تولى الحكومة اهتماما كبيرًا بمدينة الجلود بالروبيكى، لإنشاء مدينة جاذبة للصناعة الوطنية التى تتميز بها مصر من خلال تشجيع انتقال المدابغ القائمة بمنطقة سور مجرى العيون وتطويرها وإعادة توطينها بمدينة جديدة متخصصة لتنمية قطاع الجلود وزيادة القيمة المضافة للمنتج المصرى بما يحقق له القدرة التنافسية فى الأسواق العالمية، وتقليل الأضرار البيئية والصحية لقلب القاهرة. فما هى أهداف المدينة وإمكانياتها؟ وهل ستحقق استفادة للاقتصاد المصرى أم أنها مجرد نقل خارج الكتلة العمرانية؟ وما هى المؤشرات الاقتصادية المتوقعة؟ متى بدأت صناعة الجلود فى مصر؟ تعد صناعة الجلود إحدى أقدم وأهم الصناعات المصرية، ربما يرجع تاريخها إلى عهد قدماءالمصريين، وتعتبر منطقة المدابغ بسور مجرى العيون بمصر القديمة، المركز الرئيسى لتمركز هذه الصناعة فى القاهرة منذ العصر العثمانى وحتى الآن وتحديدا منذ عام 1866، إلا أنه لا تزال معظم هذه المدابغ تعتمد فى صناعتها على تقنية ربما ترجع إلى مائة عام أو أكثر، على الرغم من التطور الكبير فى هذه الصناعة على مستوى العالم. ما حجم تجارة الجلود؟ يبلغ إنتاج الجلود المدبوغة فى مصر نحو 126 مليون قدم مربع، ويمثل مجمع دباغة الجلود فى مصر القديمة نحو 75% من إجمالى إنتاج مصر من الجلود، وتبلغ مساحة منطقة المدابغ بمصر القديمة نحو 70 فدانا، وتضم نحو 320 مدبغة خاصة «صغيرة، متوسطة، وكبيرة»، ومخازن للجلود الخام والكيماويات وورش صيانة ووحدات إنتاج الغراء والجيلاتين، وتستوعب نحو 8 آلاف عامل. ويبلغ حجم الإنتاج الحالى من الأحذية قرابة 70 مليون زوج حذاء فى السنة. ما هى أسباب نقل المدابغ خارج التكتل العمرانى؟ هناك عدة أسباب لنقل المدابغ، أهمها المشكلة البيئية الخطيرة بمنطقة مصر القديمة والخاصة بالصرف الصناعى والصحى بدون معالجة ومايحمله من تلوث خاصة الكروم والكيماويات، بخلاف عدم استغلال الطاقات المتاحة نظرا لعدم تنظيم العلاقات الصناعية والتوزيع المثالى لوحدات الإنتاج، بالإضافة إلى استخدام الشكل الحرفى واليدوى ومعدات قديمة ومتهالكة لا تستخدم فيها التنظيم الإنتاجى الحديث والتكنولوجيا الحديثة التى تضمن جودة منتج منافس، علاوة على أنها تقلل من إنتاجية العامل التى تصل حاليا إلى 48 قدما مربعا فى اليوم فى حين أن القياس العالمى 81 قدما مربعا فى اليوم. ناهيك بارتفاع تكلفة الإنتاج نتيجة لخفض الإنتاج والإنتاجية وعدم استرجاع الكروم الذى يمكن أن يستخلص بنسبة 98 : 99% (يمثل 20% من الكروم المستخدم)، والذى يمكن أن يوفر أكثر من 1.3 مليون دولار سنويا، وسوء ظروف العمل نتيجة للبيئة غير الصحية والتى يكون لها تأثير فعال فى انخفاض الإنتاجية، وضيق مساحة المنطقة (نحو 70 فدانا) والتى لا تسمح بالتوسع لتطبيق التكنولوجيا الحديثة فى دباغة الجلود، وعدم وجود ربط وعلاقة تشابكية بين دباغة الجلود ومتطلبات الصناعات الجلدية، وغياب نظام يضمن تأكيد الجودة بدءا من أماكن التربية والحفاظ على الحيوانات من الأمراض الجلدية وتشققها وخدشها، وصولاً إلى السلخ اليدوى أو عدم اتباع أصول السلخ حتى فى المجازر الآلية مما ينتج عنه إهدار للجلد الخام، وعدم اتباع الأصول الفنية فى حفظ الجلد الخام. ما هى مدينة الجلود بالروبيكى؟ إنشاء مدينة صناعية متكاملة متطورة متخصصة فى دباغة الجلود وصناعتها بالروبيكى كمدينة جاذبة للصناعة الوطنية من خلال تشجيع انتقال المدابغ القائمة بمنطقة مجرى العيون إلى المدينة الجديدة لتطوير القطاع، وزيادة القيمة المضافة للمنتج المصرى على مساحة إجمالية نحو 1629 فدانا. تم تخصيص 530 فدانا للمراحل الثلاث الأولى للمشروع، تم الانتهاء من المرحلة الأولى منها وتسليمها للمصنعين -المنقولين من منطقة المدابغ بمجرى العيون- يتم إنشاء مصانع للصناعات الجلدية، لاستيعاب الجلود المدبوغة. تضم محطة معالجة لمياه الصرف الصحى والصناعى، لإعادة استخدام جزء منها فى الإنتاج مرة أخرى، بخلاف رى 830 فدانا (غابة شجرية) بالمياه المتبقية، وتضم نقطة شرطة، وإسعاف. ما هى الجهة المشرفة على المشروع؟ الهيئة العامة لتنفيذ المشروعات الصناعية والتعدينية -إحدى هيئات وزارة الصناعة والتجارة المعنية بالخدمات الاستشارية والهندسية والتنفيذ والإدارة لمشروعات التشييد الصناعى والتنموى والبنية الأساسية الداعمة لهما- بمصر ودول الجوار. ما أهدافها؟ المشروع يعد نقلة من الناحية البيئية والحضارية، ويخلص العاصمة من التكدس والكثافة السكانية فى تلك المنطقة العشوائية، كما أنه يساعد على تطوير صناعة تعد من أهم الصناعات التى تخدم المستهلك المصرى فى الداخل وتخدم الاقتصاد القومى بما تدره من عملة صعبة تتصاعد معدلاتها سنويا. وهناك أهداف كثيرة تتنوع طبقًا لعدة أصعدة، فعلى الصعيد الصناعى، لمراعاة التطورات الحديثة فى صناعة دباغة الجلود، وزيادة الإنتاج، وتقليل نسبة الفاقد من المنتج، وتحسين الجودة، والمنافسة على مستوى السوق العالمى. وعلى الصعيد الاقتصادى، تهدف لتقليل تكاليف الإنتاج، وزيادة عائد مصر من العملات الأجنبية، وتوفير فرص عمل جديدة ومتميزة، وعلى المستوى البيئى، حل مشكلة التلوث بمدينة القاهرة، وإعادة استخدام مياه الصرف الصناعى بعد معالجتها فى الرى لخلق حزام أخضر بمنطقة الروبيكى، واستخلاص وإعادة استخدام الكروم؛ مما يؤدى إلى تقليل الاستهلاك والتكلفة، وتقليل معدلات الإصابة بالأمراض الناتجة عن التلوث. وتم تحديد أهداف مستقبلية لاستكمال الرؤية وتكرار التجربة وتنميتها بالإسكندرية، ونقاط الاستيراد والذبح الحدودية، وتصدير التجربة لدول الجوار بمفهوم اقتصادى تنموى. هل تفيد المدينة الاقتصاد المصرى؟ يهدف المشروع إلى مضاعفة الطاقة الإنتاجية للجلود من 95 مليون قدم مربع فى العام، إلى 200 مليون قدم مربع فى العام، ثم زيادة قيمة إنتاج الصناعات الجلدية وزيادة نصيب الإنتاج القومى من القيمة المضافة، ومن المقدر وصول إنتاج الجلود إلى مليار جنيه سنويا والمنتجات الجلدية إلى 6 مليارات جنيه سنويا، المستهدف الوصول بالطاقة التصديرية من المنتجات الجلدية بعد تنفيذ المشروع إلى نحو مليار دولار سنويا، كما يوفر المشروع فرص عمل لعدد 15 ألف عامل.