هى لم تكن أزمة محتدة أو صراعا ضاريا بين الحكومة وبيننا نحن الصحفيين مُمَثَّلين فى نقابتنا حول المادة (33) من قانون مكافحة الإرهاب الذى أعدته الحكومة.. بقدر ما كان إصرارًا من جانب جموع الصحفيين من خلال الرفض العاقل والمتزن والموضوعى للمادة (33) التى تعاقب بالحبس ولكونها مخالفة تماما لمواد دستور 2014 وتتعارض مع مبدأ الحريات التى حاربت النقابة مع جموع الصحفيين عقودا طويلة من أجل الحصول عليه حقا مكتسبا لا جدال فيه.. وهو ما دعا المستشار أحمد الزند وزير العدل إلى التصريح المحترم الصادر منه حيث قال: «إنه كان من الواجب أخذ رأى نقابة الصحفيين أولا قبل الانتهاء من القانون».. وإن كان ذلك لم يحدث فإن دعوة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب لمجلس نقابة الصحفيين ورؤساء التحرير وسط أجواء ودية وإيجابية لمناقشة الأمر قد حسم كل الخلاف وأعاد للجماعة الصحفية حقها فى ضرورة التزام الحكومة بمواد الدستور التى ألغت عقوبة الحبس للصحفيين.. وكانت هذه الدعوة والحوار الودى بين الحكومة والصحفيين نجاحا للحكومة فى احتواء الأزمة وانتصارا للصحفيين فى الدفاع عن حرياتهم.وفي حقيقة الأمر يجب أن يعرف الجميع القاصى والدانى.. أن صحفيى مصر حريصون دائمًا على الأمن القومى لهذا الوطن ولا يجب الطعن من أى أحد على ذلك، فالمعارك الصحفية المُشرّفة التى خاضها جموع الصحفيين من خلال نقابتهم للحفاظ على أمن واستقرار هذا الوطن واضحة وجلية.. فلا يجب المزايدة على هذا الأمر بأى حال من الأحوال.. فتاريخ العمل النقابى وارتباطه بالسياسة قد أثبت ذلك على مدار عقود كثيرة ومن خلال وقوف الجماعة الصحفية وكونها ظهيرًا واضحًا يحمى مكتسبات الوطن ويدافع عن أمنه واستقراره وكون الأمر قد حدث فيه على مدار العقود الزمنية من تاريخ النقابة والجماعة الصحفية انفلاتا هنا أو هناك.. فيعلم الجميع أن الجماعة الصحفية ممثلة فى نقابتها وجمعياتها العمومية ترفض وتستنكر ذلك دائما وأبدا، وترفض خروج أى أحد من أعضائها عن «النص» السياسى الوطنى الذى يحقق استقرار الوطن وأمنه القومى وسلامته.. qqq إن التضامن الذى شهدته الساحة السياسية من الجماعة الصحفية منذ الإعلان عن مواد قانون الإرهاب الجديد من جانب الحكومة وظهور المادة (33) التى تعاقب بالحبس.. له كل التقدير وأوضح مدى مصداقية مجلس النقابة الجديد ومن خلال النقيب «يحيى قلاش» فى الدفاع عن حقوق ومكتسبات الجماعة الصحفية.. فقد رفضت النقابة رفضا مطلقا المادة (33) من مشروع قانون مكافحة الإرهاب واعترضت على النص واعتبرته يضع على الصحافة وحريتها أغلالا جديدة.. ويعيد من جديد القيود التى ناضلت الجماعة الصحفية لإلغائها عبر عقود من تاريخها حتى يتم تتويج هذا النضال فى دستور 2014. وإن ما نتج عنه من إعلان بعد الاجتماع الأول الذى دعا إليه يحيى قلاش لبحث التهديد الذى تضمنته المادة (33) من قانون مكافحة الإرهاب لحرية الصحافة قد جاء واضحا وحاسما حيث أكد: أنه ليس هناك مجال للاعتراض على سن تشريع عصرى يستطيع مجابهة الموجة الجديدة من الإرهاب بكل حسم وحزم.. إلا أن مجلس النقابة الذى حمّلته الجماعة الصحفية شرف مسئولية وأمانة الدفاع عن مصالحها وصون حرية واستقلال الصحافة يؤكد أنه سيقف بكل حسم وحزم أيضا فى مواجهة أى مواد مدسوسة تنال من تلك الحرية التى ناضلت أجيال متعاقبة من الصحفيين من أجل الحصول عليها وتوج هذا النضال من خلال الدستور الحالى للبلاد الذى ألغى الحبس