نظم عشرات الموظفين لدى السلطة الفلسطينية في قطاع غزة اليوم الخميس وقفة غاضبة، استنكارًا لإقدام حكومة التوافق الوطني في رام الله على خصم 30% من رواتبهم، واحتشد الموظفون في ساحة الجندي المجهول بمدينة غزة، وسط صرخات غاضبة تنادي باسترداد حقوقهم أسوة بزملائهم في الضفة المحتلة، أو أن يشمل الخصم جميع الموظفين دون تمييز بينهم. و بررت حكومة رام الله قرارها، بأن الإجراء يطال العلاوات فقط وجزءًا من علاوة طبيعة العمل دون المساس بالراتب الأساسي"، مضيفة أن هذا الإجراء مؤقت، والسبب هو تراجع وتقليص مستوى الدعم الخارجي من المجتمع الدولي". 70 ألف موظف يعيشون بغزة يأتي هذا في الوقت الذي يعيش فيه 70 ألف موظف تابعين للسلطة في غزة، والذين وجدوا أنفسهم في حالة بطالة بعد سيطرة حماس على القطاع وطرد السلطة منها عام 2007، حيث تستمر رام الله في دفع رواتب الموظفين رغم عدم قيامهم بأي عمل في حين قامت حماس بتوظيف قرابة 50 ألف موظف مدني وأمني في القطاع، وتقدر نسبة البطالة في غزة بين الأعلى في العالم بنسبة 45%. وقال مهنا شبات أحد موظفي السلطة: إن "الموظفين جاؤوا اليوم للتعبير عن سخطهم من قرار حكومة التوافق بالتمييز بين الموظفين وخصم رواتب موظفي غزة دون أي حق". وأضاف في تصريحات لوكالة صفا الفلسطينية "نحن حريصون على وحدة الوطن وأن يكون شعبنا موحدًا، ونرفض قرار التمييز من رئيس الوزراء رامي الحمد الله بحقنا، ولن نسمح أن يمرر هذا القرار التمييزي ضدنا؛ إلا على جثثنا". من جانبه صرح جودت أبو رمضان، ويعمل بمؤسسة "فلسطين المستقبل" للشلل الدماغي التابعة للسلطة في غزة، أنه تم تخفيض راتبه من 4700 إلى 1700 شيكل"، لافتًا إلى أنه يعيل أسرة من 3 أفراد، ولم يتلق من راتبه سوى ألف شيكل حتى نهاية الشهر". وأضاف "أبو رمضان" أن الكل يعلم أن العمود الفقري للاقتصاد في غزة قائم بالأساس على رواتب موظفي سلطة رام الله". موظفة: مجزرة مع سبق الإصرار بدورها قالت الموظفة عائشة أبو مغيصب: إن "ما يحدث هو مجزرة مع سبق الإصرار والترصد"، لافتة إلى أنها أرملة وأم لطفلين ولم يتبق من راتبي وراتب زوجي الشهيد إلا 200 شيكل فقط ". ونددت حركة حماس في بيان لها بالقرار، واصفة إياه بأنه "تعسفي وغير إنساني ويهدف لتشديد الحصار على قطاع غزة". في السياق نفسه، دعا تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رام الله إلى التراجع فورًا عن قرارها غير المدروس بشأن الخصومات التي طالت رواتب موظفي السلطة الفلسطينية بالقطاع، وفقًا لما نقلته عنه شبكة فلسطين الإخبارية. وأكد "خالد" رفضه للقرار باعتباره يفتقر لأي أساس قانوني، ويحمل في ثناياه تداعيات ومخاطر سياسية واجتماعية تسهم في مزيد من الإفقار لتلك القاعدة الاجتماعية المحرومة أصلًا من العلاوات والترقيات والإضافات والتسويات، والتي تضررت بشكل كبير من حالة الانقسام، التي ترتبت على الانقلاب الذي قادته حركة المقاومة الإسلامية "حماس" قبل نحو عشر سنوات. خبراء: الهدف هو إرباك المشهد ويرى الخبير السياسي الفلسطيني رفيق عوض - أن حكومة رام الله هدفت من خصم رواتب موظفيها بقطاع غزة إلى إرباك المشهد العام في القطاع، وتضييق الخناق لدفع حماس نحو القبول بإملاءات السلطة". واعتبر "عوض في تصريحات لصحيفة فلسطين، أن الخطوة تمثل عقابًا جماعيًا للموظفين وعائلاتهم، ومسيئة للسلطة وحكومتها وحركة فتح"، داعيًا الحكومة إلى تقديم تفسير لمسألة الاستقطاعات على وجه السرعة خشية حدوث ردود فعل. وربط المحلل السياسي تيسير محيسن قرار الاستقطاعات بتصريح سابق لرئيس السلطة محمود عباس مؤخرًا، هدد فيه برد مناسب تجاه تشكيل لجنة إدارية بغزة، معتبرًا أن الخصومات تهدف إلى زعزعة الاستقرار وخلط الأوراق في القطاع، لخلق حالة من البلبلة عند الناس". وقال: "لا أستبعد أن تهدف السلطة من الخطوة إلى الدفع بموظفيها للشوارع بمسيرات مناهضة لإحداث حالة من البلبلة في غزة"، مضيفًا أن القرار المفاجئ من شأنه أن يؤثر في حياة أسر الموظفين خاصة، والغالبية العظمى منهم مرتبطون بقروض بنكية وديون، علاوة على الظروف المعيشية في القطاع". نقيب موظفي السلطة: إعدام بطئ من جامبه صرح عارف أبو جراد نقيب موظفي السلطة بغزة، أن الخصومات المالية للموظفين تراوحت بين 30 إلى 50% من الراتب، واصفًا هذه الإجراءات ب"المجزرة والإعدام البطئ". وكشف أبو جراد في حوار خاص بموقع "الرسالة" الفلسطيني عن سلسلة إجراءات ستقوم بها النقابة ابتداء من السبت المقبل، وفي مقدمتها تنظيم خيمة اعتصام مفتوحة في الجندي المجهول، والخوض في إضراب مفتوح عن الطعام. وذكر أبو جراد أن ما جرى يمثل مجزرة حقيقية، واستكمالًا لمسلسل الجرائم ضد الموظف في غزة، موضحًا أن عددًا من الجرائم ارتكب بحق الموظف وفي مقدمتها قطع الرواتب بدون وجه حق عن عدد كبير من الموظفين، ووقف التعيينات والعلاوات في غزة، مشيرًا إلى أن عملية الخصم لم تستثني أحدًا من الوزارات أو أي من المستويات الوزارية المختلفة.