قبيصي وكيلا لوزارة الأوقاف في الإسكندرية    هانئ حسين مباشر يكتب: ومن قال إننا إنتصرنا    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    خاص| وزير الإسكان العُماني: نستثمر في الإسكان المستدام لمواجهة التغيرات المناخية لمدة قرن    «العكاري» عن تأخر رد الاحتلال على إيران: «أول مرة يواجه دولة ذات سيادة»    ماكرون: فرنسا تبذل كل ما في وسعها للتوصل لوقف إطلاق النار بغزة    اللواء محمد عبد المنعم: 25 ملايين سوداني دخلوا دائرة الفقر من أصل 48    موعد انضمام صلاح ومرموش لتدريبات منتخب مصر استعدادا لموريتانيا في تصفيات الكان    المنتخب التونسي يبدأ معسكرًا تدريبيًا استعدادًا لمباراته أمام جزر القمر    إصابة واستبعاد بعد إهدار ركلة جزاء أمام ميلان.. حظ مويس كين في 24 ساعة    مشهد سينمائي على أرض الواقع.. ماذا حدث في «شقة بنها»؟    شروع في ذبح شخص يشعل مشاجرة بعين شمس    غداً.. محاكمة «هاكرز» بالنصب على المواطنين بقصر النيل    طلاق إلهام عبد البديع ووليد سامي    هنا الزاهد وسلمى أبوضيف وإنجي كيوان تجتمعن في أبو ظبي .. ما القصة؟    إلهام شاهين ترد على جدل تصريحاتها حول القضية الفلسطينية: قلبي موجوع    هل يجوز تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الأزهر دائماً يدعم السلام المبني على القوة    273 ألف حالة استقبلتها العيادات الخارجية بمستشفيات الدقهلية خلال شهر    الغموض والإثارة يسيطران على برومو "عنها" ل أحمد مالك    إطلاق معسكرات تدريبية ورياضية لمتطوعي حياة كريمة في 3 محافظات    الاحتلال الإسرائيلي يستعد لتنفيذ عملية برية جديدة في لبنان    حقيقة المرأة التي هدمت إمبراطورية صبحي كابر.. «أم محمد» تكشف تفاصيل أزمة بيع المطعم الشهير (فيديو)    توتو سبورت: إصابة زاباتا بقطع في الرباط الصليبي.. وبالوتيلي أحد المرشحين لتعويضه    3 أبراج فلكية الأكثر تعاسة في أكتوبر.. هل أنت منها؟    بالفيديو.. أحدث ظهور ل جوري بكر مع ابنها في بورسعيد    وزير الرياضة يلتقي «شباب قادرون» لاختيار مشروعات مؤتمر الاستثمار العربي    متخصص في الشأن العسكري: مصر حذرت من المساس بالسيادة الصومالية    بالأسماء.. حركة تغييرات وتجديدات بين قيادات الصحة في كفر الشيخ    طريقة عمل الكوكيز، باحترافية زي الجاهز وبأقل التكاليف    قدمت ابنتها لراغبي المتعة.. جنايات القاهرة تودع حيثيات حكمها المشدد على شريكة سفاح التجمع    خارجية أمريكا: نريد رؤية تطبيق قرار 1701 على الحدود الإسرائيلية اللبنانية    مدير صحة القليوبية يتابع العمل بالوحدات الصحية: إحالة المقصرين للتحقيق    5 مرشحين في أول أيام التقدم لانتخابات "الصحفيين" بالإسكندرية    بالزي الفرعوني.. استقبال مميز للطلبة في كلية الآثار بجامعة دمياط    وزير الصحة: انخفاض معدل الإنجاب فى 2021 من 2.8 ل2.5 مليون    وزير الصحة أمام مجلس النواب: تكليف من الرئيس السيسى بالتوسع في المدن الطبية المتكاملة    وزارة الزراعة تنفى إغلاق حديقة الزهرية بالزمالك وتؤكد: مفتوحة أمام الجمهور    الأزهر للفتوى: الإنفاق في الخير لا يشمل المال بل النية والعاطفة    «النواب» يوافق على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي    القوات الأوكرانية: وقوع إصابات بجانب المطار العسكري في ستاروكونستانتينوف    نائب