كتب- أحمد سعيد حسانين ومحمد عاطف شن عدد من أعضاء الجماعة الصحفية، هجوما حادا على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام الذي وافق عليه البرلمان اليوم وتم إقراره، موضحين أنه يعطي للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام سلطات أضخم لتقييد الحرية والخصوصية، ويشطب ما تم إدراجه فى باب الحقوق والحريات فى الدستور، منوها بأن مشروع القانون انطوى على مواد مطاطة وفضفاضة. قانون "هولاكي" قال الكاتب الصحفي رجائي الميرغني، إن نص المادة "19" من مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام معيب بكل المعاني، ولن يجد أحد مثيلا له فى أي نص تشريعي فى العالم، ويعطي للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام دورا ليس منوطا به، لأن دوره ليس رقابيا، بل يمتد دوره ليتسع لمراقبة حسابات التواصل الاجتماعي، وهو ما جعل دور المجلس يتضخم ليتحول لكيان خرافي يعد على المواطن أنفاسه ويقيد حريته وخصوصيته. وأضاف الميرغني ل"التحرير"، أن مشروع القانون يحول المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لكيان ضخم بموجب هذا القانون "الهولاكي" وسيجعل الصحفيين أضحوكة أمام العالم، قائلا: "بموجب هذه المادة يشطب كل ما تم إدراجه فى باب الحقوق والحريات فى دستور 2014، وينسف كل ما يتعلق بالحريات". القانون يعيد الحبس الاحتياطي يقول الكاتب الصحفي يحيى قلاش نقيب الصحفيين السابق، إن القانون يرجع بالصحفيين لما قبل نظام حسني مبارك، ويعيد الحبس الاحتياطي بعدما كان مرفوضًا في قضايا النشر وهو أمر يتعارض مع قانون النقابة رقم 76 لسنة 1970، واصفًا القانون ب"قانون عقوبات الصحفيين". وأضاف قلاش ل"التحرير" أن القانون أعطى صلاحيات للمجلس الأعلى للإعلام بالحجب والمنع بزعم ارتكاب أعمال مذكورة بمصطلحات فضفاضة وغير محددة ومطاطة، بالإضافة إلى أنه أنصف المعينين على المنتخبين بالمؤسسات القومية، وقنّن فصل رؤساء التحرير بدون ضمانات. واستنكر قلاش فكرة مناقشة القانون بدون أخذ آراء الجهات المخاطبة به من الأساس، فنقابة الصحفيين والهيئتان الوطنية للصحافة والإعلام ونقابة الإعلاميين لم تتم مناقشتهم وأخذ آرائهم في القانون. يقنن الحجب الكاتب الصحفي خالد البلشي، وكيل نقابة الصحفيين السابق، قال إن نص المادة رقم 19 يمكن بقلب مستريح أن يُطلَق عليها اسم مادة الأخ الأكبر، لما تعطيه للمجلس الأعلى للإعلام من صلاحيات للسيطرة على كل ما يُنشَر على شبكة الإنترنت بدءًا من المواقع وحتى المدونات والصفحات الشخصية التي لا تخضع للقانون أصلًا. وأضاف بصفحته على موقع "فيسبوك"، أن المادة تعد نموذجا لفرض قانون الصمت على الجميع، فطبقا لنصها فإن صلاحيات المجلس لا تقف عند حدود مراقبة الجميع حتى على صفحاتهم الشخصية، لكن أيضا اتخاذ إجراءات بشأنهم، حيث يعطي نص المادة الحق للمجلس الأعلى للإعلام لوقف أو حجب المواقع والمدونات والصفحات الشخصية التي يزيد عدد متابعيها على 5 آلاف شخص، بقرار إداري ولأسباب مطاطة منها (نشر أو بث أخبار كاذبة، أو ما سمته المادة التحريض على مخالفة القانون أو الدعوة للتعصب). وتابع: أي أن المادة "19" قننت الحجب وفتحت أبوابه على اتساعها ولو بدعوى نشر أخبار كاذبة، فضلًا عن أنها فرضت سطوة المجلس الأعلى للإعلام على كل ما ينشر على الإنترنت بشكل عام بما فيها الصفحات الشخصية على مواقع التواصل وليس على المواقع الإلكترونية التي ينظمها القانون، بل وأعطت له حق اتخاذ إجراءات بشأنها. وعن البند 23 من نص المادة الخامسة من القانون، فإنه يعطي لها حق (دمج وإلغاء المؤسسات والإصدارات الصحفية داخل المؤسسة الواحدة) طبقًا للنص المنشور. كان مجلس النواب، برئاسة الدكتور علي عبد العال، قد وافق من حيث المبدأ على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، خلال الجلسة العامة للبرلمان. وأكد عبد العال حرص الجميع على إخراج مشروعات القوانين المنظمة للصحافة والإعلام، مشيرًا إلى أن مشروع القانون يحتاج إلى قدر من التأني لأن حرية الإعلام حساسة والجميع حريص عليها. وقال إن المجلس ونوابه حريصون على إخراج مشروع القانون بقدر حرصهم على إخراجه كمواطنين، لافتًا إلى أن مشروع القانون يمس مصالح الجميع في السلطة أو خارج السلطة، مؤكدًا أنه تعرض لضغوط من المجموعة الصحفية للإسراع لإخراج مشروع القانون بما فيهم نواب البرلمان من الصحفيين. وأوضح أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، أن اللجنة عقدت 39 اجتماعًا لمناقشة مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، الذي أحاله المجلس للجنة بجلسته المعقودة بتاريخ 12 من ديسمبر 2016. وأكد هيكل أن اللجنة اطلعت على الملاحظات والمقترحات الواردة من الهيئات التي أوجب الدستور أخذ رأيها في مشروع القانون والمتمثلة في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئتين الوطنية للصحافة والوطنية للإعلام. وبشأن الفلسفة والهدف من مشروع القانون، أشار هيكل إلى أن الدساتير المصرية المتعاقبة حرصت بدءًا من دستور 1923 وانتهاء بالدستور القائم الصادر سنة 2014 التأكيد على حرية الفكر والرأي والتعبير. وتضمنت المادة "65" من الدستور ما اجتمعت عليه الدساتير المقارنة من كفالة حرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير، وذلك بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها، وقد أراد الدستور بضمانها أن تهيمن على مظاهر الحياة، ومن ثم لم يعد جائزًا تقييدها أو تقييد تفاعل الآراء التي تتولد عنها أغلال تعوق ممارستها، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة على نشرها أو من ناحية العقوبة اللاحقة لها، ذلك أن حرية التعبير هي القاعدة في كل تنظيم ديمقراطي فلا يكون إلا بها.