باتت أزمة المهاجرين تشكل عبئًا كبيرًا على بعض الدول، نتيجة ارتفاع أعدادهم بشكل ملحوظ، حتى أصبحت تمثل خطورة على استقرار الدول التي تستقبلهم، وظهر ذلك أكثر في ليبيا، حيث حاول الكثيرون الهرب عبر بوابتها إلى أوروبا، إلا أن التعنت الغربي تسبب في أزمة جديدة، ودفع البعض بالمطالبة ببناء مراكز إيواء في البلد العربي الإفريقي بدلا من تهجيرهم. لكن سرعان ما قوبل المطلب الأوروبي بالرفض، حيث أكد رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج أنه لا يمكن الموافقة على خطط الاتحاد الأوروبي الرامية إلى إنشاء مراكز مهاجرين على أراضيها لمنع طالبي اللجوء من الوصول إلى دوله. يأتي ذلك في وقت برز فيه تنافس على النفوذ في ليبيا بين فرنسا، التي قرّرت إرسال موفد لتسريع العملية السياسية ودعم الاستحقاق الانتخابي في هذا البلد، وإيطاليا التي كانت تستعمره في القرن الماضي، بحسب "ليبيا اليوم". وعبّر السرّاج عن استيائه من مطالب إقامة مراكز لفرز المهاجرين في ليبيا وفق رغبة دول الاتحاد الأوروبي، وقال: "نرفض تمامًا وضع مهاجرين غير قانونيين لا يريد الاتحاد الأوروبي استقبالهم، في بلدنا". اقرأ أيضًا: خطة أوروبية لجعل ليبيا موطنًا بديلًا للمهاجرين وشدد على أن طرابلس لن ترضخ للإغراءات المالية، ولن نبرم أي صفقات، في مقابل المال، داعيًا أوروبا إلى ممارسة مزيد من الضغط على الدول التي ينطلق منها المهاجرون بدلا من الضغط على ليبيا، علمًا بأنها تشهد نشاطًا واسعًا لمهربي بشر استفادوا من الفوضى التي أعقبت إطاحة نظام معمر القذافي عام 2011. وكانت دول الاتحاد الأوروبي، المنقسمة في شأن استقبال المهاجرين، توافقت في قمة نهاية يونيو على تحري إمكان إقامة نقاط إنزال خارج حدودها لاستقبال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر الأبيض المتوسط. لكن ملامح المشروع تبقى غير واضحة، وتثير الكثير من الأسئلة والمخاوف حول مدى تطابقه مع القانون الدولي، وفقًا ل"فرانس برس". وعبرت تونس عن معارضتها منذ أمد بعيد للفكرة، كما عبر المغرب وألبانيا عن رفضهما استقبال مهاجرين على أراضيهما. اقرأ أيضًا: ليبيا تنفجر غضبا بسبب دعوة إيطاليا لحصارها بحريا.. وتتوعد بالرد وبموجب اتفاق مع الاتحاد الأوروبي أثار الكثير من الجدل، يقوم حراس السواحل الليبيون باعتراض المهاجرين المتجهين بحرًا إلى أوروبا. وحسب معطيات منظمة الهجرة الدولية، فإن عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا عن طريق البحر منذ بداية العام الحالي يناهز 41 ألف شخص، بينما لقي 960 شخصًا مصرعهم في مياه البحر الأبيض المتوسط. في المقابل، ذكرت مفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين، أن 51 ألفا و782 مهاجرًا ولاجئًا دخلوا أوروبا عبر البحر حتى يوم 18 يوليو مقارنة مع 110 آلاف و189 شخصًا في هذا الوقت من العام الماضي و244 ألفا و722 شخصًا في الوقت نفسه من عام 2016، بحسب الوكالة الفرنسية. المثير هنا، أن الحكومة الإيطالية الجديدة منعت سفينة لإنقاذ المهاجرين من الرسو في موانيها أمس، في ثالث رفض من نوعه هذا الشهر بعد ساعات من انتهاء اجتماع للقادة الأوروبيين بشأن الهجرة. اقرأ أيضًا: كارثة إنسانية في ليبيا.. وقلق أمريكي من تهديد الاستقرار العالمي وقال وزير النقل الإيطالي دانيلو تونينلي: إنه "تلقى طلبًا رسميا من وزارة الداخلية التي يقودها اليميني المتطرف ماتيو سالفيني برفض دخول السفينة التابعة لمؤسسة (بروآكتيفا أوبن آرمز) الإسبانية الخيرية، معللًا ذلك بأنها تشكل خطرًا على النظام العام". وانخفض عدد الوافدين الذين ينطلقون من ليبيا، (نقطة الانطلاق الرئيسية للمهاجرين)، بنسبة تفوق 80%، بينما تقدر الأممالمتحدة عدد من لقوا حتفهم في البحر هذا العام بما يقرب من الألف. وتعتبر ليبيا أهم نقاط العبور بين القارة الإفريقية ودول أوروبا، بينما ازدادت موجات المهاجرين عبرها بعد الأزمة التي شهدتها قبل أعوام والانفلات الأمني المصاحب لها.