كتبت- بسنت فاروق ووفاء بسيوني: تضمنت رؤية السعودية لعام 2030 خطة لإطلاق برنامج خاص سيتيح لها تلبية احتياجاتها من الطاقة النووية بقدراتها الذاتية، معلنة نيتها إنشاء 17 مفاعلًا نوويًا من أجل إنتاج هذه الطاقة. وبناء على هذه الخطة طالبت بمنحها الحق في تخصيب اليورانيوم، ووضعت هذا الأمر شرطا أمام الشركات الأمريكية التي تريد إبرام الصفقات الخاصة ببناء المفاعل النووي في المملكة، والتي تصل قيمتها الإجمالية إلى عشرات المليارات من الدولارات. مخاوف إسرائيلية وفي أول رد فعل لإسرائيل ، طلب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء زيارته إلى واشنطن، منع المملكة من اقتناء مفاعل نووي، الأمر الذي قوبل بالرفض. وأكد نتنياهو خلال طلبه أنه في حال قبول الولاياتالمتحدة طلب السعودية، فيجب منع تخصيب اليورانيوم أو وضع شروط في حال الموافقة على الطلب السعودي. وعلل ترامب رفضه قائلًا: "إذا لم تزود الولاياتالمتحدة السعودية بالمفاعلات ستقوم روسيا أو الصين بهذا الأمر". يأتي طلب نتنياهو، على الرغم من التحسن الظاهر في العلاقات الخلفية بين إسرائيل والرياض، حيث شهدت الفترة الأخيرة تلميحات صادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين عن توطد العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ومع ذلك فإن مستوى هذه العلاقات ما زال سريا، وإن كانت "صفقة القرن" عنوانها الأبرز. سباق التسلح ويبدو أن المخاوف الإسرائيلية من اتجاه السعودية لامتلاك مفاعلات نووية، يكمن في أن هذه الأمور يمكن أن تؤدي لانهيار الاتفاق النووي مع إيران، وتقود المنطقة إلى سباق تسلح نووي إقليمي يمثل أخطر كابوس تخشاه إسرائيل. ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي "تشك فريلتش" أن الشرق الأوسط نحو سيناريو نووي مرعب تخشاه إسرائيل، حسب صحيفة "هآرتس"، التي أشارت إلى أن السعودية يمكن أن تقود سباق تسلح في المنطقة. وتصب المخاوف الإسرائيلية في ظل التقارب الملحوظ مؤخرا بين السعودية وإسرائيل في مكافحة الإرهاب والتوحد لنزع النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في سوريا واليمن. وعلى الرغم من موافقة ترامب منح السعودية المفاعلات النووية، قد تواجه تلك الصفقة انتقادات من الحزبين في الكونجرس، حيث يتطلب القانون الفيدرالي موافقة الكونجرس والتشاور بشأن أي اتفاقية تحدد إطار التعاون النووي، مع تخصيص دور خاص للجنة مجلس النواب المعنية بالشؤون الخارجية ولجنة مجلس الشيوخ المعنية بالعلاقات الخارجية. فيما حذر المشرعون وخبراء حظر الانتشار النووي من أنه بدون حظر صارم، فإن صفقة تزويد السعودية بمحطات الطاقة النووية يمكن أن تسمح بإعادة معالجة الوقود المستهلك في البلوتونيوم المستخدم في صناعة الأسلحة. تحذير سابق سبق طلب نتنياهو تحذير "نيويورك تايمز" ترامب من الطموحات النووية للسعودية، فقد أعربت مؤخرًا عن مخاوفها من إمكانية امتلاك السعودية أسلحة نووية بمساعدة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وذكرت الصحيفة أن آخر ما تحتاجه منطقة الشرق الأوسط هو بلد آخر لديه القدرة على بناء أسلحة نووية، ومع ذلك يمكن أن يحدث ذلك إذا أساءت الولاياتالمتحدةالأمريكية تقدير خطط السعودية لدخول قطاع الطاقة النووية، لا سيما أن الرياض تعتزم إنشاء ما يصل إلى 16 مفاعلا نوويا لتوليد الكهرباء على مدى 25 عاما. وألمحت الصحيفة الأمريكية إلى أن القيادة السعودية لا تعلن صراحة أنها تريد أن تصبح البلد الثاني بعد إسرائيل في بناء ترسانة نووية في منطقة غير مستقرة، بل يصرون أن خططهم للأغراض السلمية، حتى يتمكنوا من الاستغناء عن احتياطاتهم الضخمة من النفط في توليد الطاقة. ومع ذلك، هناك علامات متزايدة على أن السعوديين يريدون خيار بناء أسلحة نووية للتحوط ضد منافسيهم، إيران، التي كان لديها برنامج نووي قوي قبل قبول قيود شديدة بموجب اتفاق عام 2015 مع الولاياتالمتحدة وغيرها من القوى الكبرى. ترامب "المعيار الذهبي" كما أشارت الصحيفة إلى أن جهود إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما للتفاوض على اتفاق حول نقل التكنولوجيا النووية المدنية تعثرت بسبب رفض السعوديين الالتزام الملزم قانونا بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم، والذي يمكن استخدامه لإنتاج الوقود للأسلحة النووية، ومع ذلك، التزمت دولة الإمارات العربية المتحدة بذلك في اتفاقها لعام 2009، الذي حدد "المعيار الذهبي" لاتفاقية عدم الانتشار النووي لاتفاقات التعاون النووي المدني. وأوضحت "نيويورك تايمز" أن إدارة ترامب في وضع جيد يسمح له بإقناع السعوديين لقبول "المعيار الذهبي"، حيث إنه قادر على التفاوض مع الرياض بشأن شراء الوقود المخصب للمفاعلات من الموردين الأجانب منخفضة التكلفة نسبيا، خاصة أن الرئيس ترامب يتمتع بعلاقات جيدة مع القيادة السعودية منذ توليه منصبه.