رفضت هيئة كبار العلماء بالأزهر في اجتماعها اليوم، برئاسة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مشروع القانون المقدم من الحكومة الذي يجيز لرئيس الوزراء تغيير شروط الوقف، لمخالفته الشريعة الإسلامية. كانت اللجنة الدينية بمجلس النواب تقدمت بطلب للأزهر لبيان الرأي الشرعي حول مدى مشروعية نص المادة الأولى من مشروع القانون المقترح، والذي ينص على أنه "يجوز لرئيس مجلس الوزراء – وذلك في الوقف الخيري- تغيير شروط الواقف إلى ما هو أصلح، وذلك تحقيقًا لمصلحة عامة تقتضيها ظروف المجتمع". الأمر الذي رفضه مجمع البحوث الإسلامية في جلسته المنعقدة في 12 مارس الجاري، وهو القرار الذي أيدته فيه هيئة كبار العلماء، أعلى مرجعية بالأزهر في اجتماعها اليوم برئاسة شيخ الأزهر. وانتهى المجمع في قراره إلى أنه "لا يجوز شرعًا تغيير شرط الواقف، فشرط الواقف كنص الشارع، وعلى ذلك اتفقت كلمة الفقهاء قديمًا وحديثًا، ومن ثم لا يجوز بأي ذريعة مخالفة شرط الواقف، أو التصرف في الوقف على غير ما شرطه، وبناء على ذلك لا يوافق مجمع البحوث الإسلامية على مشروع النص المقترح على خلاف هذه القواعد الشرعية المتفق عليها". يأتي ذلك بعد أن وافقت الحكومة في فبراير الماضي على مشروع قانون مقدم من الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بشأن قانون إعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية، والذي يهدف إلى "ضمان حسن استثماره في ضوء ما يضمنه الاستثمار الأمثل لصالح الوقف وخدمة المجتمع معًا". مشروع القانون جاء على ضوء اجتماع عقده الرئيس عبدالفتاح السيسي في ديسمبر الماضي مع وزير الأوقاف، بحضور خالد فوزي رئيس المخابرات العامة وقتها، ومحمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية، والدكتور أحمد عبد الحافظ رئيس هيئة الأوقاف المصرية، لبحث استثمار أموال الوقف في المشروعات القومية. وقال المتحدث باسم الرئاسة وقتها، إن "رئيس هيئة الأوقاف المصرية عرض خلال الاجتماع الإجراءات الجاري تنفيذها لحصر أصول وأراضي الوقف بشكل دقيق ومتكامل على مستوى الجمهورية وضمان تحقيق الاستغلال الأمثل لها". وذكر أن الرئيس وجه خلال الاجتماع بضرورة تحقيق الاستفادة المثلي من أصول وممتلكات الأوقاف، مشددًا على أهمية حصر وتقييم تلك الممتلكات بشكل شامل والحفاظ على حق الدولة بها وعدم التفريط فيها. ودعا إلى "تنفيذ خطط استثمارية متطورة لأصول وممتلكات الأوقاف، وتعظيم مساهمتها في المشروعات القومية بما يساعد على نمو الاقتصاد ويضمن زيادة قيمة الأصول ومواردها". كان السيسي أصدر قرارًا جمهوريًا في يوليو 2016 بتشكيل لجنة لحصر أموال هيئة الأوقاف وتعظيم عوائدها برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس للمشروعات القومية والإستراتيجية. وفي 2016، أظهرت إحصائية بأن حجم التعديات على أملاك الوقف الخيري بلغت نحو 37 ألف حالة، أبرزها وقف أرض نادي الزمالك على مساحة تسعين ألف متر، ووقف سيدى كرير بمساحة 27 ألف فدان بالساحل الشمالي، ووقف مصطفى عبد المنان بمساحة 420 ألف فدان ممتد في محافظاتالدقهلية ودمياط وكفر الشيخ، وتتنازع الوزارة مع أفراد وجهات حكومية على ملكيتها. وعلى الرغم من غياب الحصر الشامل لممتلكات الأوقاف، إلا أن وزير الأوقاف أعلن في وقت سابق أن أموال الوقف الخيري تزيد على المائة مليار جنيه، تجري "إدارتها بشكل جيد سيؤهلها لتصبح أهم ركائز الاقتصاد المصري". وفي فبراير الماضي، أفتى مفتي الجمهورية بأنه "يجوز استثمار أموال الوقف في المشروعات الكبرى؛ إذ إن الاتجاه في الفتوى على أن الوقف في الأموال السائلة جائز؛ ويجوز استثماره وإدارته إدارة جيدة لما فيه خدمة للمجتمع؛ لأن العلماء أدركوا أن أموال الوقف هي رأسمال اجتماعي مهم يجب استثماره فيما فيه مصلحة للمجتمع". وأثارت الفتوى الجدل بين علماء الأزهر حول مشروعيته، بين فريقين أحدهما يطالب بضرورة توضيح الفرق بين الوقف العام والخاص، وأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال، لرئيس الدولة أو للمفتي أو لوزير الأوقاف، توجيه الخاص لغير الأوجه المخصصة له، قال آخر، إن الوقف المخصص لشخص بعينه، هو الوحيد الذي لا يجوز صرفه، إلا لهذا الغرض فقط.