بدأ المشهد بمشاجرة أدت إلى وفاة مهندس مصري على يد سائح إيطالى بعد تلقيه ضربة قوية أودت بحياته، وانتهى المشهد بإخلاء سبيل الأجنبي والسماح له بالسفر إلى بلاده. لم تكن تعلم فاتن عبد الغفار، زوجة المهندس طارق الحناوي، أنها ستصبح أرملة بسبب مشكلة على مبلغ يقدر ب3 يورو، وأن ابنتها ستحرم من والدها إلى الأبد، في الوقت الذي يعود فيه القاتل إلى أسرته بعد دفع 100 ألف جنيه كفالة. السيدة المكلومة تقول: "لم أتوقع أن يعود قاتل زوجي إلى بلده بكل هذه السهولة، كنت أنتظر من الدولة أن تدعمني في قضيتي، وأن تعاقب من دمر حياتي بأكملها، وكان يجب على النيابة أن تمنعه من السفر". وترى زوجة المهندس المصري أن إخلاء سبيل السائح الإيطالي كان من الأمور المفاجئة، لا سيما أن القضية كانت تسير بشكل طبيعي، لكن من الواضح أن هناك أمورا خفية وقعت في الكواليس، كانت ابنتي محقة عندما صرحت لوكيل النيابة بعبارة "عارفة إني مش هاخد حقي في بلدي". تأتي قضية المهندس المصري تزامنًا مع تحسن العلاقات المصرية مع الجانب الإيطالي، بعد قرار الحكومة الإيطالية بعودة سفيرها إلى القاهرة، والذي جاء بعد مرور عام على سحبه على خلفية مقتل الباحث "جوليو ريجيني" بالقاهرة، بعد فترة ظلت فيها جهات التحقيق في البلدين تبحث في هذه القضية. "عبد الغفار" واصلت حديثها: "كلنا عارفين إن مفيش مصري بيتنصف مع أجنبي في بلده، السائح الإيطالي جاء لمصر من أجل قضاء وقت ممتع، وكلف نفسه ماديا من أجل ذلك، لكنه وقع في مخالفة حتى لا يدفع 3 يورو، وزوجي أدى عمله على أكمل وجه، وعندما ضربه السائح منهيًا حياته، اهتمت وزارة السياحة بأسرة السائح ولم تسحب يدها من الأمر حتى عاد السائح إلى وطنه". وقد كشفت تحقيقات بشأن تلك الواقعة أن البداية كانت عندما أراد السائح دخول الفندق اعترضه أحد العمال مبلغا إياه بأن ذلك ممنوع، لأن الفندق تحت الإنشاء، وقام بإجراء اتصال تليفونى لمسئول الإنشاءات بالفندق المهندس طارق الحناوى، الذى حاول إقناع السائح بأن وصوله لمارينا بالفندق ونزول المياه ممنوع إلا أنه لم يستجب له، حيث تعدى عليه بالضرب حتى فقد حياته. فاتن تشعر باستغراب من حصول الدولة على غرامة من السائح قدرها 100 ألف جنيه، وكأنها هدية من زوجي القتيل إليها، وإحنا بنجري عشان نحصل على 500 جنيه معاش حتى نستطيع العيش، قبل أن تطلق صرخة يملؤها الوجع قائلة: "حياتنا كلها اتلخبطت، وماحدش في الدولة حاول يكلف خاطره حتى يخبرنا عن طبيعة ما يحدث". "خرجت شائعات بأني حصلت على 5 ملايين جنيه، ودفنت زوجي في مرسى علم" عبارة أطلقتها فاتن بحزن قبل أن تستمر في الحديث: "والله مفيش مسؤول أو سفارة تواصلت معنا، أعلم أن السائح لم يأت من بلده لضرب زوجي وقتله، لكنه لم يحترم قوانين بلدنا، تحدث عن أنه شعر بخوف بسبب ارتفاع صوت زوجي بمجرد علمه بأنه سيطلب شرطة السياحة ضربه وهرب". حديث الزوجة التي فقدت رفيق حياتها، كان يدور معظم الوقت حول عدم تصديقها خبر وفاته، وأنها لا تعرف بمن تستنجد، فهي لأول مرة تشعر بأنها وحيدة، لا تعرف كيف تتصرف، لكنها توقفت فجأة عن الحديث، بعد ذلك قالت: "أقول للرئيس عبد الفتاح السيسي، كان لدينا أمل كبير في أن مصر ستتغير، كنا نعيش في بلدنا ونحن لا نحصل على حقنا، وعندما وصلت إلى السلطة شعرنا بالفرحة". وتابعت رسالتها بعد تنهيدة خرجت منها: "ليه زوجي لم يعامل كمصري دمه غال مثلما فعلت إيطاليا مع مواطنها وأوقفت السياحة في مصر بسبب ريجيني؟! أريد حق ابنتي التي فقدت والدها قبل أن يفرح بها، وهي وحيدة ليس لها أحد". وكانت محكمة الغردقة الجزئية في مصر قد قررت إخلاء سبيل السائح الإيطالي إيفان باسكال مورو، المتهم بقتل مهندس مصري في مرسى علم بكفالة مالية قدرها 100 ألف جنيه. تعود الزوجة للحديث عن رفيق حياتها: "عايزين نشوف حد يحس بينا، زوجي كان مسالما بسيطا يجري على أكل عيشه، قضى حياته في قرية تحت الإنشاء بدون أمن حتى يستر أهل بيته، هو يحب بلده جدا". وتكمل: "أدعم الرئيس السيسي، وأعشق وطني، وعمري ما أعيش خارجه، لكن لا أعرف كيف أعيش فيه وأنا أشعر بالقهر نتيجة ما حدث لزوجي وعدم معاقبة الجاني، ومش عارفة أسترد نفسي منذ تلك اللحظة" وتوجه حديثها للرئيس عبد الفتاح السيسي قائلة "يا ريس بنتي كرهت كل حاجة في بلدها ولا تريد العيش فيها، كان لا بد أن يستمر الأجنبي في محبسه، خصوصًا أن التحقيقات لم تنته بعد وسنستمر في القضية". انتهى حديث فاتن بأنها تجري على معاش 500 جنيه، وتطلب أن يخبرها أحد كيف تواجه الحياة، لا سيما أن الدية التي من حقها بحكم الدِّين، فقدت الأمل فيها، فهذا ما يقوله الشرع، لا أطلب أموالا لكنه حق لابنتي.