شهد مستشفى المطرية التعليمي، أمس الأحد، واقعة اعتداء جديدة من قبل 4 أشخاص من ذوي المرضى على طبيبين داخل قسم الاستقبال، وتم إصابة أحدهما بإصابات بالغة، وإلقاء القبض على المعتدين وعرضهم على النيابة. وبعد تصاعد حدة الاشتباكات قامت إدارة المستشفى بإبلاغ النقابة العامة للأطباء التي رفعت شكوى عاجلة إلى وزارة الصحة التي ألزمت القائمين على إدارة المستشفيات والمراكز الطبية والوحدات الصحية التابعة لوزارة الصحة والسكان، بإبلاغ السلطات العامة فور وقوع أي اعتداءات على الفرق الطبية والعاملين داخل تلك المنشآت فى أثناء أداء عملهم. وشددت وزارة الصحة على متابعة التحقيقات التي تجريها الجهات المعنية بشأن وقائع الاعتداء على الفرق الطبية المختلفة، وإمدادها بما تطلبه من أوراق ومعلومات، وبالفعل تم تحرير محضر باسم المنشآة الطبية للمعتدين عليها داخل قسم شرطة المطرية للتحقيق في الاعتداءات. حبس 4 أشخاص وفي غضون ساعات حضر اللواء طارق مرزوق، نائب مدير أمن القاهرة لقطاع الشرق إلى المستشفى ويرافقه معاون مباحث قسم شرطة المطرية، خوفًا من تكرار ما حدث قبل عامين داخل المستشفى ذاته وانتفاضة الأطباء ضد واقعة التعدي على طبيبين داخل المستشفى من قبل أمناء الشرطة وصدر حكم نهائي واجب النفاذ في يناير قبل الماضي من قبل محكمة الاستئناف بحبس 9 أمناء شرطة بعد ثبوت إدانتهم في واقعة التعدى على أطباء مستشفى المطرية. التفاصيل الكاملة أحد الأطباء المعتدى عليهم في الواقعة -متحفظ على ذكر اسمه- ينقل ل«التحرير» تفاصيل ما حدث معهم داخل قسم الاستقبال حين فوجئ عند الساعة التاسعة والنصف أمس الأحد باشتباكات لفظية حادة وأصوات عالية وصراخات واعتداءات من قبل أهالي أحد المرضى الذين جاؤوا إلى المستشفى لإسعافه بعد أن أصيب بطعنات غائرة في الصدر. وأضاف الطبيب: «وبعد إجراء الإسعافات الأولية للمريض، ونظرًا لعدم وجود قسم جراحة القلب داخل المستشفى صدر قرار إداري معتاد بتحويل الحالة المريضة إلى مستشفى الدمرداش بعد التنسيق مع وزارة الصحة وتم تجهيز سيارة الإسعاف التي تنقله والطبيب المرافق للحالة». ارتجاج في المخ كل تلك الإجراءات لم تستغرق أكثر من 5 دقائق، حسب تعبيره ولكن الأهل كانوا متعجلين بعض الشيء، ففوجئ الدكتور متولي النبراوي، المدير المناوب بالمستشفى بأحدهم يعتدي عليه بالضرب والإهانة، ويُصِرّ على أن يذهب معهم إلى مستشفى الدمرداش حتى لا ينتظروا أكثر من ذلك، فتتدهور الحالة، وحين تدخل الدكتور إبراهيم عبد اللطيف لفض الاشتباك ومحاولة الدفاع عن زميله، قام هؤلاء الأفراد بالاعتداء عليه، وكذا على طبيب جراحة الأطفال داخل المستشفى بالأيدي والخشب، وحسب روايته قاموا بإحضار ما يقرب من 45 شخصا آخرين من أقاربهم لتخويفهم وإرهابهم، وأصيب المدير المناوب في الواقعة باشتباه ما بعد الارتجاج في المخ ونقل على أثرها للرعاية. في المقابل، أكد أحد الأطباء المقيمين داخل المستشفى ل«التحرير» وجود مكان خاص داخل «المطرية التعليمي» بقسم جراحة القلب والصدر ومجهز كذلك بالأسِرّة والمكاتب اللازمة، ولكن لا تتوفر داخله الأجهزة