كتب- إيهاب كامل ضمن مشروع "رعاة المتحف المصري" تلقى ماريان راغب فى الساعة الخامسة والنصف مساء يوم الاثنين المقبل، بمبنى وزارة الآثار بالزمالك، محاضرة بعنوان "وجوه هوارة: نظرة حديثة على وجوه الفيوم الأثرية". ومشروع "رعاة المتحف المصري" يهدف إلى تقديم الدعم لإدارة المتحف المصرى، من خلال إنشاء شبكة دعم واسعة النطاق للمتحف، ورعاية وتمويل مشاريع المتحف والبحوث الأكاديمية، وتمكين موظفى المتحف، وأخيرا، خلق اهتمام بالمتحف والتراث المصرى عند الجمهور، وهو أحد برامج جمعية "نهضة المحروسة"؛ التى تأسست فى عام 2003، بهدف تمكين أفكار المهنيين المصريين وذلك لخلق مبادرات جديدة ومبتكرة تؤدى لإحداث تغيير اجتماعى حقيقى ومؤثر. وفى التعريف بموضوع المحاضرة يذكر أن "وجوه الفيوم" نوع من الأعمال الفنية يعود للعصر اليوناني- الرومانى، وتظهر تلك اللوحات وجوه أهل مصر فى تلك الفترة؛ حيث كانت توضع فوق وجوه المومياوات لتعكس صورة المتوفى، مثل الأقنعة الجنائزية فى العصر الفرعونى، وأطلق عليها اسم "وجوه الفيوم" لأن الفيوم هى أول موقع تم العثور به على تلك اللوحات، لكن مع استمرار أعمال الحفائر، تم العثور على أعداد أكبر من اللوحات فى مواقع تمتد من العلمين بأقصى الشمال وحتى الأقصر فى أقصى الجنوب، منذ بداية اكتشاف تلك اللوحات، قام العديد من الباحثين بدراستها من الناحية الفنية ومحاولة تأريخها، وقام بعض الباحثين بملاحظة وجود سمات قد تكون مرتبطة باللوحات الخاصة بمواقع معينة دونًا عن غيرها، لكن لم يتم التعمق فى دراسة تلك الملاحظات بل تم الاكتفاء بذكرها بشكل عابر، لذلك، كان من الضرورى عمل دراسة إحصائية للوحات المُكتشفة من موقع بذاته لتحديد السمات الخاصة بورشة عمل هذا الموقع و مقارنتها بورش المواقع الأخرى، تم اختيارموقع هوارة بالفيوم لهذه الدراسة لأنه أحد أهم المواقع التى تم العثور بها على لوحات الفيوم. وبداية ذلك الاكتشاف الرائع يعود إلى السير فلندرز پيترى Sir Williams Flinders Petrie 1853- 1942، عالم المصريات الإنجليزى الشهير، الذى قام بالتنقيب عن الآثار فى العديد من أهم المواقع الأثرية فى مصر، مثل أبيدوس وتل العمارنة، وتعتبر "لوحة مرنپتاح" أهم اكتشافاته، والتى تعرف أيضا ب"لوحة انتصار مرنبتاح"، وهى لوحة تذكارية لملك مصر مرنبتاح اللى حكم مصر بين 1213- 1203 قبل الميلاد، وهى لوح سميك من حجر الجرانيت تذكر انتصار الملك امينوحوتب التالت فى بلاد الشام ومن ضمنها "قبائل إسرائيل"، وقد اكتشفها "بيترى" فى الأقصر سنة 1896. قبل ذلك كان بيترى قد شرع فى التنقيب عن الآثار فى الفيوم، وفى عام 1887 عثر فى منطقة هوارة؛ الواقعة بين الفيوم وبنى سويف، على حوالى 154 من اللوحات، تعود أقدمها لعصر الأمبراطور طيبيريوس (14-37 بعد الميلاد) وأحدثها تعود لعصر الإمبراطور سيفروس (193-235 بعد الميلاد) لذلك فإن مجموعة لوحات هوارة هى أكبر المجموعات المُكتشفة وتشمل لوحات تغطى فترة زمنية تبلغ مئتى عام. تتيح لنا هذه الدراسة تحديد تطور أساليب ورشة هوارة عبر الفترات الزمنية. ومن خلال مقارنتها بأساليب ورش المواقع الأخرى، يمكن التعرف أكثر على تلك الصناعة و كيفية انتشارها على مستوى البلاد، بالإضافة إلى إمكانية تحديد الموقع الذى تنتمى إليه اللوحات غير المسجلة بالمتاحف حول العالم. وقد أثار نشر نسخ من تلك اللوحات مخيلة الكثير من الأدباء والفنانين، فالكاتب الفرنسى أندريه مالرو (1901- 1976) يرى أن "نظرة هذه الوجوه تتطلع للأبدية؛ فالموتى عن طريق هذه اللوحات يظلون على قيد الحياة بالرغم من موتهم، فيبدو الموت حيا خالدا، وهذا هو الهدف الذى صُورت من أجله هذه الوجوه فى نظر أصحابها"، ولهذه اللوحات؛ التى تربو على ألف لوحة، الكثير منها موجود فى خارج مصر فى متاحف كبرى- البريطانى، اللوفر، برلين-، أهمية تاريخية أيضا لأنه نمط فنى متواصل فى فترة زمنية هامة، بالإضافة إلى أنه امتزاج بين عدة أساليب فنية، ورؤى فلسفية ودينية.