أنا أشفق على الناخبين الذين سوف يختارون رئيس الجمهورية القادم، وذلك بعد أن ازدحمت قائمة المرشحين المحتملين للرئاسة بأعداد غفيرة من الطامحين فى هذا المنصب الكبير.. منهم من أعلن بالفعل عزمه الترشح عندما يفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية، ومنهم من ينتظر ويتريث لأنه لم ينته من الدراسة بعد لقرار الترشح! ولست مع الذين يهونون من كثرة أعداد المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية على هذا النحو الذى لم يسبق لنا أن شهدناه من قبل، وذلك استنادا إلى أن هذا العدد سوف يتعرض لعملية فرز أولية قبل غلق باب الترشح، عند استيفاء شروط الترشح، والتى تقضى بالحصول على تأييد 03 ألف مواطن فى 51 محافظة أو 03 نائبا من نواب مجلسى الشعب والشورى.. فحتى إذا حدث هذا الفرز الأولى الذى لن يجتازه عدد لا بأس به من السادة المرشحين المحتملين، فإنه سوف يتبقى لنا أيضا فى قائمة المرشحين الحقيقيين وليس المحتملين - عدد كبير أيضا.. فنحن لدينا من النواب ما يكفى لدعم ترشيح أكثر من 52 مرشحا ناهيك أنه لدينا من المواطنين ما يكفى لدعم ترشيح عدة آلاف من المرشحين لرئاسة الجمهورية.. لذلك ستبقى حتى بعد انتهاء صلاحية لقب المرشح المحتمل مشكلة كثرة أعداد المرشحين لرئاسة الجمهورية. كما أننى أيضا لست مع هؤلاء المتفائلين، الذين يأملون عندما يحين موعد الترشح أن يراجع عدد مناسب من هؤلاء المرشحين المحتملين أنفسهم، ويقررون عدم خوض معركة انتخابية لا يقدرون على خوض غمارها وتحمل تكاليفها المالية والسياسية وربما النفسية أيضا، ويكفيهم ما حظوا به من مميزات المرشح المحتمل إعلاميا.. فما نشاهده لا يسير فى هذا الاتجاه، إنما على العكس تماما.. فرغم أننا نقترب من موعد فتح باب الانتخابات للرئاسة، وبدلا من أن يبدأ المرشحون المحتملون فى الانسحاب تطبيقا لقاعدة «كفى الله المؤمنين شر القتال»، نجد مرشحين جدد ينضمون لقائمة المرشحين المحتملين، ونجد من جمد حملته الانتخابية يعود مجددا لحلبة السباق الرئاسى.. ونجد أيضا من يعلن أنه يدرس الترشح لهذه الانتخابات الرئاسية أى أن العدد المتقدم للترشح يزيد ولا ينقص .. ولعلنا نلاحظ أنه منذ 52 يناير وحتى الآن لم يتراجع سوى مرشح محتمل واحد ووحيد عن خوض معركة الانتخابات الرئاسية، بينما بقى في حلبة المنافسة كل الذين أعلنوا عن نيتهم الترشح، حتى الذين هم أقل حظاً انتخابياً من هذا المرشح المنسحب. وهكذا.. سوف تكون لنا فى نهاية المطاف قائمة طويلة ومتضخمة من المرشحين الحقيقيين والفعليين وليسوا المحتملين لمنصب الرئاسة، حتى وإن كان معظمهم ليس لهم حظا انتخابيا وربما كان أقصى ما يمكن أن يحققه الواحد منهم هو الحصول على بضعة آلاف قليلة من الأصوات.. وجسامة المسئولية الضخمة التى تنتظر الرئيس القادم لم تنل من عزيمة أيا من هؤلاء ولذلك آثروا البقاء فى حلبة التنافس حتى الآن، ولم يفكر أحد منهم فى مراجعة نفسه أو الانسحاب المبكر ولو تحت أى دعاوى حتى وإن كانت غير حقيقية!.. ويبدو أن بعضهم بعد أن تذوق حلاوة طعم المرشح المحتمل واستمتع بميزاته آثر أن يتبدل هذا اللقب بلقب المرشح السابق للرئاسة، أملا فى أن يكون لهذا اللقب الجديد أيضا حلاوة ومميزات أخرى لن يفقدها مدى الحياة! المهم أن النتيجة هى تضخم أعداد المرشحين لمنصب الرئيس، رغم أننا سوف نختار واحداً فقط من كل هؤلاء المرشحين، ورغم أننا سنحاسب هذا الرئيس الجديد حسابا عسيرا منذ اللحظة الأولى لتوليه المسئولية، وسوف نطالبه بما يفوق طاقته وقدراته.. وبعض أو بالأصح معظم هؤلاء المرشحين غير معروفين لعموم الناخبين .. وهنا ستكون المشكلة التى ستواجه هؤلاء الناخبين ولذلك أشفق عليهم من أعباء وصعوبة الاختيار الذى ينتظرهم في انتخابات الرئاسة القادمة. لكن حل هذه المشكلة لا يكون بالطريقة التى يفكر بها البعض، سواء كانت هذه الطريقة باختيار رئيس توافقى يتم الترويج له، أو بتزكية البعض مرشحا لهذا المنصب الكبير.. وبغض النظر عن الوصاية التى يمنحها أنصار المرشح التوافقى أو أنصار التزكية، فإن هذا الاسلوب قد يفتح الباب لاقتراحات غريبة مثل إجراء تصفية للمرشحين قبل الانتخابات، أو نقسم المرشحين إلى مجموعتين أو ثلاثة، يتم التنافس فيما بعد بين الفائزين فى هذه المجموعات.. يكفينا الاشفاق على الناخبين وأرجو ألا نتطوع للقيام بشىء عنهم.. فهذه هى الديمقراطية!