يبدو أن الشارع الأردني سيشهد المزيد من التصعيد خلال الأيام المقبلة ما لم يتم نزع فتيل الأزمة، بعد إعلان الحكومة تمسكها بقانون ضريبة الدخل وإصرارها على سحب مشروع القانون المعدل. وفي الوقت الذي ترقب الأردنيون أمس، صدور قرارات حاسمة لاحتواء الأزمة، عقب ليلة صاخبة وغير مسبوقة في الشارع لم ترضخ الحكومة للاحتجاجات وغليان الشارع معلنة تمسكها بالقانون. التزامات دولية فخلال اجتماع الحكومة مع مجلس النقابات المهنية داخل مقر البرلمان برعاية رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة أمس، رفضت الحكومة سحب مشروع القانون، وأكد رئيس الوزراء الأردني، هاني الملقي، تمسكه بقانون الضريبة الذي أثار غضب الشارع الأردني، وخرجت على أثره العديد من المظاهرات في أرجاء البلاد، نظرا لالتزامات الحكومة الدولية، رافضا سحب المشروع كما يطالب النواب. وقال الملقي إن هذا القانون هو أحد اشتراطات صندوق النقد الدولي لمنحنا القروض، مشيرا إلى أن صندوق النقد أكمل مهام أحدث بعثاته للبلاد يوم الخميس، وأنه يأمل في أن تنتهي المملكة بحلول منتصف عام 2019 من معظم الإصلاحات الضرورية اللازمة لإعادة الاقتصاد إلى المسار الصحيح، حسب "الشرق الأوسط". اقرأ أيضا : بعد «معناش».. هل تستجيب حكومة الأردن لضغط الشارع؟ وتقول الحكومة إنها تحتاج المال لتمويل الخدمات العامة، وإن الإصلاحات الضريبية تقلص مساحة التباينات الاجتماعية، من خلال فرض عبء أكبر على أصحاب الدخل المرتفع، وإنها لم تمس أصحاب الدخل المنخفض. البرلمان ينضم للرافضين تمسك الحكومة بالقانون دفع عددا من النواب إلى توقيع عريضة رفعت إلى الملك عبد الله الثاني، قالوا فيها إن حكومة الملقي لم تعد تحظى بثقة النواب. كما تعهد البرلمان برد مشروع قانون ضريبة الدخل، "في دورة استثنائية" تعقد بعد عيد الفطر، إلا أن المحتجين عبروا عن رفضهم هذه المبادرة. رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة، قال خلال مؤتمر صحفي بعد انتهاء الاجتماع، إنه تم التوافق على قانون الخدمة المدنية، وفيما يتعلق بقانون الضريبة "فنحن بصدد تشكيل لجنة لمتابعة الحوار". وقال الطراونة خلال الاجتماع المغلق مع الملقى ومجلس النقباء، إن المجلس "لن يكون في جيب الحكومة، ولن يذعن لإملاءات صندوق النقد الدولي"، حسب "الغد". اقرأ أيضا : استجابة للشعب.. ملك الأردن يأمر بتجميد قرار رفع أسعار المحروقات وكان 78 نائبا أعلنوا عن رفضهم لمشروع القانون، وقالوا إنه "غير صالح شكلا ومضمونا"، وأكدوا في بيان لهم، إنهم يعلنون مسبقا موقفهم الواضح والمتضمن رد مشروع قانون الضريبة جملة وتفصيلا. في المقابل، أكد مجلس النقباء تمسكه بسحب التعديلات الضريبية الجديدة، وذلك في تصويت للمجلس جرى داخل إحدى قاعات مجلس النواب. وقال رئيس المجلس علي العبوس، الذي كان قد هدد بإضرابات جديدة قبل اجتماع مع الملقي، إنه سيجتمع مع رؤساء النقابات المهنية قريبا لاتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية، وقال: "نحن جئنا بطلب سحب هذا القانون سمعنا كلاما آخر". وأشار إلى أن كل الاحتمالات واردة في حال أصرت الحكومة على عدم سحبها لمشروع قانون ضريبة الدخل، حسب "القبس". وبعد الاجتماع أعلن رئيس مجلس النواب عن اتفاق مع الحكومة والنقابات على تشكيل لجنة للنظر بتعديلات الخدمة المدنية وإقرارها قبل العيد، ومواصلة النقاش حول تعديلات الضريبة في اجتماعات لاحقة، واتفق المجتمعون على وضع الثقة في مجلس النواب لإعادة النظر في مشروع القانون بعد العيد. اقرأ أيضا : هل تشهد العلاقات بين الأردن وتركيا جمودا دبلوماسيا بعد إلغاء اتفاقية التجارة الحرة؟ تقشف أوسع وفي الوقت الذي تقول الحكومة إن القانون لن يمس محدودي الدخل، نجد أن منتقدي القانون يؤكدون أن الإجراءات سيكون من شأنها أن تضر بالفقراء ويتهمون السياسيين بإهدار المال العام والفساد. وأوضحت اتحادات تمثل موظفي القطاعين العام والخاص أن الحكومة رضخت لمطالب صندوق النقد الدولي، وإنها توسع الهوة بين الأغنياء والفقراء في البلد البالغ تعداد سكانه ثمانية ملايين نسمة، والذي يعيش به مئات الآلاف من اللاجئين الفارين من الصراع الدائر في سوريا. كما تشير اتحادات عمالية إلى أن مشروع القانون، وهو جزء من إجراءات تقشف أوسع نطاقا يوصي بها صندوق النقد الدولي، سيؤدي إلى تدهور مستويات المعيشة. وكانت الحكومة قد اتخذت إجراءات في السنوات الثلاث الماضية استجابة لتوجيهات صندوق النقد الدولي الذي طالب المملكة بإصلاحات اقتصادية تمكنها من الحصول على قروض جديدة في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة، وتجاوز الدين العام 35 مليار دولار. دعوة لحوار شامل في المقابل، أكد الملك عبدالله الثاني أنه ليس من العدل أن يتحمل المواطن وحده تداعيات الإصلاحات المالية، وأنه لا تهاون مع التقصير في الأداء، خصوصاً في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين من تعليم وصحة ونقل. وشدد الملك على أن الدولة بكل مؤسساتها مطالبة بضبط وترشيد حقيقي للنفقات، وأهمية أن يكون هناك توازن بين مستوى الضرائب ونوعية الخدمات المقدمة للمواطنين، مطالبا خلال اجتماع طارئ لمجلس السياسات الوطني عقده فور عودته من زيارة خارجية في وقت متأخر مساء أمس، الحكومة والبرلمان بقيادة حوار شامل وعقلاني للوصول إلى صيغة توافقية حول مشروع قانون الضريبة، الذي حصد احتجاجات شعبية. اقرأ أيضا : مصر والأردن.. من يصدر الغاز والبترول ومن يستورده؟ ودعا الملك إلى طرح السلطتين التشريعية والتنفيذية لحلول لا ترهق الناس وتحارب التهرب وتحسن كفاءة التحصيل. وبعد أن وصلت المفاوضات الثلاثية بين النقابات والبرلمان والحكومة، إلى طريق مسدود أمس، بعد تمسك الحكومة بمشروع القانون، وسط رفض البرلمان والنقابات، من المتوقع أن يشهد الشارع الأردني خلال الأيام المقبلة المزيد من التوتر مع استمرار الاحتجاجات والإضرابات.