لم تكن إسرائيل تفضل الخوض في غمار الأزمة السورية علنًا فيما مضى، وظلت تتعامل مع الوضع في الخفاء من خلال رؤى استراتيجية، إلى أن نجحت في تأمين وجودها العسكري في هضبة الجولان. ولاستمرار قبضتها على المنطقة الحدودية، بدأت تفكر مليا في كيفية الانتفاع من غضب السكان تجاه التمدد الإيراني، واستغلال الولاياتالمتحدة من خلال قمة بوتين وترامب المزمع إجراؤها الشهر الجاري. البداية، أبلغت إسرائيل سوريا عبر روسياوالولاياتالمتحدة أنها لن تقبل وجودًا عسكريا لغير الجيش السوري في المنطقة الحدودية في الجولان، على خلفية تقدم جيش الأسد في منطقة درعا، حسب هآرتس العبرية. "الصحيفة" نقلت عن مسؤولين قولهم: إنه "تم تحديد الخطوط الحمراء بالنسبة لإسرائيل للنظام السوري، فيما يتعلق بالمعارك الجارية في منطقة درعا، عبر رسالة وجهها رئيس أركان الجيش غادي آيزنكوت خلال لقائه رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية جوزيف دانفورد". اقرأ أيضًا: مع اقتراب تحرير درعا.. هل تهاجم إسرائيل الجنوب السوري؟ الرسالة الإسرائيلية تشير إلى أن تل أبيب لن تقبل التنازل عما تسميها الخطوط الحمراء فيما يخص الوجود العسكري في هضبة الجولان، خاصة رفضها المطلق لوجود قوات تابعة لإيران أو لحزب الله اللبناني فيها. فإسرائيل تريد التزاما سوريا تاما باتفاقية فصل القوات لعام 1974، والتزامًا بالبنود التي تحدد طبيعة الأسلحة والقوات السورية التي يمكن لها دخول المنطقة الحدودية. وحاليا يقوم جيش الاحتلال بمراقبة المنطقة، آملا في معرفة هوية القوات العاملة باسم الجيش السوري في المنطقة، كما أنه لن يقبل وجود قوات غيره خلال المعارك وبعد السيطرة على المنطقة، حسب وكالة "رصد" الأردنية. وتتعرض مناطق من ريف درعا حاليا لأشرس هجوم منذ أن توصلت الأردنوالولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا، في يوليو 2017، إلى اتفاقية لخفض التصعيد بمنطقة جنوب غربي سوريا. لم تكتف إسرائيل باستغلال الجانب الأمريكي من أجل الضغط على روسيا، بل عكفت على الانتفاع من سكان الجنوب من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والرعاية الطبية. اقرأ أيضًا: جنوبسوريا ينفجر.. الأسد يقصف مواقع الإرهاب وأمريكا تحذر روسيا صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، ذكرت أن المساعدات التي تقدمها تل أبيت إلى اللاجئين والنازحين السوريين ستعود بمنافع كثيرة على الدولة العبرية، مطالبًا إسرائيل باتخاذ قرار سريع تجاه تقديم المساعدات. كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق أنه نفذ عملية داخل الأراضي السورية في 4 مناطق داخل سوريا، من أجل نقل مساعدات مخصصة للمعارضة السورية وخاصة الفارين في مخيمات الخيم بالشق السوري من هضبة الجولان، بحسب وكالة معًا. ويطبّق جيش الاحتلال منذ سنوات، مشروع "حسن الجوار" الذي سمح من خلاله بإدخال آلاف السوريين إلى إسرائيل لتلقي الرعاية الطبية ثم إعادتهم مرة أخرى، وذلك ك"بادرة حسن نية سياسية لتقديم دعم إنساني دون تدخل في الأزمة السورية"، على حد قول إسرائيل. "الصحيفة" قالت: إن "الجيش قدم خلال العامين الماضيين، عددا كبيرا من الملاجئ والطعام والإمدادات الطبية للسوريين، في حين طالب عضو الكنيست الدرزي الحكومة الإسرائيلية بإنشاء مخيم لاجئين عند الحدود لإيواء النازحين السوريين". اقرأ أيضًا: بدعم روسي في الجنوب.. الجيش السوري يقترب من حدود الأردن وتأكيدًا على ذلك، أعلن جيش الاحتلال، استقباله 6 سوريين لتلقي العلاج الطبي من بينهم أربعة أطفال يتامى أصيبوا خلال أعمال قتال جرت مؤخرا. ونقل الجيش الجرحى من مرتفعات الجولان السورية إلى إسرائيل لتلقي العلاج أول من أمس، وقال: إن "العملية فريدة ومعقدة"، حسب الوكالة الألمانية. ويخشى الدروز الإسرائيليون والسوريون من تقدم الرئيس السوري بشار الأسد في مناطق الجنوب السوري القريبة من الجولان المُحتل والحدود الإسرائيلية، كما تحذّر الحكومة الإسرائيلية من اقتراب القوات الإيرانية إلى تلك المنطقة. وعادت الصحيفة للتأكيد أن إسرائيل تواجه صعوبات لوجستية، كما أن هناك مسألة ضمان أمن الأفراد الإسرائيليين على الحدود، سواءً كانوا عسكريين أو مدنيين، لافتة إلى أن أي تحرك ستقوم به تل أبيب لمساعدة السوريين ستعتبره حكومة الأسد انتهاكًا للسيادة السورية، لكنها أكدت في الوقت ذاتها أن فوائد الأمر تستحق المجازفة. وترى الصحيفة أن إسرائيل عليها أن تكسب أولاً موافقة روسيا وأن تحصل على دعم دولي لمبادرتها، لتوفير غطاء دبلوماسي كاف. اقرأ أيضًا: الأسد يخوض معركة الجنوب.. واتفاق سري بين إسرائيل وإيران على الانسحاب فمساعدة ودعم اللاجئين من شأنه أن يحد بشكل كبير من إمكانية قيامهم في مرحلة ما، بالتعبئة لاجتياح الحدود الإسرائيلية، وفقًا ل"رم" الإماراتية. أضف إلى ذلك، أنه عندما ينجح الأسد في استعادة السيطرة على المنطقة، فإن السوريين الذين ساعدتهم إسرائيل سيأملون في العودة إلى ديارهم لكن بعد تكوينهم نظرة أكثر تعاطفية مع الدولة العبرية، وربما الأهم من ذلك نظرة سلبية لدمشق وحلفائها الشيعة، وفي مقدمتهم إيران وحزب الله، على حد قول الصحيفة. لكن الحقيقة أن إسرائيل لديها خيار العمل تحت إشراف الأردن، وهو تعاون من شأنه أن يعزز العلاقات الثنائية بين البلدين، وعلى نطاق أوسع، فإن أي مبادرة لمساعدة اللاجئين السوريين العرب بشكل أساسي سوف تعمل على تعزيز التحالف المتنامي بين الدولة اليهودية والدول السنية الإقليمية، التي قد تقوم بدور إيجابي. وأخيرًا، فإن من شأن المساعدات الإسرائيلية للسوريين، أن تعزز مطالبات إسرائيل بمرتفعات الجولان، وتنهي الوجود العسكري الإيراني والسوري أيضًا.