التحرشات اللفظية أكثر تكرارًا من الجسدية.. و«مُز» و«برنس» أكثر الألفاظ شيوعًا 40% من النساء اللاتى يخرجن إلى الشارع يتعرضن للتحرش كم مرة انتفضت عروق النخوة والجدعنة فيكَ أو فيكِ عند رؤية حادث تحرش فى الشارع؟ لا شك فى أن الإجابة هى: «انتفضت كثيرًا»، ولكن «ما العمل؟». التحرش هو الجريمة الكبرى التى انتشرت فى المجتمع مؤخرًا، ولا تزال الحلول لعلاجه غائبة، على الرغم من كثرة المبادرات الشبابية والشعبية لمكافحته. أرقام التحرش مرعبة، كما ذكرت دراسة للمركز القومى للبحوث، وصلت إلى حد أن 40% من النساء اللاتى يخرجن إلى الشارع فى مصر يوميًّا يتعرضن للتحرش، كما أن 21% من الشباب يرون أن التحرش نتيجة طبيعية لظروف الحياة الصعبة، التى تحول دون زواجهم، فيما اعتبرت 68% من الفتيات أن البنت التى ترتدى ملابس ضيقة تستحق التحرش. كل هذا عن تحرش الولد بالبنت، أو الرجل بالمرأة، أو قل ما شئت فى توصيف الجنسين، ولكن ماذا عن الضفة الأخرى، أو تحرش البنت بالولد، أو بلغة الصحفيين «ماذا عن عض الولد للكلب، وليس العكس؟». «حد قال لك إنك مُز آخر تلات أربع حاجات»، «هو أنت اللى بيقولوا عليه ماجبتهوش ولَّادة»، «إنت مرتبط؟»، «وحياة أمى أنا بعاكس»، عزيزى القارئ، أرجوك امسك أعصابك، لا تندهش ولا تتعجب، فالجُمَل السابقة ليست كلماتى، بل هى نماذج من معاكسات البنات للشباب، وليس العكس. «التحرير» رصدت بعض وقائع تحرش البنات بالشباب، وأتت بها إليك عزيزى القارئ كوجبة «غريبة» و«جريئة»، وبالهنا والشفا «بِجملة الفضايح»! مثلما تجد الفتاة حرجًا من الحديث عن التحرشات، وتتحدث عن المعاكسات بخجل، يحدث نفس الأمر مع بعض الشباب، ففى الوقت الذى سرد بعضهم الوقائع ل«التحرير» بمزيج من الفخر والسعادة، روى البعض الآخر المواقف التى تعرَّض لها من معاكسات أو تحرشات بخجل، بل وصدمة فى بعض الأحيان، لكنها فى النهاية شهادات على حالة بدأت تتكرر فى المجتمع المصرى، وربما تصبح ظاهرة. 1 تعرف إن عينك حلوة الشهادة الأولى يرويها «أ. ح» فيقول: «كنت أسير فى منطقة وسط البلد ليلا مع أصدقائى، وتوقفنا لنشترى بعض الأغراض، وكانت هناك مجموعة من الفتيات أمام السوبر ماركت، لاحظت أن إحداهن تتبعنى بعينيها لفترة، وتنظر لى طويلا وتبتسم، لم أركز فى تصرفاتها، وبعد دقائق تركت أصدقائى ودخلت المحل، ثم خرجت لأجدها تنتظرنى أمام الرصيف، وبينما كنت أهبط الرصيف اقتربت منِّى وقالت (تعرف إن عنيك حلوة أوى، إنت لو أسمر كنت هتبقى مشكلة)، صدمتنى جرأتها فى الحديث، فتركتها وتحركت مسرعًا لأعود لأصدقائى، فقالت (على فكرة أنا بعاكس يا مُو)، وضَحِكَت وقالت بصوت عالٍ (إيه ده وكمان بتتكسف)، وظلت تضحك مع صديقاتها حتى وصلت لأصدقائى وغادرنا المكان». 2 حضن فى المترو الشهادة الثانية ل«م. أ» الذى تردد كثيرًا قبل أن يحكى ثم قال: «كنت أركب المترو مع اثنين من أصدقائى فى عرباته المشتركة، ولم يكن المترو مزدحمًا بشدة، وقفت فى مقابل أصدقائى، وكانت تقف خلفى فتاة، بينى وبينها مسافة ليست ببعيدة، كانت تبدو من ملابسها أنها ريفية قادمة للتو إلى المدينة، وتضع الكثير من مساحيق التجميل، مع اهتزازات المترو بدأت تحتك بجسدى، واعتقدت أن هذا يحدث بشكل لا إرادى، إلا أن الأمر تكرر، وعندما توقف المترو فى إحدى المحطات، أحاطتنى بيديها من منطقة الخصر، وشعرت بأنها تعمدت لمس أجزاء بعينها من جسدى، وأنها لم تفعل ذلك لتستند بقدر ما فعلته متعمدة». ويستكمل شهادته: «سألتنى تلك الفتاة عن محطة التحرير، وبالصدفة كانت المحطة وجهتى، فنزلنا وخرجنا معًا، وبعد الخروج من المحطة، وجدتها تسير خلفى، وتسألنى عن شارع معين، ثم عن مكان بعينه، فوصفت لها المكان، وظلت تسير إلى جوارى، وتحاول الحديث معى، واستشعرت من أسلوبها أنها تتعمد الكلام، وترغب فى فتح حوار معى، فاستأذنتها وسط دهشة من كل ما حدث»! 