صدر حديثا عن مركز دراسات الوحدة العربية، فى بيروت، كتاب "من الخوارزمى إلى ديكارت": دراسات فى تاريخ الرياضيات الكلاسيكية" للدكتور رشدى راشد، وترجمة: محمد البغدادى، ويلخّص هذا الكتاب عقودا من البحث الدؤوب فى تاريخ الرياضيات، اختار المؤلف فيه شخصيتين، هما: الخوارزمى، مخترع الجبر فى بداية النتاج الرياضى فى العصر الوسيط، وديكارت، الفيلسوف ومؤسس الهندسة التحليلية فى بداية العصر الحديث، ليتتبع خطوة بخطوة تطور المفاهيم فى فروع الرياضيات الثلاثة المعروفة آنذاك: الجبر والحساب، والأريتماتيكا، والهندسة؛ ويوضح نشوء التقاليد البحثية والمذاهب المتتالية وصلتها بالمجتمعات التى ترعرعت ونمت فيها. يحدد رشدى راشد بدقة موضع الجدة فى كتاب "الهندسة" لديكارت الذى جعل منه منطلقا للعصر الحديث. ولكنه يثبت فى الوقت ذاته صلة الكتاب بالتقاليد التى سبقته، بأعمال عمر الخيام، ستة قرون قبل كتاب الهندسة، مظهرا العلاقة الجدلية فى كل عمل علمى رائد، والاستمرار والانقطاع، والعمل فى إطار تقليد ما وقطع الصلة به. ينشر مركز دراسات الوحدة العربية هذا العمل الضخم بدعم من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، نظرا لما يحمله هذا الكتاب من قيمة علمية، وإلى ما يمثّله من مرجع لا غنى عنه للعاملين فى تاريخ العلوم، وفى نظرية المعرفة - الإبستمولوجيا- وفى فلسفة وتاريخ الرياضيات على وجه التحديد؛ بل للرياضيين أنفسهم الذين يعلمون أن تقدم أبحاثهم مرتبط فى كثير من الأحيان بمعرفة تطور الأفكار والمفاهيم وأدوات وضعها موضع التطبيق، ولعامة المثقفين العرب، الذين يرغبون فى الاطلاع على الإسهام الفعلى للرياضيات المكتوبة باللغة العربية على مدى ثمانية قرون. يتضمن الكتاب ثلاثة وعشرين فصلاً إلى جانب المقدمة والخاتمة، ويقع الكتاب فى 780 صفحة. جدير بالذكر أن الدكتور رشدى راشد، فيلسوف ومؤرخ العلم، ناقد أكاديمى لتاريخ العلم العربى، قدم العديد من المساهمات الهامة لتاريخ الرياضيات والعلم. ولد فى القاهرة (عام 1936)، درس فى جامعتها، ليحصل على ليسانس الفلسفة، وهو فى العشرين من عمره، ثم ينتقل إلى فرنسا، فيكمل دبلوم الرياضيات من جامعة باريس، وينال دكتوراه الدولة فى تاريخ فلسفة الرياضيات فى الجامعة نفسها. بعد ذلك شغل مناصب عدة فى المركز الفرنسى القومى للأبحاث العلمية عام 1965، ومنصب مدير أبحاث الابستمولوجيا وتاريخ العلوم فى جامعة دنيس ديدرو - باريس، حتى عام 2001، ومدير مركز الفلسفة والعلوم والفلسفة العربية للعصور الوسطى حتى عام 2001م. أسس رشدى راشد فى 1984- وأدار منذ سنة 1993- فريق بحوث الابستمولوجيا وتاريخ العلوم والمعاهد العلمية. نشر العديد من المقالات والأبحاث والكتب فى مختلف الدوريات عن مساهمة العلوم الإسلامية والعلماء العرب فى تطوير وتقدم العلوم، كما يرأس تحرير دورية العلوم والفلسفة العربية، بجامعة كامبريدج، ويشغل حاليا منصب المدير الشرفى لقسم أبحاث المستوى الرفيع فى مركز البحوث العلمية الوطنى فى فرنسا CNRS. وضع رشدى راشد أكثر من 30 كتابًا، ومن أعماله المهمة إشرافه على موسوعة تاريخ العلوم العربية التى صدرت فى لندن ونيويورك طبعتها الأولى فى 1996، وقد حرر فيها الأجزاء التى تقع فى تخصصه المباشر، وهى الحساب والجبر والبصريات الهندسية. ومن أشهر أعماله: مدخل لتاريخ العلوم (باريس، 1971)، كتاب الجبر لديوفنطس (القاهرة، 1975)، أعمال عمر الخيام فى الجبر بالاشتراك مع أحمد جبار (حلب، 1981)، العلوم فى عصر الثورة الفرنسية (باريس، 1984)، أعمال الكندى الفلسفية والعلمية (ليدن، 1998)، أعمال السجزى الرياضية (باريس، 2004)، فلسفة الرياضيات ونظرية المعرفة عند جول فيامين (باريس، 2005). ويلقى رشدى راشد محاضراته فى تاريخ العلوم فى كثير من عواصم العالم.