شهدت محكمة جنايات شمال القاهرة، برئاسة المستشار محمد عبد الله خلف الله، مفاجأة من العيار الثقيل، بقضية إعادة محاكمة المهندس سامح فهمي وزير البترول الأسبق، و5 متهمين آخرين من قيادات قطاع البترول، باتهامات إهدار المال العام، فى صفقة تصدير الغاز المصرى، حيث تسلمت النيابة تقرير لجنة الخبراء بفحص موضوع الدعوى، وتبين أنه برأ الوزير الأسبق ورفاقه من تهمة إهدار المال العام، وأكد أن سعر تصدير الغاز للكيان الإسرائيلى كان يتماشى مع السعر الحقيقى. عقدت الجلسة تمام الساعة الثانية عشر ظهرا، داخل غرفة المداولة، وحضرها سامح فهمى المتهم الأول يرتدى بدلة سوداء اللون، ومعه باقى المتهمين المخلى سبيلهم جميعا، وحشد من المحامين للدفاع عنهم، وتبين انتهاء لجنة الخبراء المكلفة من المحكمة بفحص ملف تصدير الغاز، من القيام بعملها، وتقديم تقريرها الذى انتهى إلى مفاجأة من العيار الثقيل، بأن سعر بيع الغاز المصرى إلى إسرائيل كان يتماشى مع السعر الحقيقى، دون إهدار للمال العام وتربيح للغير. وأبدى ممثل النيابة العامة اتعراضه على التقرير المقدم من لجنة الخبراء الأخيرة، وطالب بتشكيل لجنة جديدة ثالثة من خمسة أساتة بالجامعات المصرية المختصة، على أن يكون من بينهم رئيس قسم التعدين بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، ورئيس قسم الاقتصاد بكلية العلوم السياسية بذات الجامعة، لأن التقرير الأخير لم يوضح الأسس التى تم اعتمادها لإقرار المعادلة التى تحدد سعر تصدير الغاز المصرى، كما أن التقرير لم يجرى مقارنة بين سعر الغاز المصرى والسعر السائد عالمياً، ولا يوضح أسس وضع أسعار الغاز فى الدول الأخرى، ولم يوضح التقرير كذلك مبرر وضع حد أقصى لسعر توريد الغاز، كما أن اللجنة لم تجرى مقارنة بين سعر تصدير الغاز إلى إسرائيل فى العقد محل الدعوى، وبين سعر البيع فى العقود المماثلة لسوريا والأردن، وأكد ممثل النيابة على فساد الأسس التى اعتمدتها اللجنة لتعريف الثمن الحقيقى للغاز الذى كان ينبغى أن يغطى تكلفة الانتاج ويوفر ربح ملائم، كما أن اللجنة لم تحدد نسبة الربح للشريك الأجنبى، بما أخل بمصلحة المال العام المصرى. وشهد طلب النيابة العامة، موجة اعتراض من جميع المحامين الحاضرين مع المتهمين، حيث طلب الدكتور عبد الرؤوف المهدى المحامى من النيابة العامة أن تقدم مذكرة مكتوبة بمبررات طلبها حتى يتم الرد على هذا الطلب رسميا، واعترض الدكتور مدحت سالم المحامى على طلب النيابة، مشيدا بالتقرير المودع من اللجنة، قائلا أنه اشتمل على كافة الأسس الفنية والعالمية التى انتهى من خلالها إلى أن «سعر بيع الغاز المصرى يتماشى مع الأسعار العالمية». وقال المحامى، أن التقرير فرد نماذج عقود تصدير غاز مماثلة أعدتها الهيئة العامة للبترول، فى 42 صحيفة بما لا يحتمل معه أى فرصة للتشكيك فى التقرير، أو مبرر لتشكيل لجنة ثالثة، واستنكر الدفاع طلب النيابة، قائلاً «إن سيف الاتهام مسلط على رقاب موكليه منذ 3 سنوات»، فى حين أن عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قالت بنفسها أمام المحكمة أنها لو كانت اطلعت على جميع الأوراق والمستندات التى عرضت على المحكمة لكانت غيرت وجه ما انتهت إليه فى التقرير الأول، واختتم الدفاع حديثه قائلا «أن طلب النيابة الجديد مضيعة للوقت»، وأنه كان بأمكانها طلب حضور الخبراء للشهادة لمناقشتهم، أو تقديم ردور علمية من اللجنة الأولى المطعون عليها فيما تضمنه التقرير الجديد. وطلبت الدكتورة آمال عثمان المحامية، ضم شهادة كل من اللواء الراحل عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات الأسبق، ومراد موافى رئيس الجهاز السابق، ومحمد فرد التهامى رئيس جهاز المخابرات الحالى، وكذلك ضم أقوال شريف اسماعيل وزير البترول الحالى، فى قضية القرن المتهم فيها مبارك رقم 3642 لسنة 2011 جنايات قصر النيل، لتعلقها بموضوع الدعوى، وقررت المحكمة رفع الجلسة لإصدار قرارها. وقد تولت اللجنة التى طعنت النيابة على تقريرها، تنفيذ أوامر المحكمة فى الجلسات السابقة، بيان ما تم توريده بالفعل من الغاز وفقا لاتفاقية بيع وتصدير الغاز بين شركة شرق البحر الأبيض المتوسط وشركة كهرباء إسرائيل، والشركة المصرية العامة للبترول, وفقا للاتفاقية المؤرخة يوم 13 يونيو 2005, والتعديلات التى ألحقت بها يوم 31 مايو 2009، ومذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومة المصرية ودولة إسرائيل, بتاريخ 30 يونيو 2005 ، وبيان ما يستحق توريده مستقبلا تنفيذا لتلك الاتفاقية وبيان الثمن الحقيقى وبناء على أى أسس علمية، وبيان إذا كان ثمن الغاز الوارد بتلك الاتفاقية أقل من الثمن الحقيقى، وفى الحالة الأخيرة بيان الفرق بين الثمن الحقيقى. وكذلك تحديد السعر الوارد بالاتفاقية، وبيان إذا كان قد لحق ضرر بالمال العام وكيفية ذلك، وبيان ما عاد من ذلك على المتهم السابع «حسين سالم» من ربح أو صفقة لاتفاقات تمت بعيدة عن الحيدة ومشوبة بعين الانحراف أو إساءة استعمال السلطة وابتغاء غرض آخر عما أعطت له السلطة، وتحديد دور كل من المتهمين فيما تقدم تحديدا وأساس ذلك إن وجد، وصرحت المحكمة للجنة بأداء دورها والانتقال لأية جهة حكومية أو غير حكومية ترى أنه من الضرورى الاطلاع على ما لديها من مستندات. وتأتي إعادة محاكمة سامح فهمي في ضوء الحكم الصادر من محكمة النقض أواخر شهر مارس الماضي، والتي قضت بنقض «إلغاء» الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة والتي كانت قد أدانت جميع المتهمين في القضية بعقوبات مشددة تراوحت ما بين السجن المشدد 15 عاما وحتى 3 سنوات، حيث ألغت محكمة النقض كافة الأحكام الصادرة بالإدانة وأمرت بإعادة جميع المتهمين في القضية أمام محكمة الجنايات.