منحت روسيا والصين الرئيس السوري «بشار الأسد» نصرا دبلوماسيا باستخدامهما، حق النقض «الفيتو» ضد قرار صاغته اوروبا ضد سوريا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بعد ستة اشهر من القمع العنيف لاحتجاجات مطالبة بالديمقراطية. ذلك ويلوح في الأفق ضغط من تركيا جارة سوريا القوية، التي لجأ إليها عقيد بالجيش السوري، إنضم للإنتفاضة في خطوة من شأنها أن تفاقم التوترات بين دمشق وأنقرة. وقال السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة «جيرار آرود» للمجلس أمس الثلاثاء «هذا الفيتو لن يمنعنا، الفيتو لن يمنح السلطات السورية حرية تصرف مطلقة». كما أيد مشروع القرار، الذي يلمح إلى أن دمشق قد تواجه عقوبات، إذا واصلت حملتها على المحتجين، تسعة أصوات، في حين أمتنع عن التصويت عليه أربعة أعضاء. وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة «سوزان رايس» أن واشنطن غاضبة من الفيتو، وأضافت قولها، أنه حان الوقت للمجلس أن يتبنى فرض «عقوبات صارمة موجهة» على دمشق. وعلى صعيد آخر، يترنح الإقتصاد السوري من جراء العقوبات الأمريكية وعقوبات الاتحاد الأوروبي على قطاع النفط المهم رغم صغر حجمه، والمرتبط بعائلة الأسد والصفوة الحاكمة. كما تتراجع احتياطات النقد الأجنبي؛ مما اضطر السلطات الشهر الماضي لفرض حظر شامل على الواردات، في محاولة للإحتفاظ بالإحتياطيات. وقد ألغي القرار أمس بعد أن أرتفعت الأسعار، واستاءت طبقة التجار صاحبة النفوذ التي تدعم الأسد. هذا ولم تعترض على القرار إلا روسيا والصين، ولديهما إمتيازات نفطية رئيسية في سوريا، ولا تريدان أن يتسع نطاق النفوذ الغربي في الشرق الأوسط، حيث قال السفير الروسي «فيتالي تشوركين» لمجلس الأمن «أن موسكو تعارض بشدة التهديد بفرض عقوبات على دمشق، وكرر مخاوفه من أن تمرير القرار الأوروبي بشأن سوريا قد يفتح الباب أمام تدخل عسكري على غرار ما حدث في ليبيا». وتقول الأممالمتحدة «أن العمليات العسكرية السورية ضد المتظاهرين اودت بحياة أكثر من 2700 مدني»، في حين يقول الأسد «أن أي دولة في العالم كانت ستتعامل مع الإنتفاضة بنفس الأساليب»، وتلقي السلطات السورية اللوم على عصابات إرهابية مسلحة، تقول إنها مدعومة من جهات خارجية لم تحددها، وتقول إن 800 من أفراد الأمن قتلوا. وبعد أشهر من الإحتجاجات السلمية حمل بعض العسكريين المنشقين والمعارضين السلاح، وشن الجيش حملات ضدهم لاسيما في المناطق المتاخمة لتركيا والأردن، ونقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن العقيد «رياض الأسعد» وهو أرفع رتبة تنشق عن الجيش السوري منذ إندلاع الإنتفاضة الشعبية في مارس، وأنه موجود في مكان آمن في تركيا، وقد أوردت الوكالة النبأ من هاتاي بجنوب تركيا إلى حيث فر سبعة آلاف سوري؛ هربا من قمع الأسد للمحتجين. وقال رئيس الوزراء التركي «رجب طيب أردوغان» الذي تنبأ بأن الشعب السوري سيطيح بالأسد «عاجلا أم أجلا»، وأنه ينوي الكشف عن عقوبات ضد سوريا بعد زيارة اللاجئيين السوريين في هاتاي خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث أعلنت تركيا أنها ستجري مناورات عسكرية في هاتاي تبدأ اليوم وتستمر تسعة أيام. وقد دعت جماعات سورية معارضة، إجتمعت في إسطنبول يوم الأحد، إلى تحرك دولي لوقف ما يقولون إنه قتل دون تمييز يتعرض له المدنيون على أيدي السلطات، ولكنها رفضت تدخلا عسكريا على غرار ما يحدث في ليبيا. وقال العقيد الأسعد الذي يقود «جيش سوريا الحر» إن أكثر من عشرة آلاف جندي إنشقوا عن الجيش السوري، كما قال نشطاء «إن معارك إندلعت في منطقة جبل الزاوية الوعرة في ادلب أمس خلال مداهمات قام بها الجيش لبلدتي السرجة وشنان، حيث تحدثت تقارير عن لجوء منشقين إليهما وأضافوا أن قرويين أثنين على الأقل قتلا. وقال ناشط في محافظة ادلب في شمال غرب البلاد قرب تركيا «تلك مناطق وعرة أو زراعية، لا يمكن للنظام أن يسيطر عليها إلا إذا استعان بمزيد من القوات، وعندئذ سيخاطر بحدوث مزيد من الانشقاقات». وبالمقارنة، ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء، أن جماعات إرهابية مسلحة قتلت أحد رجال الأمن في كمين بادلب، وأصيب أخر بإصابات طفيفة في هجوم بقنبلة على دورية بمدينة حماة، التي إجتاحتها الدبابات في يوليو تموز لإخماد إحتجاجات ضخمة، كما تنفي السلطات أي انشقاقات في صفوف الجيش، وتقول إن العمليات العسكرية تأتي استجابة لمناشدات من السكان.