في جلستها الأخيرة منذ بضعة أيام ناقشت هيئة كبار العلماء بالأزهر برئاسة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، نص المادة الأولى من مشروع القانون المقترح والوارد للأزهر من اللجنة الدينية بمجلس النواب لبيان الرأي الشرعي حول مدى جواز أن يقوم رئيس مجلس الوزراء، وذلك في الوقف الخيري، بتغيير شروط الواقف إلى ما هو أصلح، وذلك تحقيقًا لمصلحة عامة تقتضيها ظروف المجتمع. وانتهى اجتماع الهيئة، برفض المشروع، مشددة على أنه لا يجوز شرعًا تغيير شرط الواقف، أو التصرف في الوقف على غير ما شرطه. وسجل موقف الأزهر برفض فتوى جواز تبديل شرط الواقف، دخول المؤسسة الدينية فى خلاف مع الحكومة، خاصة أن الفترة الأخيرة شهدت تحركات على نطاق واسع من قبل الدولة فى ضبط قبضتها على مال الوقف، الأمر الذى جعل من تلك الفتوى حائلا أمام حصول الحكومة على الملايين المقدرة لحصيلة ممتلكات هيئة الأوقاف، وفقًا لرؤية الحكومة من استغلال تلك الممتلكات عقب جواز استبدال شرط الواقف. 100 مليار جنيه كثر الحديث مؤخرًا، عن هيئة الأوقاف المصرية خاصة بعدما عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعا، فى ديسمبر الماضى ضم كلا من مختار جمعة وزير الأوقاف، وخالد فوزي رئيس المخابرات العامة السابق، ومحمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية، وأحمد عبد الحافظ رئيس هيئة الأوقاف. وصرح السفير بسام راضي المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأنه تم خلال الاجتماع استعراض سبل تعظيم الاستفادة من الأصول والأراضي التابعة للأوقاف، كما أصدر الرئيس قرارا بمنع التعامل على أراضى الأوقاف إلا من خلال الرجوع للهيئة ثم الشهر العقارى، وذلك لمنع التعديات على الأراضى. وشكل الرئيس لجنة تضم ممثلين عن وزارتى الخارجية والعدل وهيئة الأوقاف والمخابرات العامة والرقابة الإدارية لإجراء حصر للممتلكات المصرية فى الخارج وفض المتنازع عليها، متمثلة فى أراض ومطاعم وقصر لمحمد على باشا باليونان. وتمتلك هيئة الأوقاف قصورا وعمارات وعقارات ومحلات فى شتى محافظات الجمهورية فى أماكن متفرقة، وأحياء متميزة وراقية، وبالأخص محافظة الإسكندرية التى تمتلك 60٪ من أراضى الأوقاف، وتليها محافظتا الشرقية والبحيرة فى الأراضى الزراعية. وبحسب المؤشرات الأولية فإنه يقدر حجم ممتلكات الهيئة فى الداخل والخارج، بأكثر من 100 مليار جنيه. حصر الممتلكات دشنت مؤسسات الدولة المعنية، لجنة لحصر الممتلكات تتضمن عضوية وزير الأوقاف، وممثلا لوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وممثلا لوزارة الاستثمار، ورئيس هيئة الأوقاف المصرية، ورئيس مجلس إدارة المجموعة الوطنية لاستثمارات الأوقاف، وممثلا للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وممثلا لهيئة الرقابة الإدارية. خسائر فادحة بالهيئة وتعديات على عينك يا تاجر وأكد الدكتور أحمد عبد الحافظ رئيس هيئة الأوقاف، أن الهيئة تعانى من عجز بالميزانية منذ 5 أعوام، وقدر فى العام المالى 2013/2012، ب53 مليون جنيه، وفى 2014/2013 وصل إلى 33 مليون جنيه، ثم 67 مليون جنيه فى 2015/2014، و30 مليون جنيه فى 2016/2015، وأخيرا 40 مليون جنيه فى العام المالى الماضى 2017/2016، مؤكدًا أن العجز يتوقف خلال العام المالى الحالى، ومن المتوقع تحقيق فائض. وأوضح رئيس الهيئة فى تصريحات له أن الهيئة لا تحصل من إيراداتها إلا %15، حين تذهب %75 منها إلى وزارة الأوقاف، و%10 المتبقية يتم الاحتفاظ بها لتنمية الموارد سنويا، مؤكدًا أن الهيئة تسعى جاهدة لإصدار تعديل تشريعى لزيادة حصتها من الإيرادات خلال الفترة المقبلة، مشددًا على أن الأجور الثابتة سنويا لدى الهيئة لعمالها 6 آلاف و660 موظفًا تصل إلى 170 مليون جنيه. وأوضح عبد الحافظ، أن هناك مشكلات فى تحصيل إيرادات الإيجارات وإيرادات الممتلكات، وأقساط محلات التمليك، مشيرًا إلى أن هناك خسائر كبيرة فى الأموال المتراكمة خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن هناك العديد من حالات التعدى، جار التعامل معها قانونًا. وتابع: إنه جار إعداد مشروع قانون جديد لتطوير عمل الهيئة إداريًّا واستثماريًّا؛ لضمان تحقيق هذا الغرض، لا سيما أنها بحاجة ماسة إلى عمل القطاع الخاص معها لزيادة الاستثمارات الخاصة بها، وتحقيق أقصى عائد ممكن خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أن هناك تعاونا مع القطاع الخاص، لا سيما الشركات الكبرى وبنوك الاستثمار فى المنطقة. التعامل مع الوقف مرهون بشرط الواقف وأمام حالات التعدى على مال الوقف، والخسائر الفادحة للهيئة، وعدم الاستغلال الأمثل لممتلكات الهيئة، تسعى الحكومة جاهدة للحصول على فتوى من أجل الاستفادة من تلك الممتلكات، إما ببيعها أو إعادة استغلالها فى أوجه أخرى، وذلك باستبدال شرط الواقف. وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الأصل فى الشرع الشريف ومقاصد الشريعة والأحكام الفقهية، أن التعامل مع الوقف مرهون بشرط الواقف، وبالتالي لا يجوز العدول عن هذا الشرط، لكن لو أوكل الواقف غيره لاستثمار أموال الوقف للمنفعة العامة فيجوز فى هذه الحالة استثمار أموال الوقف فى المشروعات أو كل عمل يعود بالنفع العام. وأوضح كريمة ل"التحرير"، أن تخصيص أموال الوقف واستثمارها على خلاف ما خصص له أمر باطل شرعا، فالمعيار الرئيسى فى التعامل مع الوقف "شرط الواقف" وبالتالي لا يجوز بيع أصول الوقف واستثمار أموالها، فإذ خصص الوقف سواء كان أرضا أو عقارات أو غير ذلك من أجل الإنفاق على إعمار المساجد أو رعاية بعض دور الأيتام أو لأى غرض شرعى، لا يجوز بأى حال من الأحوال استخدام الريع فى غير ما خصص له أو بيع الوقف ولاستثماره فى المشروعات. واستشهد كريمة لعدم جواز مخالفة شرط الواقف فى التعامل مع مال الوقف أو الريع الناتج عنه، قول الله تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ)، مؤكدا أن الحالة الوحيدة التى يجوز فيها استخدام مال الوقف فى المشروعات أو المنفعة العامة، هى أن يكون الوقف مخصصا للإنفاق فى "سبيل الله".