مخاوف وتحذيرات من توجه الحكومة نحو زراعة القطن قصير التيلة.. ومتخصصون: مصر تنافس 5 دول فقط في زراعة القطن طويل التيلة.. ونجاح التجربة من عدمه يتوقف على مكان زراعتها وجهت وزارتا الزراعة وقطاع الأعمال العام إمكانياتهما وطاقاتهما في الآونه الأخيرة، نحو زراعة مساحات بالقطن قصير ومتوسط التيلة في موسم الزراعة المقبل 2020، عقب التكليفات التي أصدرها رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في سبتمبر 2018، بزراعة مساحة تجريبية معزولة من القطن قصير التيلة لتلبية احتياجات المصانع، نظرا لكون صناعة الملابس عالميا تعتمد على زراعة القطن قصير التيلة. إلا أنه في المقابل ظهرت بعض المخاوف والتحذيرات، التي أطلقها عدد كبير من المتخصصين في المجال الزراعي من زراعة القطن قصير التيلة. أرجعوا ذلك إلى انخفاض جودة القطن قصير التيلة، وحدوث تأثيرات سلبية في حالة اختلاطه بنوعيات من القطن طويل التيلة، إلى جانب فقدان الصورة الذهنية في العالم الخارجي عن شهرة مصر بزراعة القطن طويل التيلة. وحسب تصريحات سابقة لوزير قطاع الأعمال العام الدكتور هشام توفيق، فإن النسبة الكبرى من منتجات الغزل والنسيج أرجعوا ذلك إلى انخفاض جودة القطن قصير التيلة، وحدوث تأثيرات سلبية في حالة اختلاطه بنوعيات من القطن طويل التيلة، إلى جانب فقدان الصورة الذهنية في العالم الخارجي عن شهرة مصر بزراعة القطن طويل التيلة. وحسب تصريحات سابقة لوزير قطاع الأعمال العام الدكتور هشام توفيق، فإن النسبة الكبرى من منتجات الغزل والنسيج فى العالم، تعتمد على هذين النوعين من القطن، وليس طويل التيلة الذى تتميز مصر بزراعته، نظرا لكون القطن قصير التيلة الأرخص والمطلوب، والمستهدف زيادة إنتاجيته بدلا من الاستيراد من الخارج، كما أن هناك خطة لزراعة ما يتراوح ما بين 10 و20 ألف فدان من الأقطان قصيرة التيلة. كما أكد أن مصانع الغزل والنسيج تستورد حاليًا نحو 2 مليون قنطار من الأقطان والغزول قصيرة التيلة، وبالتالى نعمل على تلبية احتياجات هذه المصانع بزراعة محلية، بدلًا من الاستيراد، وسيتم التنسيق مع مستثمرين زراعيين لزراعة هذه المساحة التجريبية، التي نأمل أن تصل إلى 100 ألف فدان خلال السنوات الثلاث المقبلة، على أن يكون ذلك تحت إشراف من مركز البحوث الزراعية، الذى سنستفيد بخبراته أيضًا فى استيراد التقاوى والبذور من الدول التى تميزت فى زراعة الأقطان قصيرة التيلة. تراجع كبير ومن المتعارف عليه أن زراعة القطن فى مصر، تبدأ خلال النصف الأول من شهر فبراير وتستمر إلى منتصف إبريل، وكانت مصر تستحوذ على 70% من التنافس الدولي، لكن للأسف انقلب الموقف خلال ربع القرن الأخير، وتراجعت مصر لتستحوذ على أقل من 20% من التجارة الخارجية لطويل التيلة، ونستورد أقطانا متوسطة وقصيرة التيلة، حيث تعمل معظم المغازل المصرية عليها خاصة لتغذية الصناعة المحلية للمنسوجات. وحسب تقرير رسمي صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن إجمالي كمية الأقطان من الأصناف طويل ووسط التيلة 6.312 ألف قنطار مترى بنسبة قدرها 89.3%، ويعتبر صنف جيزة 86 أكثر الأصناف الموجودة، حيث بلغت كميته 5.164 ألف قنطار متري بنسبة قدرها 0.47% من إجمالى الموجود الفعلي من القطن الشعر فى 31 أغسطس 2018. وأظهر التقرير أن مصر صدرت ما يزيد على 754.2 ألف قنطار مترى قطن ل24 دولة بقيمة 2.049 مليار جنيه خلال الموسم الزراعى 2018، كما أوضح أن من أكثر الدول استيرادا للقطن المصرى خلال الموسم الزراعى الهند وباكستان، حيث صدرت مصر للهند 460 ألف قنطار قطن بقيمة 1.2 مليار جنيه من إجمالى صادرات القطن، فى حين بلغت صادراتها لباكستان، 100.9 ألف قنطار بقيمة 265.1 مليون جنيه. ووفقا لتقرير لوزارة الزراعة الأمريكية فإن كميات القطن التي تصدرها أمريكا لمصر زادت بنسبة 30% في 2015 مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى 40 مليون دولار، وذلك مع تزايد