غلاء في جميع الاتجاهات يحيط بالمواطن المصري، ومعاناة شبه يومية في العمل، وأوجاع متكررة في ظل ظروف اقتصادية صعبة استمرت لأكثر من 7 سنوات، حدثت خلالها زيادات متكررة بأثر رجعي في أسعار السلع والخدمات الضرورية للمعيشة مع ثبات دائم للأجور والرواتب التي تتحرك ببطء شديد مثل السلحفاة وحياة أقرب إلى التقشف لم يعد يتحملها أحدهم مع كل زيادة جديدة في الأسعار. في إطار خطة خفض الدعم المقدم للمواطنين، الذي ارتبط ببرنامج القرض الدولي المقدم من صندوق النقد الدولى بقيمة 12 مليار دولار، وفي مقدمتها تأجيل إلغاء دعم الطاقة وتخفيض عجز الموازنة العامة للدولة بحلول يونيو 2019 بدأت الحكومة في زيادة الأسعار للمرة الثالثة خلال عامين دون أن تكون هناك أي زيادات في الرواتب للموظفين والعاملين بالدولة. موجات الغلاء كانت البداية عام 2014، حين تضاعفت أسعار العديد من السلع والخدمات الضرورية، وفى مقدمتها أسعار السلع الغذائية وخدمات النقل والمواصلات، خاصة بعد ارتفاع معدل التضخم السنوي في مصر والذي سجل انخفاضا وصل إلى 11% بعدما سجل مستوى قياسيا له في يوليو 2016 بعد قرار تعويم العملة وتحرير سعر الصرف الذي لا يزال المواطن المصري يسدد فاتورته حتى الآن. ورفعت الحكومة أسعار الوقود نهاية يونيو الماضي، والكهرباء في يوليو، ومياه الشرب للاستخدام المنزلي مطلع الشهر الجاري، وكروت شحن الهواتف النقالة، نهاية سبتمبر من العام 2017، وصولًا إلى رفع سعر تذكرة المترو التي تمس حياة المصريين بشكل مباشر، ومع كل زيادة جديدة في الأسعار تطرح الحكومة تبريرات متنوعة مع كل قرار برفع أسعار السلع والخدمات في سبيل التطوير والتغيير. «لازم نضحي ونتعذب».. عبارة أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد قرار الحكومة رفع أسعار تذاكر المترو، وأن هذا هو التحدي الأكبر والخيار الوحيد للخروج من الأزمة والظروف الاقتصادية الصعبة على مدار 50 عاما، وفي عبارة أخرى أطلقها أول من أمس عقب قرار رفع أسعار الكهرباء: «يجب أن نتألم ونقاسي حتى نكون دولة حقيقية ذات شأن وقيمة». ومنذ أن بدأت الحكومة في تنفيذ ما يسمى خطة الإصلاح الاقتصادي، انطلقت موجات الغلاء المتتالية التي لم ترحم أحدا. تذكرة المترو قبيل أيام من دخول شهر رمضان فوجئ أكثر من 3.5 مليون مواطن يستخدمون مترو الأنفاق بقرار وزير النقل الدكتور هشام عرفات بزيادة أسعار التذاكر بنسبة تتجاوز 150% تحت دعاوى لسد قيمة الخسائر المتراكمة للهيئة والتي تزيد على 618.6 مليون جنيه. وجاءت الزيادة المفاجئة في أسعار التذاكر بصورة كبيرة، ليكون الحد الأدنى لها، 3 جنيهات، والحد الأقصى 7 جنيهات، بما يشكل عبئًا كبيرًا على المواطنين من مستخدمي خطوط المترو الذين يعانون من غلاء الأسعار وارتفاع متطلبات المعيشة. وأكد عمرو الجارحي، وزير المالية أمام مجلس النواب أن مديونية قطاع البترول بلغت 450 مليار جنيه والكهرباء نحو 400 مليار وأنه لا يمكن الاستمرار بهذا الوضع، فتم زيادة أسعار الكهرباء أمس الثلاثاء بنسب تتراوح ما بين 20 و70% على «فاتورة مايو» والتي يتم تحصيلها مع مطلع الشهر الجديد. فواتير من نار ومن أهم القرارات التي سوف تتخذها الحكومة الجديدة خلال الأيام القادمة رفع أسعار باقي السلع والخدمات، وعلى رأسها أسعار الوقود والكهرباء ورسوم بعض الخدمات الحكومية، بعد أن شهدت الفترة الأخيرة مضاعفة أسعار تذاكر المترو، ثم أسعار مياه الشرب والصرف الصحي، بنسب تتراوح بين 33 و46%. هذا بالإضافة