هذه المقالات منتقاة من الصحف المختلفة ولا تعبر عن رأي الموقع، وإنما نقدمها لحضراتكم لإبداء الرأي فيها.. المواطن الإنجليزي المسكين لا يملك حق الفرجة على مباريات الدوري في بلاده على الهواء مباشرة إلا على شاشة واحدة فقط رغم أنه الدوري الأقوى والأشهر والأجمل والأهم في العالم كله.. ويمكن لهذا المواطن أن يشاهد مباراة واحدة فقط من مباريات كل أسبوع على شاشة ثانية ومقتطفات وأهداف المباريات على شاشة ثالثة.. أما المواطن المصري المدلل والمرفه.. فبإمكانه الاختيار والتنقل بين ثماني شاشات لمشاهدة مباريات الدوري في بلاده.. النيل للرياضة والفضائية والحياة ودريم والأهلي ومودرن سبورت ومودرن كورة وزوم سبورت.. رغم أن الكثير من تلك المباريات في مصر لا يستحق مشاهدة أو حتى تحليلاً وتعليقا وكلاماً لا أول له ولا آخر، فماذا يعني ذلك؟.. هل يعني أن الدوري المصري بات أكبر وأهم وأشهر من أن تتسع له شاشة واحدة أيا كان أصحابها وكانت وجوهها.. أم أن الاقتصاد المصري تجاوز كل حدود وآفاق الحاجة والأزمة وبلغ مرحلة الترف بحجم تجارته وأمواله وسوق إعلاناته بحيث أصبح قادرا إعلانيا على تمويل ثماني شاشات مرة واحدة تذيع حدثا واحدا.. أم أنها أزمة إعلام كروي امتلك مساحات للعرض أكبر مما تستدعيه الأمور، وأصبح مطالبا بشغل ساعات لا نهائية حتى إن شاشة "سكاي" الإنجليزية التي تنفرد بالدوري الإنجليزي لا يزيد وقت الاستوديو التحليلي بها على ساعة واحدة مقابل ثلاث ساعات على الأقل يحتاجها استوديو التحليل المصري على كل شاشة.. أى أنه مقابل كل ساعة تحليل لأي مباراة إنجليزية أو أوربية أو حتى نهائي كأس العالم للكرة.. هناك أربع وعشرون ساعة لأي مباراة مصرية حتى لو كانت بلا قيمة حقيقية.. أي 1440 دقيقة كلام لتحليل 90 دقيقة لعب.. وهو ما يعني أن دقيقة اللعب الواحدة تتطلب كلاما وتعليقا وتحليلا لمدة 16 دقيقة كاملة.. ومع كل التقدير والاحترام للأساتذة والزملاء الذين يقومون بهذه المهام الشاقة ويضطرون في كل مباراة لاختراع الكلام والتحليل المناسب.. ورغم أن هناك كلاماً مهماً بالفعل يقال.. فإن حشو كل هذا الوقت لابد أن يؤدي أو يجبر بعضهم هنا وهناك على اختراع قضايا وافتعال مواقف وتصيد لأخطاء حكام ولاعبين ومدربين وإشعال حروب دائمة بين الجماهير ضمانا للمشاهدة والرواج وتدفق الإعلانات.. والأغرب من ذلك أن هناك قنوات تليفزيونية جديدة بدأت تستعد لدخول هذا السيرك الكروي.. وباستثناء قناة "التحرير" التي قال لي مديرها محمد مراد إنه ملتزم بالهوية السياسية لقناته ولن يجري وراء الكرة طمعا في إعلاناتها.. فإن "سي بي سي" و"النهار" تستعدان للنزول إلى بحر الكرة.. وبدلا من ثماني قنوات سيصبح لدينا عشر. عشرة استوديوهات وثلاثون محللا كرويا وعشرة حكام يقومون كل يوم بسلخ وجلد كل حكم في أي مباراة.. وغالبا سيتطور الأمر ولن يبقى محصورا على معامل التحليل الكروي فقط.. وإنما سنشهد قريبا أكثر من قناة رياضية كاملة جديدة.. النهار وسي بي سي والحياة وقناة وان تو التي يملكها وليد دعبس، الذي سيدخل التاريخ باعتباره الرجل الوحيد في العالم الذي يملك ثلاثة استوديوهات تحليل منفصلة للتعليق والكلام على المباراة الواحدة.. وهذه القنوات الجديدة ستكون تماما مثل القنوات الرياضية القائمة بالفعل.. كلها تخص كرة القدم.. أو بالتحديد الأهلي والزمالك واتحاد الكرة، وفي بعض الأوقات قضية من الإسكندرية أو الإسماعيلية أو بورسعيد.. ويجلس الجمهور في البيوت مستمتعا بالفرجة على السيرك وحساب وتوقع من الذي سيهاجم الأهلي الليلة ولماذا، أو من الذي سيهاجم الزمالك ومن الذي سينتقد اتحاد الكرة أو يهاجمه.. وبهذه المناسبة أنا مدين باعتذار حقيقي لشوبير لأنني كتبت هنا منذ أيام عن المصالحة بينه وبين سمير زاهر وتساءلت: هل ستجبر هذه المصالحة شوبير على تغيير مواقفه وأقواله بشأن زاهر والجبلاية؟ وكنت أتساءل وأنا أتوقع التغيير المفاجئ.. إلا أن شوبير لم يتغير وبقي على نفس مواقفه القديمة التي لم تتبدل.. ولهذا أعتذر له أمام الجميع احتراما له ولنفسي ولكل الناس قبلنا. *