فى تصاعد لحالة التوتر التى نشبت بين المجلس العسكرى وحكومة الولاياتالمتحدة إثر ضخها 65 مليون دولار كأموال لدعم التحول الديمقراطى فى مصر نشرت جريدة «واشنطن بوست» الأمريكية تقريرا اعتبرت فيه أن «الهجوم المتزايد والانتقاد» الذى أبداه المجلس العسكرى تجاه هذه الأموال هو جزء من بث المجلس العسكرى فى الفترة الأخيرة حالة من «الخوف من التدخل الأجنبى» فى المجتمع المصرى للحفاظ على قوته فى السلطة. وإلى نص المقال: مدير المعونة الأمريكية عاد فجأة إلى واشنطن الخميس بعد أقل من عام على تسلمه منصبه فى القاهرة، الإصابة الكبرى فى النزاع بين حليفين قديمين بسبب أموال دعم التحول الديمقراطى فى مصر. ترك جيم بيفر وظيفته بعد يوم من انتقاد حكومة أوباما قادة مصر لبث شعور معاد لأمريكا فى أثناء مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية التى تشهدها البلاد، وفى حادثة اللوم النادر أبدت الولاياتالمتحدة ملاحظتها لمهاجمة وانتقاد المعونة الأمريكية وأهدافها. أوضح بيان للسفارة الأمريكية أن بيفر «سيعود إلى واشنطن ليتسلم مسؤوليات جديدة وللاستعداد لوظيفته المقبلة» لكن البيان لم يكشف عن أسباب قطع وظيفة بيفر فى القاهرة فجأة. انتقاد الولاياتالمتحدة ما هو إلا علامة بأن شعورا بالقلق يتنامى عند حكام مصر العسكريين تجاه أى معونة خارجية تدعم الجماعات الليبرالية الثورية على حساب النفوذ الواسع الذى يتمتع به المجلس العسكرى، الذى يتعرض فى الفترة الأخيرة لانتقاد من هذه المجموعات الشابة، المؤيدة للديمقراطية، بسبب بطء الانتقال بالبلاد من النظام الذى أطاحوا به. كان بيفر وسط خلاف قائم منذ مارس الماضى، عندما طرحت منظمة المعونة الأمريكية إعلانا يدعو المنظمات غير الحكومية فى مصر للتقديم على الحصول على تمويل أمريكى، وهو الإعلان الذى جذب مئات من المتقدمين الذى وقفوا فى طابور طويل خارج مكاتب المعونة الأمريكية، وعلى مدى الشهور التالية خصصت المنظمة ملايين من الدولارات لهذه الجماعات. هذا الأمر ترك الحكومة المصرية فى حالة غليان، وأصرت أن التمويل يجب أن يسير عبر قنوات حكومية، وأن لا تتلقاه هذه الجماعات بشكل مباشر، وكان نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك يطبق هذه القيود برقابة صارمة. اللواء محمد العصار، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قام الشهر الماضى بإلقاء خطاب فى واشنطن انتقد فيه الولاياتالمتحدة لتمويل جماعات داعمة للديمقراطية دون اللجوء إلى رقابة الحكومة المصرية، وقال إن الأمر ينتهك قانون تمويل المنظمات غير الحكومية فى مصر، معللا موقف الحكومة المصرية ب«الحفاظ على سيادة الدولة». فيما قالت إليزابيث كولتون، المتحدثة الرسمية باسم السفارة الأمريكية فى مصر، لوكالة «آسوشياتد برس» الخميس، إن الولاياتالمتحدة لا تتدخل فى السياسة المصرية، وإن الجماعات التى تحصل على تمويل أمريكى لا تعمل بالسياسة، وإن الولاياتالمتحدة لا تمول أى أحزاب سياسية. وقامت السلطات المصرية هذا الأسبوع بفتح تحقيق رسمى فى أمر التمويل، طبقا لمسؤول قضائى أوضح أنه تم تجميع قائمة بالمنظمات الأكثر استفادة من التمويل الأمريكى، وأنه سيتم بحث كل واحدة منها. يأتى ذلك بينما اتهم لواءات فى المجلس العسكرى جماعتين إصلاحيتين باتباع «أجندة خارجية» وتلقى أموال وتدريبات من الخارج، وهى الاتهامات التى تلمح بأن هذه الجماعات تعمل لتخريب البلاد بمساعدة من الخارج. أحدثت المزاعم بوجود «يد خارجية عابثة» صدى بين المصريين، فعدد لا يستهان به مقتنع أن الولاياتالمتحدة، وإسرائيل وغيرهم ينظمون دائما مكيدة ضد أمتهم وضد الإسلام الذى يدين به غالبية الشعب المصرى. كما رفض المجلس العسكرى أى رقابة دولية على الانتخابات الديمقراطية القادمة التى ستشهدها البلاد فى وقت لاحق من العام. وأبدت وزارة الخارجية الأمريكية، الأربعاء، أن هذا الانتقاد «غير دقيق» و«غير عادل» وأن أى هجوم شخصى على بترسون «غير مقبول». لكن على الرغم من تلك الأزمة بين مصر والولاياتالمتحدة لن يؤثر هذا على العلاقات بين البلدين لأن علاقة الجيش المصرى بالحكومة الأمريكية جيدة منذ السبعينيات، وقد تلقى الجيش أكثر من مليار دولار على مدى أكثر من ثلاثين عاما كمعونة سنوية من الولاياتالمتحدة، بينما يسافر لواءات فى الجيش بشكل منتظم إلى واشنطن من أجل محادثات مع نظرائهم الأمريكيين، وزيارة مراكز عسكرية. وفى رد على انتقاد أموال دعم الديمقراطية المصرية فى الإعلام المحلى قالت سفيرة الولاياتالمتحدة فى القاهرة سابقا، مارجريت سكوبى، إن أساليب الحكم التى يتبعها لواءات المجلس العسكرى لا تختلف كثيرا عن أساليب مبارك، وكانت سكوبى قد كتبت فى تقرير سابق لها أن المعونة فى عصر مبارك كانت تصنف دائما على أنها «تدخل» ويتم معاداتها من قبل حكومة «لا تستمع لأصوات شعبها».