موارد الأحزاب فى البلدان الديمقراطية هى بالأساس حصيلة ما تملكه تلك الأحزاب من اشتراكات وتبرعات الأعضاء العينية والنقدية، ومن أجل تطبيق نظام صارم وشفاف، فمن الطبيعى أن يكون كل سنت يدخل خزانة الحزب هو مسجل «من أين حصل عليه الحزب وأين أنفقه». أما مفهوم الحكم الرشيد الذى يرتبط بمفهوم الشفافية، فلقد تطور من مبدأ يوصف ويحدد كيفية تصرف المؤسسات فى إدارة الموارد العامة للدولة، ليمتد تطبيقه إلى الأحزاب السياسية، التى تطرح نفسها كبديل للسلطة الحاكمة. بعد الثورة واجهت الأحزاب المدنية والنشطاء الشباب هجوما ضاريا من جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكرى، وهما الطرفان اللذان اتحدا على تشويه النشطاء، والزعم بتلقيهم أموالا من الخارج! والأيام أثبتت سذاجة وضحالة تلك الادعاءات، فأغلب المرشحين الشباب امتنعوا عن خوض الانتخابات، إما بسبب غياب التمويل اللازم لذلك، وإما بسبب استبعاد الأحزاب لهم لحساب أصحاب المال والعائلة على رؤوس القوائم، وعلى الرغم من ذلك فإن الأحزاب بخلاف الوفد والمصريين الأحرار لا يمكنك أن تميز دعايتها من بين دعاية الإخوان المسلمين وفلول الوطنى، ولا بد أن تتمتع بقوة الملاحظة حتى تشير وتقول تلك دعاية الحزب الفلانى الذى أسس بعد الثورة! أما حزب الحرية والعدالة، الذى يبدو متفوقا ماديا بمراحل عن سائر الأحزاب ببانراته ولافتاته وملصقاته التى لا يخلو شارع منها، فوضعه يبدو أنه مثير لتساؤلات مشروعة، وبعيدا عن مناقشة الأسلوب الرخيص الذى لا يختلف عن أسلوب الحزب الوطنى «توزيع وبيع اللحوم، وصلاة العيد، ومعارض الملابس، ومستلزمات الدراسة.. الجائزة الأولى خروف»! فإن اللافت لنظر أى شخص يرى حجم الدعاية الضخمة لجماعة الإخوان المسلمين «عفوا لحزب الحرية والعدالة».. عفوا لكليهما! من حقه أن يوجه أسئلته لمن يقدم نفسه على أنه الفصيل الأكثر وجودا والأوسع انتشارا، وهو ما يعنى أنه الأكثر استعدادا لتولى مهام إدارة الدولة، وسوف يُديرها بنفس المبادئ التى يعمل وفقا لها فى تلك اللحظة الفارقة: أولا، هل الإخوان ملتزمون بالسقف المادى المحدد للدعاية الانتخابية أم لا؟ ثانيا، هل سيلعبون مع الدولة لعبة أن من يتحتم عليه الالتزام بالسقف هو الحزب فقط، أما الجماعة التى ليس لها إطار قانونى، فمن حقها أن تفعل ما تشاء، غصبا واقتدارا؟ ثالثا، كم يملك حزب الحرية والعدالة؟ وما مصادر تمويله التى توفر له تفوقا ماديا ضخما عن بقية الأحزاب بمثل تلك الصورة؟ رابعا، ما علاقة مصادر تمويل الحزب بالجماعة.. هل متصلة أم منفصلة؟ خامسا، ما الصفة القانونية لجماعة الإخوان كونها تتولى الدعاية مع حزب الحرية والعدالة لمرشحى الإخوان، والتسويق لمواقفهم السياسية؟ سادسا، بأى صفة تجمع الجماعة تبرعات إن كانت تلعب دورا سياسيا علنيا بعد تأسيس حزب الحرية والعدالة؟ وكم كانت تمتلك لحظة سقوط مبارك؟ وكم صارت تمتلك الآن؟ وما علاقتها المالية بالحزب أو على الأقل علاقتها بخطة العمل الرامية لتحقيق أهداف حزب الحرية والعدالة؟!