انقسام أساتذة الأزهر حول القرار بين تأييد تام ورفض مطلق.. متحدث الجامعة: القرار تنظيمي ولا نستهدف أحدا.. وآمنة نصير: تكميم للأفواه ولا يليق بجامعة عريقة بينما شهدت الساحة انقساما كبيرا حول قرار رئيس جامعة الأزهر، بحظر ظهور أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعة، في الإعلام إلا بإذن مسبق، انتصر أعضاء هيئة التدريس بالجامعة لقرار محمد المحرصاوي، رئيس الجامعة، وأكدوا تأييدهم له. بررت الجامعة القرار بأنه يأتى التزامًا بتنفيذ صحيح القانون وسعيًا لاتخاذ كل ما من شأنه الإسهام في ضبط منظومة العمل وتحسين مستوى الأداء، وأن تنظيم الظهور الإعلامي لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم أو التصدي للفتوى العامة، لا يُعد تخليا عن منهجها الذي يرتكز على الاجتهاد والتنوع وقبول الاختلاف. الجامعة: القرار لا يستهدف أحدا وأكد الدكتور أحمد زارع، المتحدث الرسمى لجامعة الأزهر، أن الجامعة لا تستهدف بهذا القرار الذى يأتى من اختصاصها أحدا، بقدر أن جامعة الأزهر تسعى بموجبه إلى ضبط المشهد الإفتائي بشكل عام، وذلك من خلال إتاحة الفرصة لأهل التخصص بالظهور على الفضائيات من أجل إيضاح الأمور الدينية الجامعة: القرار لا يستهدف أحدا وأكد الدكتور أحمد زارع، المتحدث الرسمى لجامعة الأزهر، أن الجامعة لا تستهدف بهذا القرار الذى يأتى من اختصاصها أحدا، بقدر أن جامعة الأزهر تسعى بموجبه إلى ضبط المشهد الإفتائي بشكل عام، وذلك من خلال إتاحة الفرصة لأهل التخصص بالظهور على الفضائيات من أجل إيضاح الأمور الدينية والفقهية بشكل عام، مؤكدا أن ليس كل من يدرس بجامعة الأزهر مؤهلا للعمل الإفتائي فهناك تخصصات بالجامعة بعيدة كل البعد عن مؤهلات العمل الإفتائي. وأضاف زارع ل"التحرير" أن أى مؤسسة من مؤسسات الدولة لها الحق فى اتخاذ ما تراه مناسبا لتنظيم سير العمل بها، وهذا ما أقدمت عليه الجامعة، خصوصا أنه في الآونة الأخيرة امتلأت معها العديد من الأقوال الشاذة التى رفضها المجتمع وندد بها، وبالتالى فإن الجامعة حريصة أشد الحرص على نشر رسالتها القائمة على الفكر الوسطى، وذلك بإتاحة الفرصة للمختصين واستبعاد كل من يفتقر للعلم الشرعى الخاص بالإفتاء. عقوبات للمخالفين وتابع: فى حالة مخالفة ذلك القرار، ستتخذ الجامعة من الجزاءات التأديبية ما تراه مناسبا لمخالفة القرار، مطالبا جموع أعضاء هيئة التدريس بأن يكونوا على قدرة المسئولية والالتزام بالقرار والتقدم للجامعة حيال وجود الرغبة فى الظهور على الفضائيات للإفتاء، وذلك للحصول على التصريح، مشددا على أن المعيار الرئيسى فى منح التصاريح سيكون توافر أهل الاختصاص والخبرة، ولا مجاملة لأحد. وحول مسألة قيام بعض المنتسبين للجامعة بتقديم برامج تليفزيونية، قال: هؤلاء يقدمون برامج تليفزيونية، وبالتالى الجامعة لم ولن تسعى إلى عرقلة مسيرتهم فى إيضاح الجوانب الفقهية من خلالهم للناس، شريطة تبني شعار الوسطية والاعتدال، بقدر أن القرار يستهدف من يسعى للظهور كضيف أو معقب على واقعة معينة، وذلك من أجل ضبط الخطاب الدعوى على الفضائيات، وأن جامعة الأزهر تجدد تأكيدها أنها لا تمنع أحدا من علماء الأزهر وأساتذته من الظهور الإعلامي اللائق بالمؤسسة العريقة، فهذا دور علماء الأزهر في بيان الدين والأحكام الشرعية للناس، ولكن فى إطاره المنضبط. الهلالي أول المتقدمين للحصول على ترخيص تقدم الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، بطلب رسمي إلى مكتب الدكتور محمد حسين المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، للحصول على ترخيص بالظهور الإعلامي في وسائل الإعلام، حسب تصريحات مصادر بالأزهر ل"التحرير". وحمل طلب الهلالى موافقة جامعة الأزهر على ظهوره فى الفضائيات، شريطة