ملفان لن أكف عن الزَّنّ بشأنهما، الشهداء وعمر سليمان. الحقيقة أنهما ملف واحد، فعمر سليمان ظل رئيسا للمخابرات لمدة 14 سنة، وكُنّ سنوات عجافا، شهدت فيها مصر الوقائع الأليمة، والحوادث الجسيمة، ودفنت خيرة شبابها ومعهم أسرار الحقيقة، وعليه، فإن عمر سليمان يجب أن يخضع للتحقيقات. لا أقول بدءا من تفجيرات الحسين وطابا وشرم الشيخ، ولكن يا سيدى بداية من تفجير كنيسة القديسين، مرورا بقتل الشهداء فى أثناء الثورة، وانتهاء بأحداث ماسبيرو. ييجى واحد يقول لى: ماله بقى ومال أحداث ماسبيرو؟ ماهو بطّل يبقى رئيس مخابرات. الله ينوّر عليييك.. راح فين بقى؟ فاتح بيته منين طيب؟ ولماذا لا يتم التحقيق معه شأنه شأن أى رمز من رموز النظام السابق؟ ألم يدّعِ عمر سليمان أن الثوار تابعون لأجندة خارجية، وأنهم منتمون إلى براذر موسليمهود براذر موسليمهود براذر موسليمهود؟ بل إنه حين ذهب للشهادة أمام المحكمة ادّعى أن من قتل المتظاهرين جهات مندسة تنتمى إلى عناصر حزب الله وحماس! يا جدعان هو ينفع كده؟ إما أن البلاد قد اخترقها كل من حزب الله وحماس -هههههه همّ يضحّك وهم يبكى- وبذلك، وبوصفه رئيسا للمخابرات المصرية فى فترة الاختراق، يجب التحقيق معه، على الأقل بتهمة الإهمال، وإما أنه وجه اتهامات باطلة إلى الثورة ليبرئ ساحة القتلة، ومن ثم وجب التحقيق معه بتهمة إشاعة أخبار كاذبة. يرجع مرجوعنا لموضوعنا: الشهداء. عمر سليمان مسؤول بشكل مباشر أو غير مباشر عن أرواح الشهداء التى أهدرت فى تفجير كنيسة القديسين، وفى أيام الثورة، سواء فى يوم 28، أو ما يليه من أيام، خصوصا معركة الجمل، بوصفه رئيسا للمخابرات المصرية، ومهمته معرفة كل كبيرة وصغيرة تحدث فى البلاد، وتتبع خيوط كل واقعة تقع، خصوصا إذا راح ضحيتها أبرياء، فإن كان المسؤول عن إهدار هذه الدماء، طرفا ثالثا، وأصابع خارجية، ورأس الأفعى، ورجل الكنبة، وصباع المحشى، فهو مسؤول بصفته وشخصه، وإن لم يكن الأمر كذلك... قول انتَ بقااااااا. أين عمر سليمان؟ وما رأس الأفعى؟ ومَن الطرف الثالث؟ إحنا بنهزر معاكم؟ هذه أرواح غالية، وقلوب محترقة، وأنفس ملتاعة، وأحزان متوالية، وطابور طويل من العرسان، نزفّهم إلى السماء، وما إن ندفن جمعا حتى يسقط لنا شهداء جدد، ومصر لا ترتوى من دماء أبنائها أبدا، ودماؤنا رخيصة إن كانت هى مهرها، لكننا نريد أن نعرف من المسؤول عن قتل السابقين حتى نقدم دماء اللاحقين ونحن نعرف عدوّنا. الشهداء يموت جميعهم بنفس الطريقة، وتبعا لنفس الخطة المكررة، وبذات الأسلوب، مما يعنى أن العقل المدبر لكل مقتلة واحد، وأن الأصابع التى تحرك هذه المذابح ليد واحدة، والصمت عن كشف الحقيقة أيضا يتم بنفس النهج. انطقوا، أو تحركوا، أو حققوا، أو اذهبوا... مابنهزرش معاكم، هذا دم.. دمممممممم. ولا أنام عن الدم، ولو نام عنه كل الإخوة المواطنين والمواطنات، الأحياء منهم والأموات، ولا أهدأ عن الدم، ولو هدأت رنات أنين أمهات الشهداء أنفسهم، ولا أصمت عن حق الدم، ولو حدثت المعجزة وصمت توفيق عكاشة لمدة خمس دقائق. مَن القاتل؟ مَن دبر تفجير كنيسة القديسين؟ من قتل شهداء الثورة فى أيام 25 و28 و29 و30 يناير و2 فبراير؟ رأينا القناصة ولا نعلم مَن هم؟ قد يكون أحدهم غادر البلاد، قد يكون جلهم يسير فى الطريق وتلامس أكتافهم أكتافنا، ويمرون بجوارنا، وهم قتلة أبنائنا. من قتل محمد محسن؟ وأين قاتله؟ ولماذا لم يقدم إلى المحاكمة؟ هذا إنسان قُتل، فكيف يكون هناك مقتول دون قاتل؟ وكيف يُترك القاتل حرا طليقا؟ من قتل شهداء 9 أكتوبر؟ كل القتلة أحرار، كلهم قتل الناس وعاد إلى بيته ليبيت فى فراشه، كلهم يعيش حياة طبيعية، يأكل ويشرب ويذهب إلى عمله. ما هذا الجنون؟ المنطق يقول إن الصامت عن القاتل لا بد أن يكون شريكا له. ما يؤكد شكوكى هو الترويج لتلك النغمة البائسة «ماتسكتوا بقى.. إنتو عايزينها خراب؟». نسكت؟ خراب؟ لا يقول هذا الكلام إلا القاتل. ليس هناك مستفيد من إسكات الأصوات المطالبة بالقصاص للقتلى سوى القاتل ذاته، ولا يوجد شخص على وجه البسيطة يظن أن التحقيق فى مقتل الأبرياء ومعاقبة المذنب هو خراب سوى القاتل.. لأن العدالة بالفعل ستكون خرابا عليه. برضه... أين عمر سليمان؟ أكيد يعرف ولو معلومة بسيطة... ولاّ هاه؟