محافظ كفر الشيخ يتفقد فعاليات مبادرة «بداية جديدة» بقرية الجرايدة    صحة لبنان: استشهاد 2083 شخصًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي    شمروخ: إطلاق الشريحة الإلكترونية والهوية الرقمية ومكالمات الواي فاي قبل نهاية العام    افتتاح معرض «إرادة شعب» في متحف الحضارة لتخليد ذكرى انتصارات أكتوبر    منها توطين 23 صناعة جديدة.. أهم إنجازات "ابدأ"    «الرعاية الصحية» تعلن نجاح جراحتين لزراعة القوقعة في مجمع الإسماعيلية الطبي    جامعة عين شمس تنظم احتفالية كبيرة بمناسبة الذكرى 51 لانتصارات أكتوبر    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    مرشح "الأوقاف" في مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم يُبهر المشاركين والمحكمين    انتشال جثة طفل غرق في ترعة النوبارية بالبحيرة    سيد معوض: الكرة المصرية تعاني من أزمة في الظهير الأيسر    باكستان: مقتل 3 أجانب وإصابة آخرين بانفجار قرب مطار كراتشي    "هو انت تستحق؟".. الغندور يفجر مفاجأة اعتراف إمام عاشور ل كولر    الحالة المرورية اليوم بشوارع وميادين القاهرة الكبري الإثنين 7 أكتوبر    بمستهل تعاملات الأسبوع.. سعر الذهب فى مصر يتراجع 5 جنيهات    الدكتور حسام موافي ينتقد الإسراف في حفلات الزفاف: "ستُسألون عن النعيم"    "قبل ياسمين حافظ".. 10 صور لقصة خطيبة إمام عاشور السابقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"إيروس".. قصة لمحمد علام
نشر في فيتو يوم 16 - 03 - 2013


"إيه اللى انتى عملتى ده يا أميرة؟"
سيقولها الأسمر الذى أخرجها للتو قبل أن يعيدها مرة أخرى إلى الكيس.. وسط ترصد زبائن القهوة لهما، بكل الجدية والصرامة سينفض الجملة فى وجهها وهو يتفصد عرقًا ويشعر باهتزاز المكان من حوله، وكأن زلزالًا ضرب بقلبه ضربة جابت بكل ما حولها.
"أميرة أميرة أميييررررررررة.."
لحظة دخول أخيه إلى غرفته ليسأله إن قال شيئًا، فنفى وتحت الغطاء اختفى..
"أنا خارج.. سلام".
فى الحمام، الأسمر بجانب المرحاض اتكأ ومدد القدمين البدينتين وبكى..
"بتحب فيا إيه يا محمد؟".
وأشارت بسبابتها إلى.. فقال: "بلى".
بخار الماء غطى المكان وداعب جلده السميك، على صهد المرآة كتب" لا شىء يهم"، ثم مسحها وأخذت ابتسامته الباهتة تفرِّج الشفتين الغليظتين عن أسنان مصفرة فى تناسق زجاجات الفودكا.. وبأصابعه يصفف الشعر الأسود يغطى أذنيه ويلتف بشىء من الالتفاف حول رقبته.
"بزمتك بقى عبد الحليم كان أمور زيى كده؟".
أخذت يداه تنتشران فى كل جيوبه، لا شىء سوى علكة بالعسل وولاعة قديمة، العادة التى استوطنته كلما تأهب للخروج.
"الولاعة دى جاتلى هدية من واحدة صديقتى".
بضع أوراق التقويم التى اعتاد قطفها وحشرها فى جيبه، ارتدى الجاكت الجلد السنجابى اللون.

"إنتى عبيطة يا ماما.. الجاكت ده من إلنجهام".
كتاب متوسط الحجم فى الجيب الداخلى للجاكت.
"جالى حتة طرد امبارح، تحفة، آخر ديوان لإيمان مرسال بإهداء شخصى منها".
تتحسس يده القطع الطولى فوق جيب الجاكت فيحاول أن يضم الجانبين لبعضهما ولكن لا أمل.. تتحصل أصابعه على ورقة تقويم مطوية طيات كثيرة، فى بطء فردها:
35 جنيه ل عم خالد ديوان إيمان مرسال
35 جنيه ل حسنى ولاعة + كريم شعر
50 جنيه ل طنط هناء قسط جاكت
ألقى نظرة بعدم اكتراث وأعاد الورقة إلى جيبه كما كانت.
