كتب: عبدالرحمن محمود ربما كان الإجراء الفريد في تشدده الذي اتخذته الإمارات العربية المتحدة، بمنع رضيع إماراتي من مرافقة أمه "القطرية"، في طريقها إلى بلادها، مثالا قويا على "خصوصية الخلافات" التي برزت إلى السطح مؤخرا، بين أبو ظبي والدوحة، بإعلان 3 دول خليجية، قطع علاقاتها مع الجارة القطرية التي وُصفت ب"الداعمة للإرهاب". الدولة ذات الإمارات السبع، الواقعة إلى الشرق من قطر، غالت في تنفيذ قرار قطع العلاقات مع بلاد آل ثاني، بعد أن لوح النائب العام الإماراتي، حمد سيف الشامسي، بحبس المعارضين للقرار وتغريمهم. حلم الوحدة رغم ازدياد الانتقادات التي وجهت للتواجد البريطاني في المنطقة العربية، مع نهاية خمسينيات القرن العشرين، إلا أن بريطانيا ظلت مهيمنة على الخليج - باستثناء الكويت التي حصلت على استقلالها عام 1961 - حتى عام 1971. في عام 1968، أعلنت بريطانيا عن رغبتها في الانسحاب من جميع مستعمراتها شرق المتوسط في نهاية سنة 1971، فبدأت تتبلور فكرة الاتحاد في اجتماع عقد بين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، واتفقا على أن أفضل السبل أن يقوم اتحاد بينهما وأن يدعوا الإمارات الخليجية إلى هذا الاتحاد. وجهت الدعوة بالإضافة إلى الإمارات السبع إلى كل من إمارتي قطروالبحرين، لاجتماع في دبي لبحث مسألة إنشاء اتحاد بينهم، وانعقد الاجتماع ووافق الجميع على أن تشكل لجنة لدراسة الدستور المقترح. الفكرة التي قامت على تحالف واسع يضم الإمارات السبع التي تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة الحالية "دبي - أبو ظبي - عجمان - رأس الخيمة - الفجيرة - الشارقة - أم القيوين"، بالإضافة إلى "قطر - البحرين"، ما لبثت أن فشلت، وأعلنت كل من قطروالبحرين عن استقلالهما معلنتين عن سيادة كل منهما على أراضيها. انقلاب 1995 بعد أن أطاح حمد بن خليفة آل ثاني، بوالده ليصبح أمير قطر، منحت الإمارات اللجوء للأمير المخلوع خليفة بن حمد آل ثاني، في أحد الأحياء بأبوظبي. مدعوما من السعودية والإماراتوالبحرين، وبواسطة عناصر من الجيش القطري والحرس الأميري، وبعض أفراد قبيلة آل مرة، وأسرة آل ثاني، حاول الوالد المعزول، استرداد عرشه من ابنه، إلا أن المحاولة فشلت، وتوترت العلاقات بين الجارتين، واتهمت قطر، الإمارات، إلى جانب السعودية والبحرين بالتآمر ضد الدوحة. «الإخوان».. بين الدعم والملاحقة بعد الإطاحة بحكم الإخوان في مصر يوليو 2013، تحولت الدوحة إلى قبلة لعناصر الجماعة الهاربة من القاهرة، فيما وقفت أبوظبي التي كانت داعما رئيسيا للنظام السياسي في مصر، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، حينئذ، لهم بالمرصاد. ففي الوقت الذي تسعى فيه قطر إلى أن تصبح عاصمة الإخوان في العالم، حيث المقر الرئيسي والناطق الرسمي والزعيم الروحي، خاضت الإمارات حملة واسعة لتأليب دول المنطقة على التنظيم وتنسيق الحملات الأمنية ضده، على خلفية تهم تصب جميعها في تهديد الأمن والاستقرار و"التآمر من أجل إسقاط أنظمة الحكم"، وأصدرت محكمة أمن الدولة في أبوظبي عقوبات صارمة على المشتبه في انتمائهم للإخوان. تراشق اتهامات في إبريل 2014، ذكر قائد شرطة دبي السابق، ضاحي خلفان، أنه "لا ينبغي أن تكون قطر ملاذا آمنا لما يسمى بالإخوان المسلمين، وأكد أنه "ينبغي لدولة الإمارات أن تستعيد قطر". الفريق المعروف بمعاداته للتنظيم، عبر في أحيان كثيرة عن مواقف دولته من قطر التي وصفها بالعمالة باعتبارها داعما لمن يشكلون "خطرا على أمن دول الخليج العربي"، والتخطيط لقلب أنظمة الحكم فيها. على الجانب الآخر، اتهمت وسائل إعلام محسوبة على قطر، الحكومة الإماراتية باستثمار 3 ملايينن دولار، في حملة ضغط ضد قطر، كرد على دعم قطر لجماعة الإخوان. وهدفت الحملة، بحسب الرواية القطرية، إلى التأثير على الصحفيين الأمريكيين لنشر مقالات انتقادية عن تمويل قطر للجماعات الإسلامية المتشددة. الصحفي البريطاني براين ويتيكر، زعم أن الإمارات تستخدم الشبكة الدولية للحقوق والتنمية، وهي منظمة غير حكومية تربطها بها علاقات، كأداة سياسية، مشيرا إلى أن المنظمة في مؤشرها لحقوق الإنسان عام 2014، وضعت الإمارات المركز ال14، بينما جاءت قطر في المرتبة ال97، ما يمثل انحيازا واضحا من الشبكة لأبوظبي ضد الدوحة. كما اتخذت المنظمة، بحسب ويتيكر، موقفا معارضا إزاء استضافة قطر كأس العالم2022 بشأن الشواغل المتعلقة بحقوق الإنسان، فيما ألقت السلطات القطرية القبض على اثنين من موظفي المنظمة في 2014، بينما كانا يحققان في مستويات معيشة العمال الأجانب في الدوحة. التصعيد الأول في مارس 2014، قررت الإمارات العربية المتحدة، بجانب السعودية والبحرين، سحب سفرائها من دولة قطر بسبب "عدم التزامها بالاتفاق الذي وقّع في الرياض، إضافة إلى عدم التزام الدوحة بالنظام الأساسي لمجلس التعاون والاتفاقات الأمنية الموقّعة بين دوله، والتي تقضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد". ذروة الخلاف بلغ الخلاف القطري الخليجي ذروته، قبل أيام، بإعلان السعودية والإماراتوالبحرين، ودول أخرى، قطع العلاقات مع قطر، على خلفية اتهامات للدوحة بدعم الجماعات الإرهابية. زادت الإمارات على القرار الخليجي المشترك، أن جعلت عقوبة "التعاطف أو الميل أو المحاباة تجاه الدوحة أو الاعتراض على موقف الإمارات وما اتخذته من إجراءات صارمة وحازمة مع حكومة قطر، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي بتغريدات أو مشاركات أو بأي وسيلة أخرى"، السجن 15 عاما، والغرامة التي لا تقل عن نصف مليون درهم.