3 اوعى الجمبرى يعضك أما الشهادة الثالثة فحكاها «أ.ع» قائلا: «كنت أسير فى أحد شوارع إمبابة فى منتصف اليوم، وتصادف مرورى بجوار إحدى المدارس الثانوية للبنات، وبينما أسير فى جانب الشارع، بدأت مجموعة من الفتيات تقترب من المكان الذى أسير فيه، فالتزمت السير فى جانب الطريق تحاشيًا لأن أصطدم، عن غير قصد، بإحداهن، إلا أن المفاجأة كانت فى اقتراب الفتيات بصورة أوضح، فقد كنت أسمع حديثهن وضحكاتهن بوضوح شديد، وفجأة مرَّت فتاة سريعًا بجوارى، بينما دغدغت جانب خصرى بيدها وقالت (اوعى الجمبرى يعضك)، وأخذت صديقاتها فى الضحك بشكل هيستيرى، ولم أقم بأى رد فعل عليها من مفاجأتى». 4 كابتن.. رقم تليفونى مش عاجبك الشهادة الرابعة ل«م. ح» الذى حكى ل«التحرير» حكايته فقال: «كنت أركب ميكروباصًا فى طريق العودة إلى المنزل، وجلست خلف السائق، وجلست فتاة إلى جوارى، فى بداية الأمر لم تقم بأى حركة غريبة، ولكن بعد انطلاق السيارة بمدة قليلة، بدأت تقترب بجسدها ناحيتى، حاولت الابتعاد عنها، إلا أنها كانت تقترب كلما ابتعدت، ثم أخرجت هاتفها المحمول من حقيبتها، وكتبت رقم موبايل وتركت المحمول على حقيبتها باتجاهى، ونظرت لى، فهمت أنها ترغب الحديث معى، إلا أننى تجاهلتها، فمسحت الرقم وابتعدت قليلا». 5 زى القمر.. وتتاكل أكل الشهادة الخامسة لشاب ثلاثينى، يقول فيها: «أنتمى لأسرة محافِظة، علمتنى أنه لا يجوز النظر لفتاة بصورة تضايقها، فما بالنا بالكلام مع إحداهن، يجب أن يكون محسوبًا ومهذبًا، ورغم أن الأسرة محافِظة، فإنى كان لى صديقات بنات منذ المرحلة الثانوية، كنت وسيمًا وأعلم ذلك عن نفسى وبين زملائى، ولم أتخيل قط أن أتعرض للتحرش من فتاة»، وأضاف: «تعرضت لتحرش لفظى فى المرحلة الثانوية، أى قبل نحو 15 عامًا تقريبًا، ولم تكن البنات بنفس جرأة هذه الأيام، لذا كانت صدمة أن تتجرأ فتاة وتتغزل فى شاب، حيث قالت لى إحداهن بينما أنتظر دخول الدرس (إنت زى القمر وتتاكل أكل)، لم أستطع الرد عليها وابتعدت عنها». 6 أساتذة الاجتماع: كبت وشقاوة أستاذ علم الاجتماع، الدكتور سمير نعيم، قال ل«التحرير» إن تحرش البنات بالشباب أمر معروف، وبدأ يحدث فى المجتمع المصرى فى الفترة الأخيرة بشكل متكرر، إلا أنه لم يخرج للنور بعد، حيث إنه لا توجد أى بلاغات رسمية أو إحصائيات فى هذا الصدد، وأشار إلى أن عدم وجود مثل تلك الإثباتات على وجوده لا تعنى انعدام حدوثه، مؤكدًا أن الأمر موجود، إلا أنه لم يتطور إلى حد الظاهرة. نعيم أضاف: «رغم علم المؤسسات والمراكز المختلفة والمختصين بوجود تحرش البنات بالشباب فى المجتمع المصرى، فإن أغلب تلك المؤسسات لا تسير وفق ما هو علمى، بل تتعامل بمنطق ما هو سائر ومعروف، مما يتسبب فى عدم تتبع أى من تلك الجهات للأمر، لنجد نقصًا فى المعلومات والإحصائيات عنه وكأنه غير موجود فى المجتمع». بدورها قالت أستاذ علم النفس، الدكتورة إيمان ناصف، إن تحرش الفتاة بالرجل يختلف عن تحرش الرجل بالمرأة، موضحة أن الاختلاف يكمن فى أن الرجل يفعل هذا الأمر بشكل فج، بحيث إنه من الممكن أن يلمس جسد المرأة، أما الفتاة أو السيدة فإن تحرشها يكون بدرجة أقل، حيث تبدأ بالنظرات أو تتطرق لقول بعض الكلمات الجريئة. أستاذ علم النفس أشارت إلى أن هناك دوافع متعددة لقيام الفتيات بمثل تلك التصرفات الخاطئة، منها تفريغ الكبت، أو شعور المتحرشة بأنها تتمتع بنفس القوة والجرأة التى تسمح للشباب بالتحرش بها.