الوقت فى الإعلام المصرى كالماء المهدَر، لا يحاسب عليه أحد، ولا يراقبه أحد. وساعات الإعلام والتحليل فى الدورى المصرى أصبحت أكثر من ساعات السياسة والثقافة والتراث الذى ميَّزنا عن باقى الشعوب. وإذا ما نظرنا بحكمة وبأبعاد حقيقية إلى أسباب انحدار مستوى الدورى وشغب الجماهير، فإننا لن نلوم سوى الإعلام الذى يمر مرور الكرام دون رقابة أو متابعة. فمئات الاستوديوهات ومئات المحللين والضيوف، من أجل مضمون واحد هو الكرة فى مصر. وكل هذا يكلف ملايين ومليارات تصرف دون وجه حق وبطريقة سخية سهل الاستفادة منها فى موارد أخرى. وأسأل سؤالا أحتاج إلى من يجيب عنه أو يناقشنى فيه: إذا كانت المباراة ستقام مثلا فى السابعة مساءً، فما الاستفادة التى ستعود على المشاهد عندما يتم بدء الاستوديو التحليلى من الثانية ظهرا، وينتهى عند الرابعة فجرا؟! هل المشاهد المصرى سيجلس من أجل متابعة مباراة فى حجم ديربى إيطاليا أو إسبانيا؟! هل المشاهد سيشاهد لاعبين بقيمة رونالدو وميسى وغيرهما؟! أم أنه هواء مفتوح من دون حاكم ولا حاكمة؟! هل سيستفيد المشاهد من كل هذا الوقت فى تثقيف كينونته الكروية، أم سيستمع إلى شرح طرق لعب وخطط تكتيكية تصل إلى ذهنه من خلال تطبيق اللاعبين لها فى المباراة؟! إننا أصبحنا نضحك على أنفسنا ونستهزئ بقيمتنا من خلال الإعلام الرياضى الذى أعتبره سلاحا ذا حدين. فلا أجد مثلا فى أغلب الفضائيات تحليلا وافيا وشارحا لمباراة بين السكة وبترول أسيوط، ولا أجد أيضا تفسيرا علميا وحلولا جذرية لحل أزمات اللاعبين والجماهير التى هى من صنعها الإعلام. فالوقت يا سادة أصبحنا نستخدمه بطريقة خطأ، أوصلتنا إلى حفر أخطاء عديدة لن نستطيع الخروج منها بسهولة، إلا إذا أعدنا حساباتنا وقوّمنا من سلوك إعلامنا الذى نهدر فيه الوقت على الهراءات والقفشات والمشكلات! الاستفادة بالكم والكيف معا. فخطة نجاح أى قناة رياضية أو مؤسسة إعلامية رياضية تقوم على التنويع والتركيز على المضامين بصورة مستمرة وباختلاف المواضيع والأساليب. واحكم أنت عزيزى المشاهد وأخرج لى الفرق بين برنامج فلان، واستوديو علان، لن تجد فرقا إلا فى عدة نقاط أبرزها: ضيوف مختلفون، ديكور مختلف، مراسلون مختلفون، توقيت بدء معين، لكن النتيجة واحدة مع اختلاف ما سبق. أنا لا أكتب هذا المقال حتى أسخر أو أستقل من قيمة أحد -لا سمح الله- ولا أشرحه أيضا لأنه غير متوافق مع ما تعلمت فى عملى، ولكنى أكتبه لأن الوقت فى الإعلام الرياضى المصرى أصبح مهدرا وبشدة وبطريقة جعلت الجميع ينفر منه، ويبتعد عنه، اللهم إلا فى أوقات الفراغ. وليتنا نتعظ ونتعلم.