صورة لثلاثة شباب يجلسون على سريرين فى مستشفى، كل منهم يضع ضمادة على إحدى عينيه، وتخترق ظهر كفه إبرة رفيعة مثبتة بالبلاستر الطبى، مما يوحى بأنهم خرجوا من غرفة العمليات قبل وقت قصير من التقاط الصورة. مكتوب تعليق تحت الصورة «ائتلاف عور الثورة أنا ومالك وحرارة»!! فنفهم أن الذى كتب التعليق هو أحمد عبد الفتاح مصور «المصرى اليوم»، والذى أصيب ظهر السبت فى إحدى عينيه، أما مالك فهو مالك مصطفى واحد من أوائل المدونيين فى مصر وأهمهم، وهو أيضا من شباب الثورة الذى كان ينظم حماية مدخل قصر النيل طوال 18 يوما والجمع التى تلتها، وكان موجودا فى كل الاعتصامات حتى التى لم يكن موافقا عليها، يكتب على حسابه الشخصى على «تويتر» احتياجات الميدان (جبنة مثلثات وحلاوة ومياه.... و). أشعر أننى أعرف مالك شخصيا لأننى كنت أقرأ مدونته منذ سنوات طويلة. انطباعى الشخصى عنه أنه يملك موهبة فنان حقيقى. فقد مالك عينه ظهر السبت أيضا بعد أن أصيبت برصاص خرطوش، ربما كان وقتها يحمى مدخل الميدان كعادته. أما حرارة ثالث الصورة فهو طبيب أسنان فقد إحدى عينيه فى جمعة الغضب وفقد الثانية ظهر السبت. الدكتور الشاب أحمد حرارة فقد نور عينيه. تماما!! وأكثر من سبعين شابا فقدوا نور أعينهم مثل هؤلاء. من يرغب فى تصديق أن هؤلاء يضحون بنور عيونهم مقابل مبلغ مالى، حتى لو كان ملايين الجنيهات ليريح نفسه من عناء التفكير، ومن الشعور بالذنب، ومن السؤال عن مسؤوليته فى ما يحدث، عليه أن يعرف أنه هو الذى فقد نور عينه الحقيقى. هؤلاء الشباب يقدمون أعينهم لنرى نحن، نرى الأشياء والأشخاص والكلمات والأفكار كلها على حقيقتها. يفقدون نور أعينهم لينيروا أعيننا، فمن يصر على أن لا يرى النور فهو الأعمى الحقيقى، فاقد البصيرة. إذا كنت تريد أن تختلف مع اعتصام المصابين فاختلف، ووافق على فض الاعتصام بالقوة، واشحذ كل عقلك لتجد مبررات تعينك على ذلك. واتهم من استفزتهم رؤية المصابين العزل يسحلون على أرض الشارع فدافعوا عنهم بأى نوع من الاتهامات. واستنكر تهديد حلم الانتخابات بالضياع. افعل ما شئت لكى تستريح، لكن تذكر فقط أن أى نور سيضىء أمامك هو نور عيون هؤلاء الشباب. حاول قدر طاقتك أن تتمسك به وترى، مهما كانت الرؤية مؤلمة ومخيفة، فالظلام والعمى أكثر إيلاما. نور عيون الشباب وصل إلى ، حتى إننى اضطررت أن أغمض عيناى قليلا لأتمكن من التأقلم مع النور. نور عيونهم حقيقة مؤلمة، مؤلم بنفس درجة ألم اكتشاف حقيقة أننى عدت من حيث بدأت أو أسوأ. لكنه -فى النهاية- نور.