يتعرض الآلاف من العمال المهاجرين في قطر إلى درجات حرارة مرتفعة تعرض حياتهم للخطر في مواقع البناء بالدولة الخليجية، من ضمنها مواقع بناء استادات بطولة كأس العالم المقرر إقامتها 2022. حيث أشار تقرير نشرته منظمة "هيومان رايتس ووتش" لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان، إلى أن حرارة الصيف والرطوبة المرتفعة في دول الخليج تتسبب في مقتل مئات العمال سنويا. وأضاف البيان، شديد اللهجة، أن السلطات القطرية رفضت الإعلان عن أي معلومات رسمية، أو التحقيق بشكل كاف في حالات الوفاة، التي من الممكن أن تكون حدثت بسبب الظروف المناخية الصعبة في البلاد. وأشار بيان المنظمة إلى أن الملايين من العمال ما زالوا في خطر بقطر وغيرها من بلدان الخليج مثل الكويت والبحرين وعمان والسعودية والإمارات، وذلك بسبب أن الراحات القانونية خلال ساعات العمل في النهار، لا توفر لهم الحماية الكافية. وأشارت مؤشرات حالة الطقس خلال فصل الصيف في قطر، إلى أن العاملين في مواقع بناء استادات كأس العالم 2022، هم أيضًا معرضون للخطر بسبب الحرارة، على الرغم من النظام المتقدم الذي يتبعه منظمو البطولة، ويتضمن قياس مستويات الحرارة والرطوبة الآمنة. وقالت سارة ليا ويتسون، مديرة هيومان رايتس ووتش في الشرق الأوسط: "إن تطبيق القيود المناسبة على العمل في الهواء الطلق، والتحقيق، والإفصاح عن المعلومات المتعلقة بموت العمال، هو أمر ضروري لحماية صحة وحياة عمال البناء في قطر". ففي عام 2012 كشفت قطر عن مقتل 520 عاملا من بنجلاديش والهند ونيبال، والذين يسافر مئات الآلاف منهم لدول الخليج للعمل في مجال البناء والتشييد في الخليج. وأشارت المنظمة الدولية إلى أن نحو ثلثي تلك الوفيات، أي نحو 385 حالة منهم، لقوا حتفهم دون أن تجري السلطات القطرية تحقيقًا أو تقدم توضيحًا بخصوص سبب الوفاة. وكانت الحكومة القطرية قد أبلغت المنظمة العام الماضي، بوفاة نحو 35 عاملا بسبب السقوط في مواقع بناء، إلا أن تلك الإحصائية لم تتضمن مئات الحالات الأخرى التي وقعت بسبب نوبات قلبية، وغيرها من أسباب الوفاة الطبيعية، والتي أبلغت عنها سفارات دول هؤلاء الضحايا، دون تفسير من السلطات القطرية. وسعت اللجنة العليا المنظمة لبطولة كأس العالم 2022 التي تقرر إجراؤها في فصل الشتاء لتطبيق معايير أكثر أمنًا من المطبقة بشكل عام على ملايين من عمال البناء المهاجرين في قطر. وكشفت اللجنة أن عشرة من العاملين في مواقع بناء استادات كأس العالم لقوا حتفهم في الفترة من أكتوبر 2015 حتى يوليو الماضي، مشيرة إلى أن ثمانية منهم -من بينهم ثلاثة في العشرينيات من عمرهم- ماتوا لأسباب ليست لها علاقة بالعمل، وأن الوفيات وقعت بسبب سكتة قلبية أو فشل في الجهاز التنفسي. وقالت المنظمة في تقريرها "إن حجب أسباب الوفاة، يجعل من الصعب تحديد إذا ما كانت وفاة هؤلاء العمال بسبب ظروف العمل مثل الحرارة المرتفعة". أحد العمال الذين لقوا حتفهم في أحد مواقع بناء استادات كأس العالم، جاليشوار براساد البالغ من العمر 48 عامًا، أحد الذين ذكرتهم اللجنة المنظمة في إحصائياتها وأكدت أن وفاته كانت بسبب سكتة قلبية. وأشار المستشفى في تقريره إلى أن "ظروف العمل لم تكن أحد المسببات في الوفاة"، بينما كانت درجة الحرارة في اليوم السابق لوفاة براساد، الموافق 26 أبريل 2016، قد بلغت 36 درجة مئوية. واتهم نيكولاس ماكجيهان المسؤول عن التقرير الحكومة القطرية واللجنة المنظمة، بالتخلي العمد عن مسؤوليتهما" عن صحة وأمان العمال. وقال ماكجيهان "إن نظام الحماية من الحرارة غير مناسب، حيث تشير البيانات إلى أن تأثيرها غير مجد تمامًا"، مضيفًا "أن ذلك يعني أنهم يضعون حياة بناة تلك الملاعب على المحك". ووفقًا لقرار حكومي أصدرته قطر في 2017، فإن العمال الذين يعملون في الهواء الطلق، يجب ألا يستمروا في أعمالهم خلال الفترة من 11:30 صباحًا، حتى الثالثة عصرًا، في الفترة من 15 يونيو حتى 31 أغسطس. وأشارت المنظمة إلى أن تلك القوانين غير مجدية، لأنها لا تربط ساعات الراحة، بأوضاع العمل خارج تلك الساعات. وكشفت مؤشرات مكتب الأرصاد الجوية البريطانية عن حالة المناخ في الدوحة العام الماضي، فإنه وفقًا لمؤشرات الرطوبة، ليس من الآمن أن يقوم شخص متأقلم على درجة الحرارة، بعمل شاق إلى حد ما في الهواء الطلق لأكثر من 1.176 ساعة بما فيها ساعات الليل. ودعت "هيومان رايتس ووتش"، قطر ودول الخليج، وكذا اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم، لاستخدام مؤشرات أخرى لتأثير درجات الحرارة، والتي تأخذ ضوء الشمس في الاعتبار، لتجنب الأمراض المتعلقة بالحرارة المسببة للوفاة.