إلى زيادة الرسوم على ترخيص السيارات، وخطوط وفاتورة المحمول وترخيص السلاح واستخراج بعض الأوراق والمستندات الحكومية مثل جوازات السفر، وغيرها بنحو 270 ٪. الكهرباء تشتعل في سبيل توفير الخدمة للمواطنين، فاتورة الكهرباء أيضًا لم تسلم من الزيادة السنوية ففي بداية كل عام مالي جديد تنفذ الحكومة زيادة سنوية في أسعار الكهرباء منذ 2014، ومن المنتظر أن تستكمل هذه الخطة خلال 2019، وخلال موازنة العام المالي الجديد، خفضت حكومة المهندس شريف إسماعيل دعم الكهرباء بنسبة 47% إلى نحو 16 مليار جنيه، في موازنة العام المالي المقبل. ويبلغ متوسط زيادة تعريفة الكهرباء في الجهد الفائق الذي يستخدم عادة في مصانع الحديد والصلب نحو 41.8% خلال السنة المالية المقبلة، في حين زاد متوسط تعريفة الكهرباء في الجهد المنخفض الذي يستخدم في المنازل والمحال التجارية والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر بنحو 20.9% وسط غضب شديد من قبل أصحاب المصانع والمواطنين. أسعار الوقود تنفجر بعد ارتفاع تعريفة الكهرباء من المنتظر أن ترفع الحكومة الجديدة بعد أيام أسعار المواد البترولية، وعلى رأسها البنزين والسولا، استكمالا لبرنامج خفض دعم الوقود ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي وخفض مخصصات دعم المواد البترولية بنسبة 26% إلى نحو 89 مليار جنيه. ارتفعت أسعار المواد البترولية مرتين منذ قرار تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف في نوفمبر قبل الماضي وتشير التوقعات إلى أن أسعار الوقود سوف تزيد مرتين، خلال العام المالي المقبل، من أجل الوفاء بتعهداتها بإلغاء دعم الطاقة كُليا بنهاية يونيو 2019. زيادة «تسعيرة المواصلات» في قرار الزيادة الأخير رفعت وزارة البترول أسعار وقود وسائل المواصلات بنسب تتراوح بين 5.6 و55% بصورة أثرت سلبًا على المواطنين. في الوقت ذاته انخفض حجم دعم الحكومة للمشتقات البترولية في موازنة السنة المالية (2018 - 2019)، والتي تبدأ في الأول من يوليو، إلى 103.8 مليار، ضمن خطة خفض دعم الوقود بنسبة 19.1% ليصل إلى 89.08 مليار جنيه مقابل 110 مليارات جنيه في العام المالي الحالي. وتنعكس زيادة أسعار البنزين والسولار على أسعار «تعريفة» المواصلات ونقل الركاب سواء داخليا أو بين المحافظات بصورة لم يعد يتحملها المواطن الذين يغالون في أسعار الأجرة بصورة كبيرة ويفرضون تعريفة أكبر من قيمتها الحقيقية. «خطة خمسية» للمياه في الأسبوع الأول من يونيو قررت الحكومة رفع تعريفة المياه بزيادة نسبتها 46.5%، وذلك للاستخدام المنزلي لشريحة استخدام أكثر من 40 مترًا مكعبًا. تعد هذه الزيادة هى الثالثة في أسعار المياه خلال عامين فقط، حيث كانت الزيادة الأولى في يناير 2016 ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، عندما أعلنت الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي زيادة تعريفات مياه الشرب والصرف الصحي بنسبة 25%، وفي أغسطس 2017، ارتفعت أسعارها بمعدل 70% وبحساب نسبة الزيادات نجد أنها تجاوزت 100%. «الخطة الخمسية» الجديدة بزيادة أسعار مياه الشرب والصرف الصحي بدأت منذ عام 2016 عقب قرار تحرير سعر الصرف لرفع أسعار استهلاك المياه وزيادة الأعباء على المواطنين، وبحسب تصريحات رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، فإن زيادات التعريفة على المستهلك تستخدم في سداد زيادات التكاليف الناجمة عن ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود. «تعريفة» المياه الجديدة ورفعت الحكومة سعر مياه الشرب للاستخدام المنزلي إلى 65 قرشًا للمتر المكعب، بدلًا من 45 قرشًا في شريحة الاستهلاك الأولى بين صفر وعشرة أمتار مكعبة، وإلى 160 قرشًا بدلًا من 120 قرشا للمتر المكعب في الشريحة الثانية "11-20 مترًا مكعبًا"، وإلى 225 قرشًا بدلًا من 165 قرشًا للشريحة الثالثة (21-30 مترًا). وأصبحت الرسوم 275 قرشًا للمتر المكعب لاستهلاك الشريحة التي تصل إلى 40 مترًا مكعبًا، و315 قرشًا للشريحة التي يزيد استهلاكها على 40 مترًا مكعبًا. أنبوبة البوتاجاز ب60 جنيها بعد أن تضاعفت سعر أنبوبة البوتاجاز قبل شهور، قررت الحكومة زيادة أسعار أسطوانات البوتاجاز والغاز الطبيعي للمنازل ليرتفع سعرها من 15 إلى 35 جنيهًا، التي ارتفعت أسعارها بنسبة 100% في 29 يونيو الماضي. كما رفعت الحكومة أسعار شرائح استهلاك الغاز الطبيعي مع تعديل حدود الاستهلاك في هذه الشرائح، ومن المتوقع أن تخفض الحكومة الدعم على البوتاجاز بنسبة 100% ليصل سعر أسطوانة غاز المنازل إلى 60 جنيها ضمن خطة رفع الدعم الكامل عن الوقود، والذي سيصل بسعرها إلى 175 جنيها يتحملها المواطن كاملة. رفع كروت الشحن اتصالات ومكالمات المواطنين لم تسلم أيضًا من نار الزيادة، ففي سبتمبر الماضي أعلنت الحكومة زيادة أسعار كروت الشحن المدفوع مقدما للمرة الثانية في عام بنسبة 36% لشركات الاتصالات الأربع «فودافون وموبينيل واتصالات»، بالإضافة إلى "WE" الخاصة بالشركة المصرية للاتصالات والتغيير في أسعار وقيمة الرصيد لكروت الشحن، والشحن على الطاير، والشحن عن طريق الكاش. وفاجأت شركات المحمول وجهاز تنظيم الاتصالات المستخدمين بقرار خفض الرصيد الذي تتيحه كروت الشحن والشحن على الهواء، بالتزامن مع إطلاق تكنولوجيا الجيل الرابع التي تسمح بسرعات أعلى للإنترنت وخدمات صوتية أفضل. رفع «تسعيرة الدواء» تعتزم الحكومة زيادة أسعار الدواء للمرة الثالثة في عامين، منذ أن بدأت إجراءات تقشفية صاحبت موافقة صندوق النقد الدولي على إقراض مصر 12 مليار دولار، مما أدى إلى تحرير سعر صرف الجنيه الذي نتج عنه زيادة أسعار الدواء المستورد واختفاؤه من السوق المصرية نتيجة توقف الشركات العالمية عن التوريد حتى لا تتعرض لخسائر كبيرة. في يناير 2016 رفعت وزارة الصحة المصرية أسعار 4 آلاف دواء بحجة أنها غير متوفرة في السوق المحلية، وذلك من أصل 12 ألف صنف متداول في الأسواق، بعد انخفاض قدرة الشركات المحلية على تصنيع الأدوية رخيصة الثمن لأن تكلفة إنتاجها أصبحت مرتفعة بينما أسعارها منخفضة للغاية. كما قررت وزارة الصحة وللمرة الثانية زيادة أسعار 989 دواء بنسبة وصلت إلى أكثر من 75% لبعض الأصناف في سبيل توفير الدواء الناقص للمواطنين، ورغم ذلك تزايدت قوائم نواقص الأدوية المستوردة بصورة هددت حياة آلاف المصريين. السجائر ترتفع للمرة الخامسة مع بداية العام المالي الجديد، ستكون أسعار السجائر مرشحة للزيادة مع بدء تطبيق قانون التأمين الصحي الشامل والذي تشمل طرق تمويله فرض 75 قرشا على كل علبة سجائر. كما رفعت الحكومة توقعاتها للضرائب التي ستحصلها على بيع الضرائب، وهو ما يعني أنها ستفرض ضرائب جديدة على السجائر. وتعد هذه هي الزيادة الخامسة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ يوليو 2014 عبر القانون رقم 58، والقانون رقم 12 لسنة 2015، والذي ينص على فرض ضريبة 50% من سعر البيع للمستهلك، للسجائر المستوردة والمحلية.