الغرفة لها جداران يحويان السريرين والمكتب، الثالث دولاب ضخم يضم ملابسه وكتبه والأقلام والفرشات واللوحات التى تخص أخيه، والرابع هو شرفة كبيرة تطل على بيوت الشارع الضيق وحانوت أم بطرس، الشرفة التى طالما اختلى فيها بفنجان الشاى والسيجارة الكيلوباترا، والتى منها يسترق النظرات ل (مريم) الطفلة التى ينعت ثمارها باكرًا، وتقطرت أنوثتها على ثيابها بشكل مفاجئ، لأمها الحق فى أن تخبئها تحت ذراعيها وتسير خلفها كعسكرى المراقبة، لتردع كل العيون والأفواه المفتوحة لالتهامها، كان يشاهد دروس العلاقة الحميمية على يد الأستاذة (كيت ونسلت) عندما ركضت مريم بسرعة تغلق الشباك وهى عارية تمامًا خارجة من الحمام لتوها، وعندما انكفأت على وجهها عند مدخل الباب لأول مرة تلبس فيها الكعب العالى فانحسر فستانها عن ساقيها الملفوفتين والأرداف القادمة فى الطريق .
"سمارى وسمارك واحد، وقلبى وعقلك اتنين، انت يا بت هتدخلى موسوعة جينيس لأجمل مؤخرة".
فى درج المكتب ترقد ثلاث سجائر (إل إم) حصل عليها مصادفة من أحد الشباب الذين يلتصقون به فى المقاهى ليستمعوا شعره ويتعلموا منه .
" عيب كل اللى بتعمله ده يا جمال"
" عيب إيه بس يا أستاذ محمد؟ ده انت خيرك علينا برضه"
فى سره :
" ربنا يسامحك يا جمال.. يعنى أتصرف إزاى أنا دلوقت؟!".
يسير فى الشارع مواربًا فى قسماته قدر ما يستطيع الهموم التى هبطت عليه قضاء، عيناه تهرعان إلى رصيف كل حانوت أو صندوق قمامة لعله يجد ولكن لا شىء يفيد .
وسط الطريق تباطأ قليلًا.. حتى لمحها أخيرًا، منتفخة الأوداج، شامخة القوام، غلافها يعكس ضوء القمر فتنعكس فى عينيه لؤلؤة ثمينة، اتجه نحوها حذرًا من الصبى الذى شرع بجانبها فى ربط حذائه، كان بطيئًا لدرجة أثارت سخط أصدقائه المتحلقين حول الكرة ينتظرونه، وأخيرًا سيضع ثروته فى علبة فخمة تليق بها .
" خد اللبانة دى يا عسل"
يحاوطه الولد بنظرة شملته من أعلى لأسفل ثم ابتسم فى خبث وهو يقترب منه ليخطف العلكة ويجرى بعيدًا ..
"يا ابن ال.."
وتهشمت تحت قدميه ..
"أخدت اللبانة منين دى؟".
" من العجل الأسود اللى هناك"
مشيرًا إليه .. فتتعالى ضحكات الصبيان ويشرعون فى اللعب، فى سره يقول:" لا شىء يهم"، يضع يديه فى جيب الجاكت ويسير متبخترًا واضعًا إحدى السجائر خلف أذنه اليمنى والأخرى خلف اليسرى والثالثة علقها باحترافية ما بين شفتيه وهو يترنم بأبيات للحداد :
نورتى بيت الشعر يا أمورة
قالتلى ده انت اللى ولد أمور
يا طفل شايب فى قماط دمور
خد المراية
بص شوف الوسامة
" إيه اللى انتى عملتى ده يا أميرة؟".
مع صرخته لها من قلب المقهى، كان الناس يروحون ويجيئون عليه باستغراب..
" وأنا اللى كنت فاكرك مثقفة ومتحضرة زينا؟!".
" وأنا اللى كنت فاكراك متدين وغيور على دينك؟!!".
هنا قهقه بصوت عالٍ وضرب المنضدة بيده بقوة جذبت أنظار كل من فى المقهى ..
"أنا مش متدين يا أميرة .. أنا ملحد .. ومن زماااااااااااااااااان قوى".
" يا خسارة".
لفظتها فى مرارة ورحلت تاركة حجابها وقفازاتها ومعطفها وقميصها والبنطلون الجينز، وورقة بيضاء كتب لها ذات مرة "لا شىء ينفع". . وكل شىء تركته ورحلت.. لملم الأشياء داخل الكيس وأخذ يردد "لا شىء ينفع، لا شىء ينفع"، وعلق السيجارة ال(إل إم) بين شفتيه وسار فى خيلاء متجاهلًا كل العيون التى تتعلق به.
" ده اتجنن وبقى بيكلم نفسه".
"ده بقاله 3 سنين على كده".
لا شىء يهم، لا شىء ينفع، لا شىء يفيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.