بثقة وهدوء، يؤكد المحلل السياسي الأمريكي مارك لينش إنه لا داعي للذعر من الانتخابات البرلمانية المصرية القادمة، فرغم إجرائها في ظل قانون غير متماسك.. واستعدادات تبدو عشوائية.. وأناس يعرفون بالكاد لماذا أو لمن سيصوتون، ورغم تصاعد التوقعات بفوز الإسلاميين، وقرار بعض النشطاء بمقاطعة الانتخابات، ولكنها تبقى الخطوة الصحيحة لمصر على طريق التحول لنظام سياسي أكثر ديمقراطية وشرعية. يرصد الكاتب بعض العلامات الجيدة –وإن كانت شديدة الندرة- التي لابد من أخذها في الاعتبار من حيث التزام المجلس العسكري بإجراء الانتخابات رغم توافر الفرصة لإرجائها، وإمكانية وجود مراقبين دوليين، كما أن الناشطين الذين قرروا مقاطعتها، لا يشكلون سوى أقلية؛ لذلك يجب على الجميع التهيؤ للنتائج المحتملة للانتخابات للتأكد من مساهمتها في نقل مصر فعلياً للديمقراطية بدلاً من حفر القبر مبكراً. رغم كل الإضطرابات، يظل لينش متفائلاً بقدرة مصر على السير في عملية التحول الديمقراطي وإن كان ذلك لا يعود لالتزام حقيقي بالديمقراطية أو سيادة القانون من قبل المجلس العسكري إنما لوجود إجماع واسع عميق على دعم الديمقراطية، وتوافر عدد من القوى المتنافسة التي لن تسمح بعودة اسلوب مبارك الاستبدادي في الحكم. في هذا الاطار، يشير الكاتب إلى أن المجلس العسكري لم يثبت كفاءة في الحكم، حتى إن كان يحمل آمالاً في البقاء أو يعمل على إجهاض الثورة، ما يجعل إحباطاتهم عميقة ولها ما يبررها، فقد نجح نشطاء مصر ووسائل الإعلام والطبقة السياسية الجديدة في تكدير صفو الأجواء حول المجلس فلم يعد مرتاحاً في السلطة أو قادراً على إثبات إمتلاكه وحده مفتاح القدرة على استعادة النظام العام. وفيما يتعلق بمخاوف فوز الإسلاميين والتي لا يراها لينش شيئاً مفاجئاً مع توافر الخبرة السابقة والقدرة التنظيمية لهم، فإنه يدعو الجميع لتقبل النتيجة وعدم الانسياق وراء حالة الهيجان السياسي في وسائل الإعلام والمبالغة في ردود الفعل وتبادل الاتهامات والشائعات أو الأسوأ من ذلك كله، دعوة الجيش للتدخل وإلغاء الانتخابات كما حدث في الجزائر في 1991، لأنه يكاد يكون من المستحيل أن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة في مصر لا يفوز بها الإسلاميون بحصة كبيرة من الأصوات داعياً العلمانيين واليساريين والليبراليين للتحلي بضبط النفس خاصة فيم يتعلق بدعوات مقاطعة الانتخابات وهذا يعني استمرارهم في تحديهم والضغط على الإخوان في الالتزم بالمسار الديمقراطي واستبعادهم في حال عدم التزامهم به. ويختتم الكاتب مقاله بإنه حتى وان لم تبلغ الانتخابات حد الكمال، فإنها تبقى ضرورية.