وسط النيل, تنتشر الجزر المنعزلة, وتروق العزلة , فيصبح الممنوع مستباحا, وتنشط التجارة الحرام, بداية من ردم النهر الخالد, وانتهاء بتقديم اللحم الرخيص على موائد عبيد شهواتهم, و ما بين هذا وذاك, قائمة طويلة تشمل تجارة السلاح, والآثار والمخدرات..«فيتو» اقتحمت ممالك يحكمها بلطجية بدستور الدم والنار داخل محافظتي الجيزة, والقاهرة.. ورصدت بالتفاصيل ما يدور داخلها.. مع دقات الخامسة فجرا, ارتدى «محرر فيتو» ملابس تتناسب وشخصيته الجديدة , كأحد الصيادين المنتشرين بطول النهر, ليتكسبوا أرزاقهم بشرف, معتمدا على «وليد» مسجل خطر – سابقا – يطرق أبواب التوبة, كان قد تعرف عليه أثناء ثورة يناير بمنطقة طرة, ويمثل وجود وليد نوعا من الحماية , فتلك الجزر تتمتع بنظام تأميني عالي المستوى, يحول دون اقتحام الغرباء' سواء كانوا أفرادا تابعين للشرطة, أو آخرين قد يشكلون خطرا على بقاء تلك الإمبراطوريات. داخل القارب وسط جو قارص البرودة, استقل بطلا المغامرة قاربا , هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى جزيرة «عتمان» بنيل الجيزة, وبدأ وليد يتحدث ليبث الطمأنينة فى قلب رفيق الرحلة, مؤكدا انه احد أبناء العائلات الشهيرة بالجيزة, وهو الأمر الذي يمنحه جواز المرور آمنا فى مثل تلك الأماكن, فضلا عن كونه احد أفراد تلك العصابات – سابقا – التى تعمل فى تجارة المخدرات , والآثار. خلال تلك الفترة بدأ وليد يسرد بعض أسراره حول تلك الجزر, والمسيطرين عليها, فقال وهو يشير إلى إحداها : تلك الجزيرة يملكها ويسيطر عليها (ح .الخيال) و عصابته, وهناك جزيرة أخرى لصاحبها (ح . أبو دياب ) ورجاله, والفريقان يعملان فى تجارة السلاح, والآثار, والمخدرات, وهى التجارة التى توارثوها أبا عن جد, كما أنهم يقومون ببيع القيراط الواحد من أراضى طرح البحر مقابل 50 ألف جنيه . وقد حصلت فيتو على نسخة ضوئية من المحضر الإداري برقم 440 بتاريخ 9 مارس 2012 أحوال 10 الجيزة, تؤكد قيام المذكورين بردم أجزاء من نهر النيل و بيعها. الموتوسيكل هو وسيلة المواصلات الوحيدة داخل الجزيرة , لذلك اعتلى بطلا المغامرة صهوة ذلك الجواد المعدني , لترصد الكاميرا مزيجا عجيبا ومدهشا من عشش فقيرة تجاور أبراجا سكنية شاهقة و فاخرة, استطاعت مافيا ردم النهر تشييدها بدون تراخيص, استغلالا لانشغال الداخلية بعد ثورة يناير.. القائمة السوداء قائمة الذين استولوا على تلك الأراضي تضم العديد من الأسماء, منها : السيدة «نعمة .د» و «الشيخ .ه» و اللواء «ر.م» و السيدة «ث» بمجلس المدينة, والشقيقان «ح و م . ع» , قاموا بردم مساحات شاسعة من النيل وحولوها إلى أبراج سكنية داخل النهر, والمثير أن بطريركية الأرمن الكاثوليك تضع يدها على 45 فدانا من تلك الأراضي المستقطعة من النيل. مرة أخرى يعاود كاتب السطور والوسيط رحلتهما عبر القارب الصغير, والتظاهر بالقيام بالصيد, ليتم رصد عدد من القوارب, وهى تدور فى النهر, و تتنقل من عشة لأخرى لتوزيع "البضاعة" وهى لفافات من البانجو, و طرب الحشيش المعدة للبيع جملة , بينما يتراص عدد لا بأس به من الناضورجية يرقبون الموقف, و يحملون أسلحة نارية, لا مانع من استخدامها كنوع من التذكرة بين الحين والآخر, لمن تسول له نفسه الاقتراب من إمبراطورياتهم الخاصة , فالموت ساعتها سيكون الثمن! إمبراطور الجزيرة مرت ساعة, أو ما يزيد قليلا, وهنا توقف القارب على شاطئ الجزيرة, فترجل منها الرجلان , ليتقدم «وليد» بخطى ثابتة نحو شخص يتوسط مجموعة من الأسلحة الآلية , ليتعانقا ويتبادلا كلمات الترحيب, فيما لم يسأل إمبراطور الجزيرة عن شخصية رفيق «وليد» بل قدم واجب الضيافة من شاي تبعه غداء سريع, ثم راح الرجل يعرض على وليد ترسانة الأسلحة, مؤكدا أنها «بضاعة» نمرة واحد , على أبوها – بحسب تعبيره – وارد ليبيا. صوت و صورة فترة قصيرة انتهى فيها الوسيط والتاجر من «الفرجة» على الأسلحة, ليخرج التاجر من جيبه هاتفا محمولا معبأ بعشرات من مقاطع الفيديو التى تحوى لقطات وأفلام قصيرة لمختلف صنوف السلاح, وأخرى لقطع آثار أصلية وأخرى مقلدة , للبيع والنصب حسب