الأحزاب الجديدة التي وافقت عليها لجنة الأحزاب أو حتي التي تحت التأسيس وتنتظر موافقة اللجنة، لم تعلن حتي الآن موقفها المالي وهو ما يتعلق ببند التمويل وهو البند الأهم في عملية نشاط الحزب إذا ما تأكدنا أن صاحب التمويل سيكون له رأي حاكم في صنع سياسات الحزب وتوجهاته ويحكم نشاطه، وإذا القانون يحظر علي أي حزب تلقي أموال من الخارج فإن هذا لا يعني أن تطبيق القانون سيحظي بالتزام من الحزب وقياداته في غياب آلية واضحة ومحددة تتيقن من عدم تلقي الأحزاب الجديدة لتمويل خارجي يلبي أهداف هذا التمويل بغض النظر عن الصالح المصري العام. وفي الإقليم وخارجه من دول ومنظمات هي مستعدة طوال الوقت لتقديم المليارات في تمويل اتجاه سياسي معين يتبناه حزب يفوز في الانتخابات فيراعي مصالحها في الإقليم والعالم كجزء مهم في إدارة ملفاتها السياسية والاقتصادية وفي هذا السياق لن تنعدم الوسائل والأشكال غير المشروعة في إيصال هذا التمويل إلي أصحابه وعلي رأسه مشروعات غسل الأموال. ومن ثم فإن وجود رقابة علي حركة الأموال التي تدخل وتخرج من وإلي هذه الأحزاب ومناقشة ميزانياتها يضمن شفافية الغرض السياسي من تكوين الأحزاب والتي من المعروف أن مواردها لا تعرف سوي الاشتراكات والتبرعات وكلاهما محدد بالاسم والقيمة يؤطر في النهاية إلي رقم مالي يحدد عملية الإنفاق علي النشاط الحزبي وأهمها الإنفاق علي الدعايات الانتخابية وتذكروا أن الانتخابات البرلمانية علي الأبواب، فإن فشلت في تقنين موقفها المالي وتبرير إنفاقها يتم فورا تطبيق أحكام القانون عليها ولتكن المتابعة الرقابية نصف سنوية كل ستة أشهر. وإذا كانت الأحزاب القديمة كالوفد والتجمع معروف عدد أعضائها واشتراكاتها ومكشوف من أين يأتي تمويلها ويستوي معها في هذا المقام الأحزاب الليبرالية الجديدة وأحزاب الثورة وهم في كل الأحوال «غلابة» ماليا إلا أن موقف جماعة الإخوان المالي تمويلا واشتراكا يحتاج إلي إيضاح وتوضيح وتفسير يجب أن يطلبه القانون في بنده الخاص بالتمويل، خاصة أن جماعة الإخوان نجحت في تكوين حزب واضح يرتبط ب «الحرية والعدالة» وأحزاب أخري خرجت من تحت عباءتها ذات مرجعية دينية، وتخوض الآن معركتها الكبري ضد المطالبات بالدستور أولا وهي تستند إلي نتيجة الاستفتاء الأخير. لقد انطلقت جماعة الإخوان في افتتاح مقرات جديدة في مختلف محافظات مصر بتراتبية مدروسة للأماكن والكثافات السكانية، وتجهز لإطلاق قناة تليفزيونية فضائية بعد قليل من الوقت، وتنظم معسكرات صيفية لأفواج متتالية من الشباب تصل إلي الآلاف في المدن الساحلية المصرية، في الوقت الذي تستعد فيه لدعم حزبها في الانتشار الجماهيري، مقرات ومؤتمرات جماهيرية وحركة تنظيمية، لتساند مرشحيه في الانتخابات البرلمانية القادمة، وغير مما لم تعلن عنه جماعة الإخوان وإنما له عندها توقيت محسوب. كل هذا دون إعلان من الجماعة عن مصادر تمويلها ولا متابعة من جهاز رقابي لتلك المصادر من التمويل، وإن سألت قيادة في مكتب الإرشاد سيرد فورا اشتراكات وتبرعات ولكن هل تم البحث القانوني لصحة هذه الاشتراكات؟ وهل تم التأكد الرقابي من أصحاب تلك التبرعات؟ هل هناك كشوف بأسماء محددة؟ وهل هي أسماء حقيقية؟ هل التبرعات اسمية أم جماعية؟ تجمعات أو منظمات أو هيئات؟ مصرية أو غير مصرية؟ وهل يحق لها طبقا للقانون تلقي هذه التبرعات؟ فإن لم تكن تلك الإجابات قد وجدت سابقا فإن الوقت الحالي أصبح موجبا للتدقيق في هذه الإجابات من الأجهزة الرقابية وبشكل قانوني بعد أن أصبح لجماعة الإخوان حزب رئيسي معلن وأحزاب من تحت العباءة لنعرف وبكل الشفافية من أين تتحصل جماعة الإخوان علي التمويل ومن أي المصادر وفي أي المآرب يتم الإنفاق، وهذا أبسط مبادئ الإفصاح؟