أسرار وتفاصيل كثيرة لا تزال تكتنف ليلة تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك، وخاصة سر عدم إلقائه بيان التنحى بنفسه وترك الأمر لنائبه الراحل اللواء عمر سليمان، وكواليس الإذاعة والتليفزيون ماسبيرو هما اسماعيل الششتاوى - رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون- وإبراهيم الصياد - رئيس قطاع الأخبار- ليكشفا عن تفاصيل ما جري: الإذاعة أحد الأعمدة الرئيسية للإعلام المصري, خصوصا وقت الثورة, لانتشار مراسليها وشبكاتها على مستوى الجمهورية, وكانت الأكثر مصداقية فى نقلها للرأى والرأى الآخر ,ومتابعة نبض الجماهير, خاصة الساعات القليلة التى سبقت تنحى الرئيس مبارك فى 11 فبراير 2011, وقد كان إسماعيل الششتاوى - رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الحالى - هو المسئول الأول عن كل الشبكات الإذاعية الإقليمية, وعن مراسلي الإذاعة, الششتاوي يحدثنا عن كواليس أيام الثورة حتي تنحي مبارك في أروقة الإذاعة.. ماذا فعلتم قبل التنحى ب12ساعة وما نوعية البرامج المقدمة فى الإذاعة ؟ - كان شغلنا الشاغل , إذاعة أخبار المظاهرات والاحداث لحظة بلحظة بواسطة مراسلينا, وكنت قد أعطيت اولوية لتغطية المظاهرات التى كانت تحاصر ماسبيرو , فقد كان الثوار يريدون اقتحامه ,وقد كانوا اكثر من 50 الفا, وكنا نتوقع ان يكون هذا هو «الكارت الأخير» للضغط على مبارك كى يتنحى. ماذا كان حال مبنى ماسبيرو فى تلك الساعات العصيبة؟ - المبنى كان محاصرا منذ صباح يوم الخميس وحتى وقت التنحى, وقد تم الاعتداء على بعض الاذاعيين الذين لم يكن بينهم وبين المتظاهرين سابق معرفة, ولكن لمجرد دخولهم المبنى يعتبرهم المتظاهرون اعداء, بالاضافة الى ان مقدمي البرامج كانوا يبيتون في ماسبيرو, خوفا علي حياتهم من ان يفتك بهم الثوار الذين يحيطون بالمبني. هل كنتم تعملون بكامل طاقتكم الإذاعية؟ - لا, فقد كنا نعمل بقوة 10% من طاقتنا , فقد حدد الامن الاعداد المفترض تواجدها في المبني , من مقدمي برامج وفنيين وعمال بالاذاعة , وكان معظم العاملين في اجازة طبقا للتعليمات الامنية , اذ يبلغ عدد العاملين في ماسبيرو اكثر من 40 ألف موظف , وبالتالى لن يستطيع الامن السيطرة بصورة كاملة , وكان من السهل اختراق المبنى الذي كان مهددا من قوي كثيرة. هل كانت العشرة بالمائة قادرة على تغطية كل شبكات الاذاعة ؟ - كانت كافية , لأن الشبكات الاذاعية كانت منضمة لشبكة البرنامج العام , اى ان جميع شبكات الاذاعة كانت اذاعة واحدة. ابراهيم الصياد كان يقول إننا كنا نبيت فى المبنى, فهل كان حال الاذاعة كحال قطاع الاخبار؟ - هذه حقيقة , فقد كان الرجال يقيمون اقامة كاملة فى المبنى لأيام متواصلة , اما النساء فقد كن ينتهين من اعمالهن بماسبيرو في الثانية صباحا, وقد كان هناك حظر تجوال فى تلك الفترة, وكانوا يستوقفون الكثير من الاعلاميين والعاملين ,وقد تعرض بعض الزملاء للاعتداء والسرقة نظرا للانفلات الامنى فى الشوارع, وقد اقمت في الاذاعة لمدة 18 يوما ليلا ونهارا, منذ اندلاع الثورة حتى تنحى مبارك. ماذا كان منصبك آنذاك؟ - كنت رئيس شبكة الإقليميات (11 اذاعة ) ,بالاضافة الى ان كل المراسلين كانوا يتبعوننى مباشرة , وهذا يعنى ان عبئا كبيرا كان على عاتقى. هل كان هناك شعور بالفرح ام بالحزن بعد سماع قرار التنحى داخل الإذاعة؟ - المبنى بأكمله وخاصة الاذاعة كانوا فرحين ,عدا الناس كبار السن, لأنهم ارتبطوا بمبارك بحكم السن, اما الاجيال الجديدة فلم يكن لديهم هذا الحنين نحو مبارك, وانطلقوا في فرحة غامرة ,يهتفون : تحيا مصر, واخذوا يحملون بعضهم البعض ويطوفون فى كل ادوار المبنى. هل كنت تتلقي تعليمات من رئيس الاتحاد مباشرة فى تلك الساعات بصفة خاصة؟ - لا, فلم يكن رئيس الاتحاد اسامة الشيخ متواجدا فى المبنى, وكان يسافر باستمرار, وكان لنا مطلق الحرية فى ادارة شئون الاذاعة , ولم يكن هناك توجيه من اى مسئول بوزارة الاعلام, لأن الرؤية كانت غائبة عن جميع الناس. هل أتهمت قطاع الأخبار بعدم المصداقية؟ - بالفعل صرحت بهذا , فقطاع الاخبار كان يرأسه عبد اللطيف المناوى الذي كان مواليا لمبارك, وبالتالى لم تكن هناك مصداقية فى الاخبار التى يبثها القطاع عن الثورة , والمناوي شوه الاعلاميين فى ماسبيرو, اما الاذاعة فقد كانت تغطى الاحداث بحيادية كاملة, وكنا نستضيف فى الاذاعة من يقول «لا نريد مبارك», فكنا نستضيف الرأى والرأى الآخر, وكل شخص يبدي رأيه يتحمل مسئولية ما يقول، ولهذا اأقول إن التنحى أنقذ رقابنا جميعاً.