عاشت الولاياتالمتحدة، على مدار الأسبوعين الماضيين، حالة من الجدل حول القوانين المتعلقة بالأسلحة، التي أثارها حادث إطلاق النار في مدرسة بولاية فلوريدا. وتنوعت الآراء بين تسليح المدرسين، وتعقيد إجراءات حيازة الأسلحة، وكان آخرها رفع الحد الأدنى لأعمار المسموح لهم بشراء الأسلحة. وهو القرار الذي اتخذه اثنين من أكبر متاجر الأسلحة في الولاياتالمتحدة، وهما عملاق محال التجزئة "وول مارت" و"ديكز" للمنتجات الرياضية. حيث أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى أن الشركتين وضعتا عدد من القرارات للحد من مبيعات الأسلحة النارية، ليخوضا غمار حالة الجدل حول قوانين الأسلحة. وأعلنت "وول مارت" أمس الأربعاء، أنها لن تبيع أي أسلحة نارية لأشخاص أقل من 21 عامًا، كما قررت وقف بيع الأغراض التي تشبه الأسلحة النارية، مثل الألعاب ورشاشات المياه. كما قررت "ديكز" وقف بيع الأسلحة الهجومية والخزن ذات السعة الكبيرة في متاجرها، بالإضافة إلى عدم بيع أي أسلحة لمن هم دون ال21 عامًا، بغض النظر عن القوانين المحلية. يذكر أن القوانين الفيدرالية تنص على عدم بيع المسدسات لمن هم دون الواحدة والعشرين من العمر، كما يجب ألا يقل عمر مشتري البنادق نصف الآلية وغيرها من الأسلحة النارية عن 18 عامًا. وأشارت كلتا الشركتين إلى أن قرارهما برفع الحد الأدنى لعمر مشتري الأسلحة، جاء على خلفية حادث إطلاق النار الذي وقع في مدرسة ثانوية بولاية فلوريداالأمريكية وأسفر عن مقتل 17 شخصًا. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد دعا خلال لقاء مع مشرعين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري إلى سن عدد من التشريعات للسيطرة على الأسلحة، والتي تعارضها الجمعية الوطنية للبنادق. وجاء قرار "وول مارت" و"ديكز" بعد قيام بعض الشركات الأمريكية الكبرى، مثل خطوط طيران دلتا، و"متلايف" للتأمين، وغيرها من الشركات، بقطع شراكتها مع الجمعية الوطنية للأسلحة. وتبيع "وول مارت" الأسلحة في نصف متاجرها البالغ عددها 4 آلاف متجر، إلا أن القاعدة الهائلة لزبائن "وول مارت" منح هذا القرار أهمية كبيرة، حيث تستقبل متاجرها 150 مليون متسوق أسبوعيًا. من جانبه قال إدوارد ستاك مدير متاجر "ديكز" "عندما رأينا ما حدث في فلوريدا، شعرنا بالضيق"، وأضاف ابن مؤسس سلسلة المتاجر البالغ من العمر 63 عامًا "لقد نال منا هتاف هؤلاء الأطفال في مسيرتهم ضد الأسلحة". وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن القرار أثار رد فعل هائل في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قالت شركة "سبروت سوشيال" لإدارة وسائل الإعلام الاجتماعية إن عدد التغريدات التي تحمل اسم "ديكز" على "تويتر" ارتفع بنسبة 12 ألف في المئة عن المعدل الطبيعي. وأضافت الشركة أن 79 في المئة من التغريدات، تحمل رسائل إيجابية، من ضمنها رسائل دعم وتأييد من ممثلين كبار في هوليوود. فيما أعلن المعارضين لهذا القرار عن خططهم لمقاطعة سلسلة المتاجر، حيث أنهى بعضهم تغريداته باستخدام هاشتاج #مقاطعة. وليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها سلسلة متاجر "ديكز" بإجراء تغييرات استجابة لإطلاق نار في مدرسة، ففي عام 2012 بعد أن قتل مسلح 26 شخصا في مدرسة ساندي هوك الابتدائية في ولاية كونيتيكت، قررت "ديكز" عدم بيع طراز البنادق المستخدمة في الاعتداء من متاجرها الرئيسية. وأشارت "ديكز" إلى أنها بدأت في مراجعة سجلات مبيعاتها، بعد أن تم الكشف عن هوية المتهم بإطلاق النار في مدرسة فلوريدا، نيكولاس كروز، واكتشاف أنه اشترى أسلحة بشكل قانوني من أحد متاجرها، في نوفمبر الماضي، لكن ليس من ضمنها السلاح المستخدم في الجريمة. وقالت الشركة، إنها لم تحدد بعد ماذا ستفعل بمخزونها من البنادق الهجومية، ولكنها أكدت أنها لن تعرضه للبيع في متاجرها مرى أخرى. ونقلت الصحيفة عن عدد من الخبراء القانونيين، قولهم إنه لن تكون هناك عقبات في تطبيق قرار "ديكز" بعدم بيع الأسلحة الهجومية، ولكن من الممكن أن يتم الطعن على قرار عدم بيع الأسلحة لمن دون ال21 عامًا في المحاكم. حيث صرح آدم وينكلر أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا، أنه من الممكن أن تواجه "ديكز" دعوى قضائية تتهمها بخرق القوانين التي تمنع التمييز على أساس السن.