أن يكون ذلك في غير أوقات العمل الرسمية، وبشرط الالتزام بالمنهج الأزهري. كان الهلالى قد أثار حالة من الجدل خلال الأيام الماضية، عقب تأكيده بأن قرار تونس بشأن المساواة فى الميراث صحيح فقهيا ويتماشى مع كلام الله، الأمر الذى خلق حالة من الغضب العارم. تكميم للأفواه وعبرت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة، وعضو مجلس النواب، عن استيائها الشديد من القرار، مؤكدة أنه لا يجب لجامعة عريقة مثل جامعة الأزهر أن تتجه إلى تكميم أفواه العلماء، وأنه فى حالة وجود آراء شاذة لا بد من محاربتها فكريا من الأساس وليس من خلال المنع والحجب. وأضافت نصير: العالم ينتظر من الجامعة مزيدا من الخطوات التى تخدم الفكر المستنير وقبول الرأى والرأى الآخر والرد بالحجة والمنطق والأدلة، وليس قرارات تزيد من التعدى على حرية الرأى والتعبير المكفولة دستوريا وقانونيا. وتابعت: كان يتعين على الجامعة ألا تلجأ إلى هذا القرار الذى يتنافى مع رسالة العلماء بإيضاح العلوم الشرعية لعموم الناس عبر القنوات الشرعية للمعرفة، وبالأخص الفضائيات نظرا للمشاهدات العليا لبعض القنوات، وأنه كان لها أن تتخذ من الإجراءات الجزائية ما يكفل الحد من الآراء الغريبة، وليس التعميم بقرار وأن يكون المنح الخاص بالتصريح لأهل الطاعة والولاء وليس الخبرات وأهل التخصص. وأشارت نصير إلى أنه من غير المقبول أن تفرض الجامعة على أبنائها نوعا جديدا من الوصاية، وأن العالم أصبح قرية واحدة ولا يليق معه أن تتجه الجامعة إلى مثل تلك القرارات التى تقتل حرية الفكر والإبداع، وتكرس لثقافة الولاء والطاعة وليس الاجتهاد والخروج من بوتقة الأفكار الجامدة والاتجاه للفكر المستنير، وأن تلك الخطوات تزيد من جمود الفكر، وعدم الجراءة على طرح القضايا الشائكة للنقاش. القرار أمر تنظيمي وأيد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه بالأزهر، القرار، معلقا بأن من ينتسب إلى مؤسسة الأزهر الشريف ويفتي بآراء غريبة على نسيج المجتمع المصرى، يتصدر للمواطن العادى المشهد بأن ذلك الأمر يمثل رأي الأزهر، وبالتالى أصبح من حق المؤسسة جامعا وجامعة أن تتخذ من الإجراءات ما يمكنها من ضبط المشهد الإفتائي على الفضائيات. وأوضح كريمة أن القرار لا يعد تكميما للأفواه بقدر ما هو سلوك إجرائي تنظيمي يستهدف صدارة أهل الاختصاص والعلم للعمل الإفتائي على الفضائيات، وذلك من أجل الحد من الأقوال الشاذة، بإتاحة الفرصة للظهور لأهل التخصص، وبالتالى ستكون فتواهم مبنية على علم وتخصص، وليس تفسيرات خاطئة. وناشد كريمة أقرانه من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر، بضرورة تحمل المسئولية جنبا إلى جنب مع كل مؤسسات الدولة فى مواجهة التحديات الراهنة التى تحيط بالوطن فى الداخل والخارج، والوقوف فى خندق واحد فى معركة تجديد الخطاب الدينى، الذى يقوم فى المقام الأول على ممارسة الفكر المستنير والحد من ظهور الأقوال المتطرفة، فدحر الأفكار الشاذة يأتى بنشر الأفكار المستنيرة. حق من حقوق المؤسسة وأكدت الدكتورة فتحية الحنفى، أستاذ الفقه، أنه من المعلوم أن العلم يؤخذ من منابعه قال تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، والعلم الشرعي يؤخذ من علمائه المتخصصين الذين يتبعون المؤسسة الأزهرية، لأن هناك من يفتي بالشاذ من الأقوال، ومنهم من يفسر النص طبقا لهواه. وأضافت الحنفى: وجب على المؤسسة الأزهرية أن تضع ضوابط لمن يظهر على الفضائيات لأنه في هذه الحالة يفتي باسم المؤسسة الأزهرية، لذا أقول إنه لا يظهر أحد على الفضائيات إلا بموافقة المؤسسة حتى تكون الفتوى تتبع من هو مسؤول عنها، وبناء عليه لا يجوز الظهور على الفضائيات إلا بالموافقة من الجهة صاحبة الحق حتى تنضبط الفتوى.