الطبية الخاصة به أو الاستشاريون، ويحتاج إلى تجهيزات خاصة باهظة الثمن غير متوفرة مثل ماكينة القلب الصناعي وجراحات القلب المفتوح وجهاز القسطرة. أمن قومي «لا شيء يبرر أن الأطباء يتضربوا في المستشفى».. يقول الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب بجامعة عين شمس وعضو مجلس نقابة الأطباء الذي أوضح أن وقائع التعدي عليهم تعد ظاهرة مجتمعية سلبية، أحد أكبر أسبابها الأحكام القضائية المتسامحة التي تخرج في حيثياتها تبرر للمرضى أنهم كانوا في حالة نفسية سيئة فينتج عن ذلك اعتداؤهم على الأطباء، مضيفًا: «وغالبًا ما تصدر الأحكام النهائية مع إيقاف التنفيذ أو البراءة، ومن ثم لا يوجد ردع أو منع لهذه الظاهرة مثلما يحدث في أي دولة أخرى كجرائم تهدد الأمن القومي يتم الحكم فيها سريعًا». وأكد سمير ل«التحرير» أن عدم تفعيل العقوبات المغلظة على المعتدين والتي تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة يرجع إلى الثقافة المجتمعية التي يسوقون فيها للجميع أن الطبيب هو المسئول عن نقص الأدوية وأسِرّة الرعاية وسوء الخدمة الصحية. إرادة مجتمعية غائبة وتابع: «في الوقت ذاته فإن النقابة العامة للأطباء لا حول لها ولا قوة، وكل ما تفعله أن ترسل محامي النقابة مع الطبيب المعتدى عليه، لمراجعة الإجراءات ووزيرة الصحة أعلنت أنها تتابع القضية والأزمة ليست في المتابعة بقدر ما تتمثل في وجود إرادة مجتمعية لمنع ظاهرة الاعتداءات المتكررة على الأطباء وتطبيق الأحكام القضائية الرادعة لأي معتد على الأطباء وأن يقوم الإعلام بدوره في نقل ما يحدث بصورة موضوعية». كما أوضح عضو «مجلس الأطباء» أن الشرطة تعتبر التعدي على الطبيب داخل المستشفى كأنه مشاجرة أو اعتداء في الشارع وإذا طلب المعتدِي محضرا مماثلا يتم تحريره له ويبدو الموضوع كأنه مشاجرة عادية، والنيابة ينبغي أن تكون أكثر إدراكًا أن هذا يعد تعديا على موظف فى أثناء تأدية عمله وأن البلاغ الآخر كيدي. العيب ليس في القانون وأشار سمير إلى أن الفريق الطبي في مصر يتعرض بصورة يومية إلى اعتداءات لفظية واشتباكات حادة من قبل المرضى وذويهم دون رادع قوي أو توفير وسائل الحماية لهم، رغم أن المادة 136 من قانون العقوبات تجرم ذلك وتنص صراحة على أن كل من تعدى على أحد الموظفين العموميين أو رجال الضبط أو أي إنسان مكلف بخدمة عمومية أو قاومه بالقوة أو العنف فى أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز مئتي جنيه. ومن ثم فإن العيب، حسب «سمير» ليس في القانون أو تغليظ العقوبات الموجودة منذ سنوات طويلة، ولكن الصمت وعدم تفعيلها هو ما يكرر وقائع الاعتداءات اليومية، ويتحول الأطباء إلى «الحيطة المايلة» الذين يتحملون وحدهم فواتير نقص الأدوية والمحاليل والأجهزة المستلزمات الطبية وسوء الخدمة الصحية المقدمة داخل المستشفيات الحكومية. أما فيما يخص نقص التأمين داخل المستشفى التعليمي، فيعترض سمير قائلًا: «زيادة الوجود الأمني داخل المنشآت الصحية في الظروف الحالية حتى لا تتفاقم الأمور إلى مشاجرات قوية بالسلاح وتزداد أعداد الضحايا أكثر».