عصام الأمير تعاقد مع من لا يستحقّ واتّهم الأهلى بالعمل ضدّ مصلحة الوطن! لا البوندسليجا ولا البريميرليج ولا الكالتشيو ولا الليجا يعرفون اختراع اتحاد الكرة المصرى! فعلًا الأهلى «نادى يغيظ»، كل شىء يكاد يكون متوقفًا أو معطَّلًا أو متراجعًا، إلا هذا النادى الغريب، يتقدم ويحقّق بطولتين قاريتين فى عامين من أعوام مصر العجاف، كما لو أنه ليس من مصر المضطربة المرتبكة التى تحاول جماعة الإخوان وحلفاؤها إفساد مستقبلها وقطع الطريق عليها فلا تصل إلى شاطئ الاستقرار والنهوض من غفوة التخلف التى طالت بها. ولا يعنى هذا أن النادى الأهلى على رأسه ريشة أو نضع له تاجًا فوق القانون، فقط علينا أن نحترمه ونقدره حسب مكانته وتاريخه ودوره وحجم مشجعيه وأعضائه، وقد تعجبت كل العجب من تصريحات أطلقها الأستاذ عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون نصح فيها الأهلى ب«أن يعمل لمصلحة الوطن وعدم الالتفاف للمصالح الفردية»! وكل هذا لأن الأهلى اعترض على عقد اتحاد الكرة مع التليفزيون المصرى لبث مباريات الدورى مقابل 70 مليون جنيه، ينال الأهلى منها حصة لا تُرضِيه، وأراد أن يسوِّق مبارياته منفردًا وبمعرفته. لم يشرح لنا عصام الأمير كيف يكون تسويق الأهلى لمبارياته ضد مصلحة الوطن، فهل كان سيسوِّقها لقنوات معادية مثل «الجزيرة»؟ هل كان سيبيعها فى بلاد الأعداء؟! هل كان سيقبض قيمة تسويق هذه المباريات بالدولار ويهرِّبها إلى الخارج؟! لم يفسر لنا تصريحاته وترك كل فئران الدنيا تلعب فى عبّنا: الأهلى يعمل ضد مصلحة الوطن! وزاد الطين بلة وغموضًا فى نصيحته: «وعدم الالتفاف للمصالح الفردية»! هل يقصد أن الأهلى يعمل لمصلحته الفردية على حساب مصالح اتحاد الكرة ومصالح الأندية الأخرى؟! أم أن مجلس إدارة النادى الأهلى سوف يسوق هذه المباريات ويضع فلوسها فى جيبه و يعلن الفرار مثل ناهبى البنوك فى عصر حسنى مبارك؟! لم يحاول عصام الأمير أن يشرح لنا، ويبدو أنه لم يحاول أيضًا أن يشرح لنفسه معنى ما يقول، وإلا امتنع عنه، فمثلًا هو قال إن «اتحاد الإذاعة والتليفزيون يتعاقد مع كيانات كبيرة مثل اتحاد الكرة ولا يتعاقد مع أندية»! وهو قول يشى بأن ثقافة الأستاذ عصام بها عوار فى هذا المجال، وكان عليه أن يستشير خبراء حقيقيين لا مُدَّعين، لأن الوسط مكتظّ فعلًا بالمدّعين إلى حد التخمة، وهم أشبه بجنرالات المقاهى، الكل يتحدث فى ما لا يفهم أو لا يعلم. صحيح أن النادى الأهلى يتبع فى نشاط كرة القدم اتحاد الكرة، وعليه أن يلتزم باللوائح التى يضعها ويخضع للنظم التى يسنّها، لكن قطعا النادى الأهلى أكبر كثيرًا من اتحاد الكرة، إلى الدرجة التى لا يجوز معها المقارنة بينهما، والمدهش أنه لا حقّ لاتحاد الكرة فى بيع مباريات الدورى؛ هو منظِّم البطولة والمشرف عليها والمدير لأنشطة كرة القدم عمومًا، لكنه ليس صاحب تسويق البطولة، الأندية المشاركة فيها هى صاحب التسويق، كما هو فى كل دوريات الدنيا، فاتحاد كرة القدم الألمانى لا يسوِّق مباريات البوندسليجا، ولا اتحاد كرة القدم الإنجليزى يسوِّق البريميرليج، ولا الإسبانى يبيع الليجا، ولا الإيطالى يتعاقد على الكالتشيو، وإنما أندية هذه الدوريات هى صاحبة الحق وتشكّل لجنة منها لهذا الغرض، وتمنح الاتحاد نسبة من الحصيلة، وتوزع على كل فريق حصته حسب مكانته وجماهيره وسمعته