صباح الفل، أتمنى لحضرتك يوما جميلا فتمنيه لنا جميعا كذلك، اليوم نحاول أنا والشباب اللي زي أولاد حضرتك أن نؤكد نجاح المهمة التي أدوها بنجاح خلال ثورة يناير، ابن حضرتك المفعوص اللي بتبعتيه يجيب العيش ويغير الأنبوبة ويطبق الغسيل استطاع أن يسقط نظام مبارك، ابن حضرتك الذي تمصمصين له شفايفك في الرايحة والجاية مع الكثير من «آدي اللي أنت فالح فيه»، و«ابقى قابلني لو فلحت» أحب أقول لحضرتك إنه فلح بالفعل، وأصبح يلهم العالم كله، وأصبحت مصر كلها مدينة له بتعظيم سلام. كل ما نحتاجه اليوم هو أن نسمح لهؤلاء الشباب بأن يذكروا قادة البلد بالثورة وبدماء أصدقائهم الشهداء وبالمستقبل الذي نحلم به، كل ما نحتاجه اليوم هو «الكترة» المقترنة بالشجاعة، التي ستسمح لنا بأن نضع نقاط الأيام المقبلة فوق الحروف، لقد شارك واحد من أبناء حضرتك على الأقل في هذا الإنجاز فدعيه يساعدنا على استكماله حتى لا يغرق في بحور اليأس والإحباط، لا تمنعيه (أو تمنعيها) من النزول اليوم لأن غيابه يعني أننا في وضع أسوأ من الوضع الذي كنا فيه أيام مبارك. مش حضراتكم طول الوقت بتقولوا نفسنا أولادنا يطلعوا أحسن مننا؟ لقد جاءت الفرصة على طبق من ذهب، لقد ظللتي حضرتك ومعاكي الأب الفاضل المحترم تعيشان على هامش الحياة وتسيران جوه الحيطة مش جنبها إلى أن ضعف المجتمع كله، وأصبح فريسة سهلة لعصابة من الفاسدين، لماذا تحرمين (ابنك أو بنتك) من أن يكون أفضل منكما ويصنعان المستقبل الذي سيجعلنا جميعا نسير في شوارع مفتوحة من دون حوائط نختبئ في ظلها ونحن مكرهين؟ خايفه عليهم من إيه؟ طب ده حتى حضرتك ست مؤمنة وبتأدي فريضة ربنا بانتظام، وأنتي اللي علمتيهم الصلاة أصلا وعارفة إنه «لا يغني حذر عن قدر»، مش ممكن ابنك (لا قدر الله وبعد ألف شر) تمنعينه من الذهاب إلى التحرير وأثناء رجوعه من صلاة الجمعة يتخانق مع ابن صاحب العمارة على مكان ركن العربية ويغزه؟ مش ممكن بنت حضرتك (لا قدر الله وبعد ألف شر) تحبسيها هذا اليوم في البيت، وعندما تطلبي منها أن (تقوم تعمل الرز علشان الغدا) يقوم البوتاجاز يهب في وشها وتفضلي طول عمرك تقولي يا ريتني سبتها تنزل؟ نزول ابنك إلى التحرير اليوم لا يقل شرفاً عن أداء واجب التجنيد، الفرق إنه إذا تخلف عن التجنيد سيتعرض للحبس، بينما إذا تخلف عن التحرير سنتعرض جميعا شبابا وآباء وأمهات إلى الحبس الجماعي من جديد. هل تخافين من الشائعات التي تحذر من البلطجية والسيوف والكلام الفاضي ده، أحب أقول لحضرتك: إن شعارنا اليوم «سلمية.. سلمية» وإن «الكترة» تهزم البلطجة، وتردع كل من يحاول أن يمس أحد الموجودين بسوء، نحن قادرون على حماية أنفسنا وفعلناها من قبل عدة مرات، وفقط عندما تغيب الكثرة قد يستفرد البلطجية بالأعداد القليلة، أي أن سلامتنا جميعا في نزول ابنك وسلامة ابنك في إننا كلنا موجودون في هذا اليوم. أرجوكي لا تكوني أما من الفلول، وأتعهد لحضرتك إننا مش هنتشاقى، سنهتف ونرفع لافتات ونتحاور ونتناقش وربما نغني ونشرب الشاي على جنب، هو يعني ابن حضرتك مش هيعرف يعمل أي فيلم ويروح من وراكي وييجي بعدها يعتذرلك وأنتي هتسامحيه؟ طب ما تخليها تيجي منك وخليها بجميلة بالمرة! إذا منعتيه هيفضل شايلهالك طول العمر، وسيأتي وقت الفخر الجماعي عندما يحكي كل واحد كيف قضى اليوم في التحرير وكيف لعب دورا في صحوة هذا الوطن، بينما ابنك واخد جنب في القعدة مكسورا، مقهورا، مكسوفا.. سيسألونه ما لك؟ فيقول: أصل ماما ما رضيتش تخليني أنزل في اليوم ده، وقتها ستكونين سببا في هزيمة شخصية ستظل تكبر بينه وبين نفسه حتى تقهره. أرجو حضرتك أن تحرميه من الإحساس اللي عشتي به طول عمرك، إحساس (إن البلد دي مش بتاعتنا)، دعيه ينزل التحرير بتحريض منك، وسيظل يتباهى بك طول العمر، خشي حضرتك صحيه زي ما كنتي بتعملي أيام المدرسة وامسحي بكرامته الأرض (أنت لسه نايم والناس كلها في التحرير؟)، وأعد حضرتك أنه «مفيش بيات»، للاعتصام ناسه الذين سينوبون عنا، ولسنا مطالبين جميعا بأن نعتصم، وأتفق مع حضرتك إن ابنتك ما ينفعش تنزل لوحدها ولا بد أن تكون مع مجموعة من صديقاتها على الأقل، الفكرة بس إن حضرتك ما تقطميش، وكل شيء قابل للنقاش والاتفاق وما حدش هيعمل حاجة من غير رضاكي، لأن اللي ما لوش خير في أهله أصلا ما لوش خير في بلده. ستسألينني حضرتك: ولماذا لم أوجه هذه الرسالة إلى الأب؟ وده برده سؤال؟ حضرتك وكل الأمهات أصل الأشياء في بيوتنا جميعا، وما الآباء إلا رجالة بتحاول تاكل عيش في كنفكن. تقبلي احترامي، وتحيا مصر.