► المسئول عن المشروع: نهدف إلى الوصول بصادرات مصر من الجلود إلى مليار دولار ► العمال: تجميع مستلزمات الصناعة فى مكان واحد يقضى على ارتفاع الأسعار واحدة من أبرز مدن الأحلام الصناعية على مستوى الشرق الأوسط ، وتُعد بلا أدنى مبالغة رافدا أساسيا من روافد الصناعة المصرية وتمثل نقلة حضارية لصناعة متكاملة ومتطورة فى دباغة وصناعة الجلود بأياد مصرية أصيلة .. تلك هى مدينة الروبيكى التى قامت «تحقيقات الأهرام «بزيارة ميدانية لها لتنقل صورة حية من داخلها. يوضح المهندس ياسر المغربى مستشار وزير التجارة والصناعة والمشرف على مدينة الروبيكى أنها حلم قديم تحقق بالفعل محدثا فارقا صناعيا ضخما ونقلة نوعية غير مسبوقة فى مجال دباغة الجلود، لافتا إلى نقل نحو 95% من القوى الإنتاجية بمجرى العيون إلى المشروع القومى الحديث بمدينة الروبيكى المقام على مساحة تتخطى 515 فدانا والذى ارتفعت معه دباغة الجلود من 125 مليون قدم مربع «منتج نصف تشطيب» إلى 350 مليون قدم مربع كامل التشطيب؛ مما يحقق معدل نمو صناعى بقطاع الجلود ليصل إلى 10% سنويا ويخلق نحو 25 ألف فرصة عمل جديدة مباشرة بإستكمال مراحل المشروع، كما تحتوى المدينة على كل سبل التأمين والأمن الصناعى، ومنها وجود نقطة إسعاف وشرطة ومطافئ ومحلات وأنشطة تجارية، بالإضافة إلى توفير 1008 شقق سكنية سيتم تسليمها لأصحاب المصانع قريبا، ويلفت إلى ان قطاع الجلود من اكثر القطاعات الاقتصادية تنافسية ويهدف إلى الوصول بصادرات مصر من الجلود إلى مليار دولار بحلول 2020، مقارنة ب 200 مليون دولار حاليا، ويؤكد أن المدينة تضم سلسلة إمداد بالكامل من ذبح الحيوانات وحتى الوصول للمنتج النهائى، مما يتيح للمصنعين العالميين الحصول على المواد والسلع فى مكان واحد، فتلك الصناعة هى نقلة نوعية تأمل مصر بها ان تجنى المزيد من رءوس الأموال لدعم الاقتصاد الوطنى والإستثمارات الأجنبية وحلم قد تحقق الفعل. ويضيف أن الإستراتيجية التى وضعتها وزارة التجارة والصناعة لزيادة الصادرات المصرية وتوريد منتج نهائى من الجلود المصرية الفاخرة اعتمدت على التطوير والحداثة فى كل مدخلات الصناعة والماكينات وخامات الإنتاج والسماح بقروض وتسهيلات بنكية تصل الى 7% للمنتجين، مشيرا إلى أن الصناعات التكميلية الخاصة بالمرحلة الثانية قاربت على الانتهاء ومنها الإتفاق مع شركات عالمية لتصنيع المواد الكيماوية المستخدمة فى الدباغة محليا، بالإضافة إلى إنشاء مركز تكنولوجى يضم خمس خدمات رئيسية للصناع منها معامل كيميائية متطورة لتوفير إرسال الجلود لمعامل خارجية ومراكز للتدريب والتأهيل للعمالة، الأمر الذى يضمن رفع الكفاءة المهنية للعمال ، ويستطرد بأن مدينة الجلود فى ثوبها الجديد تٌعد نموذجاً للإدارة الحديثة فى المناطق الصناعية فى مصر وتمثل حلما كبيرا للارتقاء بالصادرات من الجلود المصرية التى تصنف بالسابعة على مستوى العالم من حيث جودتها، وما يميزها هو تجميع كل عناصر الصناعة المطلوبة فى مكان واحد مما يفتح سوقا أكثر إتساعا لمضاعفة الإنتاج. ويضيف انه خلال الفترة المقبلة سيتم إنشاء أكبر مجزر على أعلى مستوى الشرق الأوسط على مساحة 50 فدانا بالروبيكى، مما يرفع من كفاءة الجلود والإنتاجية، منوها إلى أنه خلال بضعة أشهر سيتم الإنتهاء بالكامل من كل الصناعات التكميلية والمواد الكيماوية اللازمة للصناعة، ناهيك عن اهتمام هيئة المشروع بإعادة معالجة الكيماويات الناتجة عن عملية الدباغة لتدخل مرة أخرى فى عملية إنتاج الجلود بما يسهم فى تقليل استهلاك المياه. الفارق فى الإنتاج ويقول المهندس محمود سراج، رئيس لجنة المشروعات الصغيرة بإتحاد الصناعات المصرية، إنه منذ أكثر من 100 