نوعية الزبون. بحجة عرضها على مشترين يعرفهم, طلب الوسيط من التاجر أن يرسل له تلك المقاطع عبر البلوتوث, وهو ما مكن محرر فيتو من الحصول على تلك الفيديوهات التى توثق تلك الجريمة. قليل من الوقت مر, قبل أن يصطحب التاجر ضيفيه فى رحلة داخل الجزيرة , ليمروا على مساحات يكسوها اللون الأخضر لنبات البانجو, والمثير أن الرجل أشار إلى أن الكمية المنزرعة لا تكفى لتلبية طلبات الزبائن, ما يدفع تجار الجزيرة لشراء كميات إضافية من المخدرات من مناطق مجاورة, و على رأسها مركزا الصف و العياط التابعان لمحافظة الجيزة. بسلام انتهى الجزء الأول من المغامرة, و فى رحلة العودة لبر الأمان, راح الوسيط يحكى عن انتشار جزر المخدرات والسلاح والآثار بين منطقتى الحوامدية بالجيزة والواسطى ببنى سويف, ليفتح بذلك صفحة جديدة من الملف المثير, غير انه زاد الأمر سخونة بقوله إنه بمنطقة عين حلوان توجد جزيرة يسمونها فيما بينهم بجزيرة المزاج العالي! جزيرة الفرفشة فى جزيرة «عين حلوان» بنيل المنطقة الحائرة ما بين محافظة ومدينة , يمكن للعين المجردة رصد قوارب تدور ما بين الشاطئ تحمل راغبى المتعة الحرام وفتيات فى عمر الزهور يحصد رحيقهن مسجلون خطر وبلطجية يشتهون اللحم البشرى ويبخرون بأدخنة زرقاء و أخرى سوداء. تلك الجزيرة يمتلك حقوق الملكية فيها "ش. ش" , وقد ورثها – بناء على كلام الأهالي – عن رجل أعمال اسمه "العطاس كان ينظم فيها بين عامى 2001 و2002 حفلات صاخبة لشباب وفتيات يتشحن بالسواد و يغطون وجوههم برسوم غريبة , اشتهروا فيما بعد بعبدة الشيطان, وألقى القبض آنذاك على العطاس, و شمعت مزرعته فى الجزيرة بالشمع الأحمر, قبل أن تعود لها حياة الدنس على يد الامبراطور الجديد. الدكتور عوض توفيق – من الأهالي – قال : خلف مشاتل الورد وغابات النخيل تتوارى عدة جرائم أبرزها ردم أجزاء واسعة من النيل بطول طريق الكورنيش, والمجرمون هنا لواء شرطة وعرب وأستاذ جامعى. مواصلا كشف تفاصيل الحكاية, يقول توفيق: "حسن. ح" أستاذ أمراض الجهاز الهضمي والكبد , وصاحب عيادة فى منطقة المعادى, استولى على أكثر من ثلاثة أفدنة بإحدى جزر النيل , وقام بردم أجزاء أخرى لمد جسور بينها وبين الشاطئ معتمدا على عدد من البلطجية لحماية ممتلكاته!! المثير أن سكان المنطقة لم يهتموا للأمر, فقط عطفى زين الدين , لواء سابق بالشرطة, وتقدم ببلاغ إلى شرطة المسطحات المائية برقم 3 أحوال مصر القديمة, وكان ذلك قبل الثورة, وإلى الآن لم يتخذ إجراء ضد الطبيب الشهير, بل ازداد الأمر سوءا و تمكن الرجل من ردم جزء كبير من النهر , و كان قد سبق لشرطة المسطحات المائية ضبط عدد من السيارات المحملة بالمخلفات وهى تلقى بحمولتها إلى حضن النهر لتغتاله. صاحب ملهى ليلى الأكثر إثارة كان قيام الطبيب ببيع مزرعته التى يربى فيها «مواشى» بالجزيرة لرجل الأعمال «ف. ح» و هو صاحب ملهى ليلى شهير بحلوان مقابل نصف مليون جنيه, وسبق أن نشبت معركة بين الأهالي والطبيب أصيب على أثرها شخص يدعى «منصور» واضطر الأطباء لبتر إحدى ساقيه. و فى المنطقة الواقعة أمام عزبة كامل صدقي بنيل حلوان أيضا , يمكن رصد بعض الأسماء التى تعدت على النيل, منهم الدكتور "حسن.ف" واللواء "مصطفى .ع" ورجل الأعمال "ف.ح" و تبلغ المساحة المتعدى عليها 115 فدانا بعد الثورة فقط. 30 مترا فقط! المهندس عمران مصطفى, رئيس الإدارة المركزية للموارد المائية والري, أكد ل«فيتو» أن التعديات على النهر التى تزال يعاود الكثيرون من المتعدين إعادتها مرة أخرى , بسبب الغياب الأمني , مشيرا إلى أن القطاع الذي ينتمي إليه ينحصر دوره فى حدود 30 مترا فقط من شاطئ الجزيرة, بينما تختص إدارات الأحياء والمدن بالمساحات المتبقية من بعد ذلك الخط ! حملات إزالة الدكتور عبد الله أحمد, مدير عام إدارة حماية نيل القاهرة, أشار إلى أن محافظة بني سويف تتصدر قائمة التعدي على النيل وردم أجزء واسعة منه, وتأتي بعدها القليوبية ثم الجيزة, فالقاهرة بالترتيب, مضيفا بأن حملات إزالة التعديات تتم بالتعاون بين أكثرمن جهة منها الإدارات المحلية وشرطة المسطحات المائية.