لا بالتساوى كما يطالب بعض الأندية فى مصر، لأن قيمة الأندية تتفاوت كعقود اللاعبين تمامًا، فسعر ميسى فى برشلونة غير سعر تشابى، وسعر فرانك لامبارد فى تشيلسى غير سعر فرناندو توريس، وهو نفس الحال مع الأندية، فما يأخذه مانشستر يونايتد غير ما يناله كريستال سيتى من إذاعة المباريات. ويمكن لاتحاد الكرة المصرى أن يسجِّل براءة اختراع بأنه صاحب الدورى والمُسوِّق الوحيد لمبارياته ويبيع الفكرة فى العالم أجمع. ويحقّ للأهلى بجماهيره وشعبيته أن يحصل على أكبر دخل ممكن من بثّ مبارياته تليفزيونيًّا، وهو أمر لا يخصّ عصام الأمير ولا اتحاد الكرة، ولو استشار عصام الأمير وكالات الإعلانات والوكلاء المهتمِّين بكرة القدم، لقالوا له إن الأهلى هو الدجاجة التى تبيض ذهبًا. وقد حدث أن قضيتُ فى مجلة «الأهرام الرياضى» عامين مع الموهوب الجميل إبراهيم حجازى، وكنا نُصدِر عددًا خاصًّا للأهلى فى حالة فوزه ببطولة من البطولات، فكان حجز الإعلانات بالكوم، إلى الدرجة التى كانت إدارة الإعلانات فيها تفاضل بينها وتفرض أسعارًا خاصة، لماذا؟ لأن موزعى الجرائد كانوا يحجزون الأعداد قبل طبعها ويطلبون زيادة كميات الطبع، وكنا أحيانا نعيد الطبع مرات بعد صدور العدد! ولم يكن يحدث هذا مع أى نادٍ آخَر مع كامل احترامنا للجميع. صحيح أن الزمالك وهو رمانة الميزان الثانية فى الرياضة المصرية، وله جماهير عريضة فى كل محافظات مصر، لكن لم يحدث أن زاد طلب الإعلانات الخاصة به عند فوزه بالبطولات على ما هو معتاد إلا قليلًا، أو رفعنا سعر الإعلانات على قيمتها العادية. إذن الأهلى من حقه أن يطالب بما يعادل قيمته وشعبيته، وهذه لها مقاييس فى السوق تعرفها وكالات متخصصة وتعمل فى المجال، لا بقرار فوقىّ تعسُّفىّ، وإذا رفضه الأهلى فيخرج علينا من يتهمه بأنه يعمل ضد مصلحة الوطن ولمصلحته الفردية. وإذا كان إنفاق الأهلى على نشاطه الرياضى يفوق أغلب الأندية المصرية منفردة وربما مجتمعة، فمن أين يموِّل هذا الإنفاق؟! كان يمكن لعصام الأمير أن يقول مثلا إن وضع الدولة المصرية الأن لا يسمح بأن يدع الأهلى يسوِّق مبارياته، مع أن هذا حقه، ونريد من الأهلى فى هذه الظروف الصعبة أن يتفهم طبيعة الوضع، لا أن يهين هذه المؤسسة الوطنية العريقة. وعموما منذ فترة ليست قصيرة وفضائيات معينة ومذيعون معروفون بالاسم والتوجه وشخصيات رياضية لأسباب كثيرة أغلبها شخصىّ بحت تحاول « شيطنة» الأهلى، ليبدو مثل الابن العاقّ لمصر، أو الحصان الشارد فى البرّيّة، أو مصاص الدماء المفترى على الآخرين، وقد حدث هذا مع قانون الرياضة وقصر عضوية مجالس الإدارات على ثمانى سنوات فقط، ومع تسويق مباريات الدورى أو فى تنظيم كأس مصر السابق. هل يمكن أن تسألوا أنفسكم: لماذا الأهلى هو الأكثر استقرارًا وإنجازًا؟ وإذا كان هذا حاله لأكثر من مئة عام فلماذا يغيِّر منظومة إدارته؟! ماذا تستفيدون من شيطنة الأهلى ومحاولة بث الكراهية ضده بين جماهير الأندية الأخرى حتى وصلت الأمور بينها وبين جماهير الأهلى إلى حد الحرب الأهلية وسقوط عشرات القتلى؟! أليست محاولات شيطنة الأهلى طوال السنوات الماضية سببًا رئيسيًّا فى زيادة التعصب عند جماهيره المعروفة باسم الأولتراس وتطرُّفها، فخرجت تدافع عنه بمنتهى «الغشومية» والاستفزاز والعنف؟! اهدؤوا قليلا يرحمكم الله، فما تفعلونه خطير جدا!