اعتماد المغازل المحلية على قطن البيما الأمريكي في ظل تراجع مستوى القطن المصري. وفي أغسطس من العام الماضي، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خلال النشرة ربع السنوية للقطن خلال الربع الثالث للموسم الزراعي 2017-2018، أن إجمالي كمية الصادرات بلغ 1.160 ألف قنطار متري خلال مارس ومايو 2018، مقابل 7.149 ألف قنطار متري لنفس الفترة من الموسم السابق، بنسبة زيادة قدرها 9.6%. "التحرير" استعرضت آراء عدد من المتخصصين في الزراعة، للاستفسار منهم عن توجه الحكومة نحو زراعة القطن قصير التيلة ومدى جدوى الاستفادة منه، وما إذا كان سيؤثر على تنافسية مصر مع الأقطان المستوردة من الخارج. السر في التجربة يقول النائب البرلماني عثمان المنتصر، أمين سر لجنة الزراعة في البرلمان، إن القطن طويل التيلة يعد من أفضل الأصناف في مصر وهو الأنسب في الزراعة حاليا، مشيرا إلى أن القطن قصير التيلة محاصيله أقل مقارنة بطويل التيلة. وأضاف المنتصر في تصريحات ل«التحرير» أن القطن قصير التيلة يحتاج إلى أجواء معينة للزراعة، وتختلف زراعته من منطقة لأخرى، قائلا: "هناك دول بالخارج تعتمد على القطن قصير التيلة ونجحت في زراعته والاستفادة من ورائه". وحول مدى نجاح تجربة زراعة مساحات من القطن قصير التيلة، يقول عثمان: "الأمر يتوقف على التجربة نفسها والمناطق الخاصة بزراعة تلك المساحات والأجواء التي سيتم الزراعة فيها". الاستغلال الأمثل هو الحل بينما قال الدكتور محمد عبد المجيد، مدير معهد بحوث القطن السابق ومستشار وزير الزراعة لملف العلاقات الزراعية الإفريقية، إن الحكومة عليها أن توجه الدعم لزيادة القيمة المضافة للقطن المصري، مستطردا: «كنا ننتج 60% من القطن فائق النعومة من الإنتاج الكلى العالمى الذى يبلغ 25 مليون طن وللأسف الآن لم نعد ننتج سوى 20% ويتم تصديره خاما»، لافتا إلى أن القطن يتم زراعته في أكثر من 50 دولة، وهناك تفاوت في الإنتاجية. وأضاف عبد المجيد في تصريحات خاصة، أن مصر من أحسن الدول في زراعة القطن، مردفا: "كنا ننتج 60% من القطن، وأصبح الإنتاج لا يتجاوز حاليا20%"، موضحا أن تراجع القطن المصرى جاء نتيجة تراكم سنوات كبيرة من الإهمال وسياسات خاطئة فى التسويق للقطن المصرى خارجيا، منوها بأن البعض اضطر لاستيراد أقطان أجنبية بحجة أنه يصب في مصلحتهم، مشددا على أن مصر لديها نوعية متفوقة من القطن ولكن لم تستطع حتى اللحظة الراهنة زيادة القيمة المضافة لها، ويتم استغلالها في صناعة خامات لسنا بحاجة ملحة إليها. ونوه مدير معهد بحوث القطن السابق، بأن القطن قصير التيلة لم يثبت حتى الآن أنه يستطيع إنتاج 20 قنطارا، قائلا: "القضية مرتبطة بكيفية الاستفادة من القطن المصري وليس الاستعانة بنوعية جديدة من الأقطان". المنافسة مع دول الخارج بينما قال النائب عبد الحميد الدمرداش، رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، إن مصر تمتاز بزراعة القطن طويل التيلة، وهناك 5 دول فقط تنافسها في هذا المجال، والحكومة توجه أنظارها حاليا نحو تنقية القطن من أي مواد تلوث الإنتاجية وإنتاج أصناف جديدة، وهناك مؤشرات إيجابية في هذا الاتجاه. وأضاف الدمرداش، في تصريحات خاصة، أن مصر تستورد 4 ملايين قنطار من القطن قصير التيلة من الخارج، ولكى تنجح فكرة زراعته في مصر، لا بد من تجربة الفكرة في مكان بعيد عن أماكن زراعة القطن طويل التيلة وإجراء تجارب حقيقية عليه، مستشهدا بمثال: "ما الذي يمنع أن يتم تجربة زراعة القطن قصير التيلة في مكان بالصحراء لا تزيد مساحته على 2000 فدان ويتم إجراؤها بالتنقيط، وإذا أثبتت الفكرة نجاحها وظهرت إنتاجية حقيقية يتم تعميمها". وأضاف أن هناك 70 دولة تتنافس في زراعة القطن قصير التيلة، في حين أن هناك 5 دول فقط تنافس مصر في زراعة القطن طويل التيلة، قائلا: «من الأجدى أن نبحث عن التميز في زراعة الأقطان طويلة التيلة ونزيد القيمة المضافة فيها بدلا من قصيرة التيلة».