فى قضايا النشر.. qqq لقد جاء الإعلان الصادر عن الاجتماع المهم لمجلس نقابة الصحفيين حول أزمة مشروع قانون الإرهاب الجديد مستوجبا لأن تقوم الحكومة ممثلة فى رئيس وزرائها المهندس إبراهيم محلب بإعادة القراءة المتأنية فيما جاء به، وأعتقد أن التفهم الحقيقى من الحكومة لمطالب الصحفيين قد جاء بعد القراءة المتأنية لهذا الإعلان والذى أكد فيه مجلس نقابة الصحفيين لافتا النظر على المخالفة الدستورية الصريحة التى وقع فيها مشروع القانون الجديد بعدم أخذ رأى النقابة فى المواد التى تخص الصحافة وفقا لنص المادة (77) من الدستور وكذلك مخالفة مشروع القانون المطروح لنصوص قانون تنظيم الصحافة الحالى الذى يوجب على المشرع طلب رأى المجلس الأعلى للصحافة.. كذلك ما أبداه مجلس النقابة من الدهشة والاستغراب من أن مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذى نص فى تحديده للعمل الإرهابى على أن تعطيل أى من مواد الدستور يعد عملًا إرهابيًا فإن المشروع فى الوقت نفسه قد اعتدى وعطل أحكام الدستور تعطيلًا صريحًا فى المادة (33) من المشروع بما يُشكل اعتداءً صارخًا وصريحًا على الدستور وتعطيل أحكامه بما يستوجب مساءلة من وضعها باعتباره قد ارتكب عملا إرهابيا!!. qqq كذلك جاء ما أعلنته اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية وعلى رأسها الأستاذ جلال عارف رئيس المجلس الأعلى للصحافة داعمًا بكل الوضوح بيان نقابة الصحفيين حيث أكدت اللجنة أنها فوجئت وهى بصدد الانتهاء من صياغة بعض القوانين الخاصة بالصحافة والإعلام بوجود بعض مواد قانون «الإرهاب» الجديد التى تُكبل حرية الصحافة والإعلام وتعيد عقوبة الحبس فى قضايا النشر والبث وبالمخالفة لمواد الدستور المصرى خاصة المادة (71) من خلال نصوص صريحة وعبارات مطاطة تهدد بملاحقة الصحفيين والإعلاميين فى وقت ألغيت فيه المواد السالبة للحرية فى أغلب دول العالم حتى حديثة الديمقراطية منها، وقد دعت اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية إلى تعديل تلك المواد المُكبّلة للصحف ووسائل الإعلام وإلغاء المادة (33) فى مشروع مكافحة الإرهاب والتى تفترض أن النشر بالمخالفة للبيانات الرسمية جريمة عمدية يستحق مرتكبها عقوبة الحبس لمدة عامين.. qqq ولا شك أن اللقاء الذى عقد بين رئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب ونقيب الصحفيين يحيى قلاش ومجلس النقابة ورؤساء تحرير الصحف وحضره المستشار أحمد الزند وزير العدل قد جاء إعلاءً وتقديرًا لدور الصحافة كظهير رئيسى لهذا الوطن وكما جاء على لسان رئيس الوزراء فى الاجتماع: «الصحفيون الأعلى صوتا فى الدفاع عن الوطن ولا يمكن المساس بهم». واختتم حديثه بالقول: «أقسم بالله ماحد هايعرف يفرقنا».. فى رسالة واضحة لكل المزايدين حيث جاء الإعلان الصادر عن الاجتماع أنه تم الاتفاق على 3 بدائل لإنهاء الأزمة تدرسها الحكومة لتنفيذ أحدها. ??? وأجدنى متفقا وأضم صوتى لما قاله الزميل «يحيى قلاش» نقيب الصحفيين عن عدم جواز ترويع الصحافة والإعلام بما يتسبب فى ارتعاشها وأن نترك بذلك الساحة للإعلام المغرض يعيث فيها فسادًا.. وفى نهاية ما سردته حول أزمة المادة (33) أؤكد أننا «جموع الصحفيين» نحتاج إلى التماسك فى جبهة موحدة، فنحن «الجماعة الصحفية» جنود أيضا على جبهة المعركة فى مواجهة الإرهاب، ولا أحد يملك المزايدة على مواقفنا النضالية من أجل الوطن عاشت مصر.. وعاشت وحدة الصحفيين.