تساؤلات طُرحت اليوم مع إعلان السعودية توقيع ملكها سلمان بن عبد العزيز عشر اتفاقات مع إندونسيا لمحاربة تنظيم الدولة "داعش"، لكن برصد ما حدث لهذا البلد الآسيوي وشهده من مآسي بسبب التنظيم، يتضح وقتها سعيها للتحالف مع الرياض. وكان عبد الله الشعيبي سفير السعودية لدى إندونيسيا أعلن اليوم أنَّه من المنتظر أن يوقع الملك سلمان بن عبد العزيز عشر اتفاقات خلال زيارته لكراتشي مع التركيز على محاربة تنظيم "الدولة"، لافتًا إلى أنَّ هناك الكثير من مذكرات التفاهم التي سيتم التوقيع عليها والأولوية لمحاربة الإرهاب، وأنَّ السعودية تسعى للتعاون من أجل هزيمة التنظيم. في نوفمبر الماضي، أعلنت الشرطة الإندونيسية توقيف ثلاثة أشخاص يشتبه في ارتباطهم بتنظيم "الدولة" كانوا يخططون لاعتداء على السفارة البورمية في جاكرتا، موضحة أنَّ جميع الموقوفين أعضاء في خلية موالية للتنظيم، وجمعوا موادًا متفجرة كافية لصنع عبوات ناسفة، أقوى من تلك التي اُستُخدمت في اعتداءات سابقة في بالي خلال العام 2002، وأسفرت عن مقتل 202 شخص. وفي يناير 2016، شهد وسط العاصمة الإندونيسية جاكرتا انفجارات، وتبنى تنظيم "الدولة" لاحقًا المسؤولية عن سبعة انفجارات قوية، ستة منها متزامنة، هزَّت وسط العاصمة الإندونيسية جاكرتا، أحدها قرب مكتب الأممالمتحدة، وقال وزير الأمن العام وقتها إنَّ خمسة متشددين بينهم أجنبي، قتلوا في هجوم بقنبلة وإطلاق نار، كما قتل مدنيان بالهجومين. وذكر الوزير لوهوت بانجايتان: "كل شيء تحت السيطرة الآن.. نتمنى أن يحتفظ الناس بهدوئهم، ويتوخون الحذر من أي تهديدات محتملة.. أحداث مماثلة وقعت في باريس ومومباي ونيويورك، ويمكن أن تحدث هنا أيضًا". ويبلغ عدد الإندونيسيين المتطرفين في سوريا والعراق، وفق تقدير مركز تحليل السياسات والنزاعات، حوالي 250 شخصًا، إلا أنَّ بعض التقارير الصحفية تقول إنَّ العدد تضاعف إلى 500 إندونيسي خلال عام 2015، وظهرت عدة مقاطع فيديو على الإنترنت لمقاتلين إندونيسيين في سوريا وأخرى في إندونيسيا خلال عام 2015 تهدد بالقيام بهجمات في إندونيسيا. وفي أغسطس 2014، كانت تقارير إعلامية إندونيسية قد حذرت من احتمال انتقال تنظيم "الدولة" إلى البلاد وقدرته على تشكيل خطر حقيقي على أمنها واستقرارها، لافتةً إلى أنَّه ليس هناك معلومات عن الشخص الذي يقود داعش في إندونيسيا. وبعد أسابيع من تقارير أفادت بأنَّ تنظيم "الدولة" حصلت على بعض التأييد في المجتمع الإندونيسي، عقد الرئيس سوسيلو بامبانج يودويونو اجتماعات وزارية محدودة حول القضية، وقاد ذلك في النهاية إلى إعلان منع التنظيم في البلاد. إندونيسيا وماليزيا والفلبين.. ثالوث مهدد بورم داعش يسعى تنظيم "الدولة" إلى تغيير شكل وجوده ليتوافق مع طبيعة المرحلة التي قد يشهد نهايته فيها، وقد لاحظ خبراء أنَّ إعادة الانتشار يمكن أن تكون في شكل شبكات مستقلة عن بعضها البعض فيما يوصف بتحرير المبادرة، كما يمكن أن يكون الشكل المنتظر إعادة تجمع في مركز جديد قد يكون جنوب شرق آسيا. وحذَّر خبراء من وصول تنظيم "الدولة" إلى بلاد آسيوية كإندونسيا، وقال بيلفير سينج بروفسور في العلوم السياسية بسنغافورة: "كلما تعرَّض داعش للمزيد من الحصار في منطقة الشرق الأوسط زادت دوافعه لضرب أهداف خارج هذه المنطقة، هذا التطور يمكن أن يؤدي في منطقة جنوب شرقي آسيا إلى شن هجمات من جانب مقاتلي داعش العائدين إلى دولهم، وكذلك من جانب مؤيديهم، بما فيهم الجهاديون من خارج جنوب شرقي آسيا مثل العرب وقومية الإيغور". بدوره، حذَّر أيوب خان بيتشاي رئيس وحدة مكافحة الإرهاب بماليزيا من أنَّه تمَّ احتجاز 213 مواطنًا وأجنبيًّا من المؤيدين لتنظيم "الدولة" في إطار حملة الإجراءات الصارمة ضد المتطرفين منذ عام 2013. وقال فيرجوس هانسون الباحث بمعهد بروكنجز الأمريكي: "على الرغم من أنَّه لا يوجد إلا بضع مئات من المواطنين في دول جنوب شرقي آسيا وأستراليا يقاتلون في صفوف داعش، فإنَّ التجربة الجارية في إندونيسيا بينت أنَّه يمكن لمجموعة صغيرة العدد من المسلحين السابقين المدربين والذين لديهم إرادة القيام بعمليات إرهابية، أن تخلف دمارًا واسعًا".