في يوليو الماضي، حظى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بفرصة للاجتماع مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، بشكل منفرد، خلال القمة التي عقدت بينهما في العاصمة الفنلندية هلسنكي. تفاصيل الاجتماع الذي استمر لأكثر من ساعتين، غير معلومة حتى لكبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، حيث صرح دان كوتس مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، بأنه "ليس لديه المعلومات الكافية للحديث عن فحوى الاجتماع". إلا أن بعض التفاصيل بدأت في الظهور، بعد حصول مجلة "بوليتيكو" الأمريكية على وثيقة روسية مسربة كشفت عن بعض الغموض الذي يحيط بالاجتماع. وأشارت المجلة إلى أن الوثيقة كشفت أن بوتين قدم لترامب، العديد من الطلبات من ضمنها إعادة مباحثات السيطرة على الأسلحة النووية، وحظر نشر الأسلحة في الفضاء. وتضم الوثيقة التي لم يتم نشرها من قبل، قائمة بالمواضيع المقترحة للتفاوض، حيث تقدم رؤى جديدة حول مضمون الاجتماع المغلق الذي جرى في 16 يوليو الماضي. اقرأ المزيد: قمة «هلسنكي».. كيف بدا ترامب ضعيفًا أمام بوتين؟ حيث قام بوتين بمشاركة محتويات الوثيقة مع ترامب خلال محادثاتهما، وفقًا لمسئول الحكومة الأمريكية الذي قدم ترجمة باللغة الإنجليزية. واستعرضت "بوليتيكو" أيضا نسخة باللغة الروسية من الوثيقة التي تحمل عنوان "حوار حول قضية الحد من التسلح"، والتي حصل عليها الشخص الذي قدمها إلى المجلة من مسؤولين روس وصفوها بأنها "ما طلبه بوتين من ترامب في هلسنكي". وتشير المذكرة إلى تغيير مفاجئ في الأولويات التي سيثيرها بوتين خلال الاجتماع، والتي تضمنت الرغبة في تمديد سلسلة من المعاهدات النووية التاريخية، والسعي إلى وضع حدود جديدة لسباق التسلح. وكانت هذه القضايا تمثل محور المحادثات الروسية الأمريكية لعقود، إلا أنه موضوعات أخرى مثل الحرب في سوريا وأوكرانيا والتدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016 قد طغت عليها خلال الفترة الماضية. ووفقًا للوثيقة تقترح روسيا على الدولتين "النظر في إمكانية تمديد العمل باتفاقية ستارت الجديدة لمدة خمس سنوات"، التي تنتهي في أوائل عام 2021. اقرأ المزيد: 6 قضايا على مائدة ترامب وبوتين في قمة «هلسنكي» وهو ما أكده المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جاريت ماركيز، الذي قال إن "الزعيمين ناقشا مجموعة من الموضوعات، بما فيها ترساناتنا النووية، والتي تشكل نحو 90٪ من جميع الأسلحة النووية في العالم". يذكر أن معاهدة "ستارت الجديدة"، التي وقعها بوتين والرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما في عام 2010، والتي اتفق الجانبان خلالها على تقليل الترسانة النووية لكل دولة إلى 1500 رأس حربي نووي، والسماح بعمليات التفتيش المنتظمة. وأشارت المجلة إلى أن الأمر الأكثر إثارة للجدل هو أن الوثيقة تكشف "إعادة تأكيد التزامها" بالاتفاقات المتعلقة ب"الصواريخ متوسطة المدى"، وهي إشارة إلى معاهدة "القوى النووية المتوسطة المدى" لعام 1987، والتي حظرت تطوير الصواريخ الباليستية وقذائف كروز التي يتراوح مداها بين 500 و500 5 كيلومتر. كما تثير الوثيقة الروسية احتمال التوصل إلى معاهدة "فضائية" جديدة، تمنع الدولتين من نشر أسلحة في الفضاء، وتحث الدولتين على مناقشة هذا الأمر. وكانت الولاياتالمتحدةوروسيا قد وقعا معاهدة "الفضاء الخارجي" لعام 1967، ولكنها تحظر فقط وضع أسلحة الدمار الشامل في الفضاء. اقرأ المزيد: هل تفشل قمة «هلسنكي» بسبب الاتهامات الأمريكيةلروسيا؟ وتعالج المذكرة أيضا التوترات المتصاعدة في أوروبا الشرقية، داعية كلا من واشنطن وموسكو إلى "اتخاذ تدابير من أجل منع الحوادث في أثناء القيام بأنشطة عسكرية في أوروبا، وكذلك زيادة الثقة والشفافية في المجال العسكري". وتدعو الوثيقة الجانبين إلى "الشروع في التوصل إلى مشاورات للخبراء لتحديد أنواع الأسلحة المزعزعة للاستقرار، لأخذها بعين الاعتبار في آلية الحد من التسلح". وقالت الوثيقة إن مشاورات "الاستقرار الاستراتيجي" التي يقودها نائبا وزيرا الخارجية في البلدين، ستناقش بعض القضايا "الشائكة" بما فيها سوريا، كما توصي بإطلاق حوار ثنائي بين وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين ونظيريهما الروسيين.