كما كان متوقعا, حصد التيار الإسلامي النسبة الغالبة من مقاعد مجلس الشورى, لتضاف تلك المقاعد لقائمة المقاعد التي حصل عليها التيار من قبل في مجلس الشعب, ما يفتح الباب أمام الإخوان والسلفيين لتصدر المشهد في اللجنة التأسيسية للدستور الجديد وفقا لما جاء بالمادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر في مارس الماضي. وفى خضم الكشف عمن هم مرشحون للجنة المائة, تقدم ثلاثة نواب بمجلس الشعب -كان المجلس العسكري قام بتعيينهم -وهم: شريف زهران وعبد الله مغازى ومريان ملاك، بأول مشروع قانون للجمعية التأسيسية لوضع الدستور المنتخبة, كانت أبرز ملامحه انتخاب أعضاء اللجنة من خارج نواب مجلس الشعب. الدكتور رأفت فودة, أستاذ القانون الدستوري في جامعة القاهرة قال ل»فيتو» :إن الإعلان لم يحدد من هو عضو اللجنة, سواء كان نائبا بالبرلمان أم لا، منتقدا قيام عدد من النواب بوضع مشروع قانون الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وقال: لا يحق لأحد استبعاد أعضاء مجلسي الشعب والشورى لأن الإعلان الدستوري لم يحدد صفة العضو المنتخب هل هو من داخل البرلمان أم من خارجه، ولذلك لا يصح أن نحدد أنهم من خارج البرلمان كما أن الاستناد إلي دستور 71 والإعلان الدستوري فيما يتعلق بالحريات أمر جيد لعدم المساس بها. فوده أشار إلى أن نص المادة الحادية عشرة من مشروع القانون مخالفة لجميع دساتير العالم لأنه لا يجوز الرجوع إلي المحكمة الدستورية العليا لمراقبة اللجنة التأسيسية، لأنه لا توجد جهة أعلي من الجهة التي تضع الدستور، كما أن المحكمة لا تستطيع أن تتدخل لأنه لا يوجد دستور يمكن الرجوع إليه قائلا: «إحنا أصلا ما عندناش دستور, والرجوع إلي الإعلان الدستوري وحده لا يكفي لأنه يتضمن موادا سطحية وإذا افترضنا اللجوء إلي المحكمة الدستورية فعلي أي أساس يتم مقارنة مشروع الدستور ونحن لا نملك دستورا، فالمشروع المقدم كله تخاريف وغير دستوري. وأضاف فودة أن الحديث عن مشاركة المحكمة الدستورية أمر غريب ويعني أنهم يريدون أن يدخلوا المحكمة طرفا في صياغة الدستور وهذا أكبر خطأ لأن المحكمة رأيها استشاري وليس إلزاميا، كما أن الشخصيات المقدمة للمشروع من غير المتخصصين ويريدون أن تتحول الجمعية إلي جمعية ترزية وليست تأسيسية وأن يعطوا فرصة للعسكري والإخوان بإضافة ما يريدونه. الفقيه الدستوري, عاطف البنا أكد على ضرورة أن يكون الدستور الجديد توافقيا, لا أن تسيطر عليه جهة أو تيارا واحدا, مشيرا إلى أن اللجنة التأسيسية وإن كانت الغلبة فيها ستكون للتيار الإسلامي إلا أنها لابد وأن تضم ممثلين لكل طوائف وتيارات المجتمع, وتكون الكلمة الفصل فيه للشعب، رافضا التعليق علي مشروع القانون منتقدا إياه قائلا: لا تعليق فكل من يتقدم بمقترح يتحمل عواقبه ولا أستطيع أن أحجب أراء الناس فهناك حرية. مؤيدا وجهة النظر السابقة, قال عادل سليمان- مدير مركز الدراسات المستقبلية-: إن تيارا بعينه لا يمكنه الانفراد بوضع الدستور, وأن لجنة المائة لا يشترط أن يكون أعضاؤها من داخل البرلمان, ويجب أن تضم ممثلين للنقابات العمالية والمهنية إلى جانب شخصيات سياسية ومفكرين يمثلون مختلف الاتجاهات السياسية وكذا المستقلين. أستاذ السياسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, الدكتور طارق فهمي استبعد أن يذهب الإخوان -تحديدا- إلى الانفراد بوضع الدستور الجديد وإقصاء باقي التيارات والفصائل السياسية, مؤكدا أن الشعب ومختلف القوى لن تسمح بذلك. أما على بكر, الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية, فأشار إلى أن التيار الثوري, وجموع شباب الثورة لن يسمحوا للتيار الإسلامي عبر حزبي «الحرية والعدالة» الإخواني, و»النور» السلفي, بإقصاء الجميع عن المشهد في عملية صياغة الدستور الجديد. الدكتور محمد حبيب, نائب مرشد الإخوان السابق والمنشق عن الجماعة, قلل من أهمية تشكيل اللجنة التأسيسية مشيرا إلى أن المعايير التي وضعت لاختيار أعضائها هي الأمر الأهم, موضحا أن الدستور يجب أن يكون توافقيا بعيدا عن سيطرة الإخوان والسلفيين وحدهم. فيما طالب ناجح إبراهيم القيادي بالجماعة الإسلامية كلا من السلفيين والإخوان بالتحالف مع باقي التيارات السياسية في صياغة الدستور الجديد, خاصة أن الدستور يستلزم الدقة والتوافق والمشاركة لا المغالبة. القيادي بالجماعة, الدكتور حسن حمدي, استهجن مخاوف الشارع السياسي من سيطرة الإخوان على لجنة تأسيس الدستور, وأكد أن الجماعة لن تحاول إقصاء أحد أو فصيل, مشيرا إلى أن الخلاف الوحيد سيكون على صلاحيات رئيس الجمهورية. من جانبه, يرى أحمد على, عضو ائتلاف شباب الثورة, أن الإسلاميين سيسعون لصياغة دستور «على مزاجهم» وبوصاية من المجلس العسكري, وقال: انفراد الإسلاميين بوضع الدستور يعنى وجود صفقة مشبوهة بينهم وبين المجلس العسكري لضمان الخروج الآمن للعسكر, لكن الثوار لن يصمتوا إذا ما حدث ذلك. عبد المنعم الشحات, المتحدث باسم الدعوة السلفية يرى أن الديمقراطية التي كافح المصريون من اجلها هي من تعطى الحق للتيار الإسلامي أن يحوز النصيب الأكبر في تلك اللجنة, و في الوقت ذاته قال: لا أرى سببا للقلق فالإسلاميون لن ينفردوا بوضع الدستور الجديد إنما سيكون الأمر بالتوافق فيما بين مختلف القوى والتيارات السياسية, وفي النهاية ستكون الكلمة للشعب المصري الذي يتسم بذكاء يمكنه من فرز السمين من الغث. فيما يقول الدكتور عصام العريان, نائب رئيس حزب الحرية والعدالة: التشكيك في هذه المرحلة الحرجة من عمر مصر أمر خطير, لأنه سيخرجنا عن مسار الثورة, وأنا أؤكد أن حزبنا لا يرغب في السيطرة على لجنة وضع الدستور, فالدساتير تكتب بالتوافق لا بالنزاعات بين القوى السياسية. وبشكل قاطع, قال باسم كامل , عضو مجلس الشعب عن الحزب المصري الديمقراطي: إن ما اسماه ب»معركة الدستور» أمر مصيري لن يتركه حزبه, معقبا :» مهما كانت الضغوط التي تمارسها القوى الأخرى»!