الوطن. الصحافة لا تريد "جر شكل" أحد.. لم يقف أعضاؤها في شارع "عبد الخالق ثروت"، حيث مقر نقابتهم، ليعلونها "إمارة صحفية مستقلة"، ولم تحاول أي صحيفة مصرية أن تكون طرفا في معادلة "هدم الوطن".. الحكاية باختصار "سوء إدارة" وإن شئنا الدقة، يجب أن توصف ب"سوء فهم".. فلا الصحفيون يريدون أن تكون على رأسهم ريشة، ولا التاريخ يحمل بين صفحاته حالة واحدة لنظام سياسي استطاع أن يصيب وسائل إعلامه ب"الخرس التام"، فدائما هناك مخرج... نافذة لم تصل إليها أيدي مستشاري السوء، أحسن استغلالها ل"لصالح الوطن" من يطلق عليهم "الجورنالجية". الأنظمة السياسية المصرية المتعاقبة دخلت في أزمات طاحنة ومعارك شرسة مع الصحفيين، الذكريات تؤكد أن الفوز كان من نصيب تلك الأنظمة في أحيان عدة، لكن التاريخ ما زال يذكر أيضا أن "الصحفيين" كانوا دائما في مقدمة "طابور الوطنية"، خسروا جولات عدة لكنهم في النهاية فازوا بكل المعارك، قالوا، في لحظة خوف انتابت الجميع "للغولة.. عينك حمرا"، وعندما تتقن تلك الأنظمة عملها، تكون "صاحبة الجلالة" في مقدمة من يشدون على يديها، يقدمون لها كل فروض الولاء والطاعة "على سنة الوطن". فور اعتراض الجماعة الصحفية على بعض مواد مشروع قانون مكافحة الإرهاب انطلقت حملة محمومة على مواقع التواصل الاجتماعى شارك في إشعال نيرانها شخصيات محسوبة على نظام مبارك، بل إن بعضهم جزء لا يتجزأ من فساد المخلوع، وذلك كله تحت شعار "هل الصحفيون على رأسهم ريشة؟". تصور البعض أن المعركة التي تخوضها الجماعة الصحفية هي معركة من أجل الصحفيين، وخلط آخرون بين رفض الصحفيين بعض مواد القانون "خاصة المادة 33" وبين فكرة رفض مشروع القانون كله، في حين أكد اجتماع مجلس نقابة الصحفيين ورؤساء التحرير تأييدهم الكامل معركة الشرف التي تخوضها القوات المسلحة والشرطة ضد كل من تسول له نفسه النيل من مصر. وأكد البيان الصادر عن الاجتماع أن رفض المادة 33 من المشروع يأتى دفاعًا عن ثورتى 25 يناير و30 يونيو، إذ تنص هذه المادة على عكس ما جاءت به تضحيات الشعب المصرى "تنص المادة على: يعاقب بالحبس الذي تقل مدته عن سنتين كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية في هذا الشأن". وقد رأت الجماعة الصحفية أن تطبيق هذه المادة يأتى في صالح القنوات الفضائية المغرضة، إذ أن منع الإعلام الوطنى من التغطية الصحفية المباشرة يمنح الإعلام الأجنبى المغرض قبلة الحياة ويدفع الرأى العام المصرى لاستقاء معلوماته من قنوات مغرضة إضافة إلى أن إقرار عقوبة الحبس في قضايا النشر من شأنه الإضرار بسمعة مصر دوليًا، خاصة أن الصحفيين أعلنوا أنهم يرفضون المادة جملة وتفصيلًا. ورغم أنه ثبت أن المادة 33 لم تكن بمسودة مشروع القانون الأصلي، وأنها أقحمت على المشروع بقصد خلق هوة بين النظام وبين الصحافة فإن جهات عدة قدمت اعتراضات على عدة مواد أخرى رأت أنها تنتقص من الهامش الديمقراطى الذي حققه الشعب المصرى وضحى من أجله. تبقى هناك مواد أخرى مفخخة ضد حرية الصحافة التي تعد إحدى أهم أدوات الشعب في الحصول على معلوماته مثل المواد 26 و27 و29 37، وكلها يمكن استخدامها للنيل من حرية الصحافة التي كانت خط الدفاع الشعبى الأول في ثورتين أسقطتا نظامًا فاسدًا وآخر مستبدًا.