تعد الولاياتالمتحدة واحدة من أكثر دول العالم إنتاجًا للغاز الطبيعي المسال، حيث تحتل المركز الرابع عالميًا في قائمة الدول المصدرة له، بإجمالى إنتاج 17.4 مليار متر مكعب في عام 2017. وفي المقابل تحتاج الصين التي تعاني من التلوث الشديد، الغاز المسال الأمريكي للتخلص من الفحم، حيث دفع الطلب الصيني النهم، شركات الطاقة الأمريكية مثل "إكسون موبيل" و"شينير إينرجى" وغيرها لبناء أكثر من عشرين منشأة لتصدير الغاز الطبيعي المسال. وأشارت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إلى أنه خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى بكين في الخريف الماضي، وافقت الصين على استثمار 43 مليار دولار في مشروع للغاز الطبيعي المسال في ألاسكا. إلا أن هذا التناغم بين الدولتين في مجال الطاقة لم يسر على ما يرام، حيث قالت الصين، الثلاثاء الماضي، إنها ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 10٪ على 60 مليار دولار من المنتجات الأمريكية، بما فيها الغاز الطبيعي المسال، في إطار الحرب التجارية المندلعة بينهما. ومن الممكن أن تتسبب التوترات التجارية القائمة بين أكبر اقتصادين في العالم، في تعثر تمويل منشآت تصدير الغاز الطبيعي المسال الأمريكية. حيث صرح تشارلي ريدل المدير التنفيذي لمركز الغاز الطبيعي المسال، وهي مجموعة تجارية تمثل عددا من شركات الطاقة الأمريكية أنه "من الواضح أن هذا أمر مثير للقلق، وهناك احتمالات بتأخر بعض المشاريع". اقرأ المزيد: قبل انتخابات الكونجرس.. ترامب أمام أزمة جديدة بسبب الحرب التجارية وكانت الطفرة التي حدثت في إنتاج النفط الصخري، قد تسببت في وجود فائض من الغاز الطبيعي في الولاياتالمتحدة، وفي محاولة للتخلص من هذه الزيادة، بدأت الولاياتالمتحدة في تصدير الغاز المسال في 2016، عندما فتحت شركة "شينير" منشأة لتصدير الغاز المسال في هيوستن، وفي العام نفسه، افتتحت شركة "دومينيون إنرجي" ثاني مرفق للتصدير في ولاية ماريلاند. وكانت الصين من أكبر الأسواق استيرادًا للغاز الطبيعي، حيث احتلت المركز الثالث عالميًا في قائمة أكثر الدول استيرادًا للغاز المسال بنحو 38.2 مليار متر مكعب في 2017. نمو شهية الصين لاستيراد الغاز الطبيعي المسال دفع الولاياتالمتحدة إلى التخطيط لزيادة قدرتها التصديرية أربعة أضعاف، وذلك ببناء 25 منشأة جديدة على الأقل، حيث يعد الغاز المسال حجر الزاوية في أجندة ترامب للطاقة. وعلى مدى 12 شهرًا، حتى يونيو 2018، كانت الصين ثاني أكبر مشتر للغاز الطبيعي المسال الأمريكي، وكانت شركة "شل" أكبر مصدر لها، وفقا لشركة "وود ماكينزي" لاستشارات الطاقة. إلا أن الصين قللت من مشترياتها من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي في الأشهر الأخيرة مع تصاعد التوترات التجارية، واتجهت بكين إلى شركات النفط والغاز الطبيعي المسال في قطر وأستراليا وروسيا. حيث صرح مات سميث، مدير البحوث السلعية في شركة "كليبر داتا" أن "الصين تمكنت من العثور على بائعين آخرين مستعدين لإمدادها بالغاز المسال". اقرأ المزيد: استهداف الشركات الأمريكية.. سلاح ذو حدين للصين في الحرب التجارية أسواق بديلة وترى الشبكة الأمريكية أنه من المرجح أن تتسبب الرسوم الجمركية المفروضة على الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، في زيادة أسعاره، وخروجه من السوق الصينية. وقال تشارلي ريدل إن "هناك موردين آخرين في جميع أنحاء العالم، سيكون من دواعي سرورهم تزويد الصين باحتياجاتها من الغاز المسال، وبالإضافة لذلك، لا تعاني منتجاتهم من رسوم جمركية بنسبة 10٪". وأشار كايل إيزاكور نائب رئيس معهد البترول الأمريكي، في بيان له إلى أن هذا الصراع التجاري "يؤثر على نمو قطاع الطاقة الأمريكي، ويتعارض مع الهدف المعلن للإدارة المتمثل في الهيمنة على صناعة الطاقة". إلا أن عددا من المحللين أكدوا أن إجمالي صادرات الولاياتالمتحدة من الغاز الطبيعي المسال لن تتأثر بالرسوم الجمركية الصينية على المدى القصير، حيث هناك الكثير من المشترين الآخرين، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وأمريكا اللاتينية، وتضغط واشنطن على أوروبا لإنهاء اعتمادها على الغاز الطبيعي الروسي. وقال بافل مولتشانوف المحلل في مجال الطاقة لدى شركة "ريموند جيمس" للاستشارات الاقتصادية إنه "إذا اشترت الصين غازا أقل، سيشتري شخص آخر المزيد"، مضيفًا أنه "لا يهم إذا كان المشتري صينيًا أو أوروبيًا أو حتى من أمريكا اللاتينية، الإيرادات هي الأهم". هل ستتأثر خطط التوسع؟ "سي إن إن" تعتقد أن العواقب الحقيقية للحرب التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين، من الممكن أن تظهر جلية في مشاريع الغاز الطبيعي المسال الأمريكية. اقرأ المزيد: واشنطن تخشى زر «التدمير الذاتي» للصين في الحرب التجارية فنظرًا للتكلفة الهائلة لبناء مرافق التصدير، يتوقف تمويل هذه المشروعات على القدرة على التوصل إلى اتفاق طويل الأجل مع المستوردين، وكان المشتري الأقرب للشركات الأمريكية هي الصين. وعلى سبيل المثال، أعلنت شركة "شينير" في مايو الماضي، عن خطط لتوسيع محطة تصدير في تكساس، تم دعم هذه الخطط جزئيًا من خلال توقيع عقد مع شركة "بتروتشاينا" الصينية وفي أغسطس الماضي، قال جاك فوسكو الرئيس التنفيذي لشركة "شينير" إن التهديدات الجمركية من الصين قد تبطئ المحادثات مع الشركة الصينية، حول الخطط المستقبلية. إلا أن فوسكو أكد أن الرسوم الجمركية لن تؤثر على العقود القائمة بالفعل، مشيرًا إلى أن التعاون بين الولاياتالمتحدةوالصين في مجال الطاقة كان أمرًا مفيدًا للجانبين، بما في ذلك خلق الآلاف من الوظائف المباشرة وغير المباشرة في السوق الأمريكية.