عام قبعت صناعة الجلود فى مصر التى تعد من أقدم الصناعات بين جنبات سور مجرى العيون وهى منطقة تحولت بمرور الوقت إلى بؤرة تلوث خطيرة بسبب الغازات والمخلفات السامة التى تمثل خطرا داهما على حياة المواطنين مما جعل من نقلها إنجازا حضاريا. ويرى أن بيئة العمل الجديدة بالفعل قد صنعت فارقا ملموسا فى جودة المنتج النهائى، كما ساعدت البيئة الجديدة بمقوماتها المواتية ووجود البنية التحتية الملائمة للصناعة على التوجه بالصناعة إلى إنشاء منتج جلدى تام الصنع فى مصر، كما أن التحديث والتطوير فى الماكينات يضفى رونقا خاصا على المنتج النهائى. ويشير إلى أن نقل المدابغ من سور مجرى العيون ومجمع الأديان يتيح إمكانية تطويرها واستغلالها سياحيا وإستثمارها وتعظيم الاستفادة منها كقيمة تاريخية، وهناك خطة ستقدم لرئاسة مجلس الوزراء تشمل كل جوانب تطوير المنطقة. ويصف المهندس ماجد الجوهرى أحد أصحاب المصانع بالروبيكى المدينة بأنها صرح قومى كبير كلل بالنجاح بعد مشقة كبيرة وتنسيق بين جميع الجهات الحكومية المعنية بالمشروع حتى يخرج للنور بشكل متكامل، وكل المدابغ سواءً الصغيرة أو المتوسطة والكبيرة، تشمل جميعها متطلبات الصناعة ومستلزماتها حتى الانتهاء من المنتج التام الصنع بأعلى جودة مطلوبة. ويضيف المهندس إبراهيم خليل، صاحب أحد المدابغ، ان أبرز ما يميز الروبيكى كونها مشروعا واعدا يوفر فرص العمل لأجيال قادمة ويفرز عمالة ماهرة ومتميزة فى صناعة تحتاج للحرفية والتميز ، ويؤكد أن البيئة الصحية الجديدة تساعد على زيادة الإنتاج والوصول لأفضل إنتاجية نفخر بها عالميا وتحمل شعار «صنع فى مصر» بأيادٍ مصرية أصيلة. التخلص من النفايات ويرى جرجس عبدالملاك، عامل بأحد المدابغ، أن انتقال المدابغ بهذه السرعة وتلك الكيفية هو نموذج لنقلة حضارية متميزة، لاسيما التطوير فى عمليات الصرف والفلترة للمخلفات الناتجة عن عمليات الدباغة وإعادة تدويرها من جديد، التى كانت من أصعب المشكلات التى تواجه أصحاب المدابغ فى مجرى العيون، أما فى الروبيكى فقد تم تصميم مدافن ضخمة ذات عوازل أرضية لمنع تسرب النفايات للمياه الجوفية ذات قدرة احتمالية لمدة 3 سنوات، وكذلك استخدام المياه الناتجة عن معالجة الصرف فى عمليات التشجير لإنتاج الأخشاب على مساحات شاسعة، فضلاً عن إعادة تدوير الكروم لاستخدامه فى دباغة الجلود، فالكروم مادة مكلفة للغاية وكان سابقا يتم تصريفه فى شبكات الصرف الصحى مما يعرضها للتآكل والصدأ وتلف الشبكات، أما حاليا فيتم فصل العوائق من مادة الكروم والتخلص من الشحوم والشعر والدهون الناتجة عن عملية الدباغة وزيادة تركيز مادة الكروم وإعادة إستخدامها مرة أخرى من خلال جهاز عملاق يسمى «فلتر بلاس» لفصل المياه الزائدة عن الكروم، ويؤكد وجود 3 محطات للصرف بالمدينة أولها للصرف العام والأخرى لصرف المياه المالحة والثالثة لمادة الكروم، كما يتم التخلص من النفايات عبر مدافن صحية تستخدم فيما بعد لتصنيع الأسمدة الحيوانية، أو فى عمليات التشجير أو إدخالها فى تصنيع المادة اللاصقة «الغراء» والجيلاتين الطبى والغذائى بدلا عن استيرادها. ويقول علاء مرتضى، أحد العمال إن العمل بالمدينة الجديدة للجلود يعتبر الحلقة المفصلية لتحقيق التوازن المطلوب فى صناعة سلعة إستراتيجية مهمة كالجلود، ويرى ان تجميع عناصر الصناعة ومستلزماتها فى مكان واحد يقضى على الحلقات الوسيطة التى ترفع الأسعار. ويتفق معه فى الرأى زميله أكمل عازر الذى يتطلع إلى إنتاج منتجات جلدية تامة الصنع فى الروبيكى، ويصف جودة الجلود المصرية بأنها كنز حقيقى ولابد من إثبات كفاءة العامل المصرى فى تطويره وتصديره للخارج للمنافسة وتحقيق أعلى نسب مبيعات.