على عكس الجولة الأولى من المرحلة الأولى لانتخابات أول مجلس الشعب بعد الثورة، جاءت نتيجة جولة الإعادة مخيبة لآمال السلفيين، ممثلين فى حزب النور وحلفائه، بعد أن خسروا معظم المقاعد التى كانوا يراهنون عليها فى جولة الإعادة. وبينما واصل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، تقدمه بحصده 34 مقعدا فى الإعادة، لم يحصل «النور» إلا على خمسة مقاعد. الأمين العام ل«الحرية والعدالة» فى القاهرة الدكتور محمد البلتاجى، اعتبر أن نتائج المرحلة الأولى للانتخابات «تعكس ثقة كبيرة، أولاها المصريون لجماعة الإخوان، وتلقى بمسؤولية ضخمة عليها، وعلى نوابها فى البرلمان». مضيفا أن الإخوان «يمدون أيديهم لكل الشركاء، حتى إن كانوا متنافسين معهم، لأن المسؤولية لا يمكن أن يقوم بها حزب أو فصيل وحده». البلتاجى أضاف ل«التحرير» أن الحزب كان يدرك قبل الانتخابات أن الانتخابات الفردية «لن تصب فى مصلحة الغير، لاعتبارات كثيرة، منها وجود كوادر الإخوان فى الشارع، واقترابهم من الناس عن غيرهم، لكن رغم ذلك كان الإخوان أول الرافضين لفكرة الانتخابات الفردية، وكانوا أكثر الداعين لنظام انتخابى قائم على القوائم، من أجل مصلحة الوطن». وردا على اكتساح الإخوان منافسيهم من السلفيين، قال القيادى الإخوانى «القضية ليست حشدا ضد حزب النور، كما يدعى البعض، فمن الطبيعى أن يكون هناك منافسة، كما أنه من المنطقى أيضا أن يحشد كل حزب أنصاره»، لافتا إلى أن الجميع ينتظرون «نجاح الإخوان فى الامتحان المقبل، عند دخولهم فعليا إلى البرلمان». من جهته، اعترف المتحدث الإعلامى لحزب النور يسرى حماد، أن التيار السلفى كان يتوقع حصوله على أصوات أعلى فى الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية «لكن كان هناك حشد ضد حزب النور، منذ البداية، لصالح مرشحى الحرية والعدالة». واعتبر حماد أن أحد أهم الأسباب التى جعلت «النور» يحصل على نسبة تصويتية ضعيفة فى الجولة الثانية، هو «ضعف التكتيك الانتخابى لدى كوادر الحزب، لأن السلفيين يخوضون الانتخابات لأول مرة». مشيرا إلى أن سياسة النور لا تعتمد على مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة»، بمعنى أنهم عهدوا إلى الالتزام بالقواعد الشريفة لا السياسات الملتوية والإشاعات التى روجتها التيارات الأخرى. الخبير فى مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» نبيل عبد الفتاح، اعتبر أن كل نتائج المرحلة الأولى «تعكس أن تلك الانتخابات صممت، هى وخريطة الطريق، لكى يقتنص التيار الإسلامى ككل ثمرة العملية الثورية»، مشيرا إلى أن النتائج توضح «حقيقة التفاهم بين تلك القوتين والسلطة الحالية فى البلاد، المتمثلة فى المجلس العسكرى، خصوصا أن جماعة الإخوان المسلمين لديها قدرات تنظيمية هائلة، مكنتها من التعبئة السياسية، فضلا عن القدرات المالية التى ظهرت بقوة فى الدعاية الانتخابية بكل أشكالها، سواء أمام اللجان، أو بتقديم الإعانات والخدمات إلى الناخبين». وتوقع عبد الفتاح «صراعا ضاريا، فى الأيام المقبلة، بين الإخوان والسلفيين». عمار على حسن الباحث السياسى، أرجع اكتساح الإخوان المسلمين للسلفيين، فى نتائج جولة الإعادة إلى أن الإخوان لديهم خبرة أعمق فى إدارة العملية الانتخابية، كما أن لديهم قوة اجتماعية راسخة على أرض الواقع منذ 83 عاما، وتدينهم هو الأكثر اعتدالا من التيار السلفى، وبالتالى هم أقرب إلى التدين الوسطى عند المصريين. عمرو هاشم ربيع الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، يرى أن المصريين رأوا أن التيار السلفى متشدد إلى درجة كبيرة دفعتهم لاختيار أخف الضررين، مضيفا أنه مهما كان الإخوان يمثلون قوة إسلامية، فإنهم أقل حدة وأكثر تعاطيا وتماشيا مع المصريين الذين لا يقبلون بالترهيب بأى حال من الأحوال.