" بِس بِس، إزيك يا مز، ما تبص يا جميل، طب أنت رايح فين".. ثم تُطيل الفتاه في نظرتها للولد بطريقة لافتة للنظر، فيلتفت لها قائلا: "في حاجه يا آنسة"؟ ! - آه..عايزه أكلمك، أصل أنت بصراحة "واد مز قوي" - إيه ..مز قوي ؟! - آه ..عادي يعني، طب أنت رايح فين؟ - فيدير ظهره لها خارجاً من عربة المترو في حالة صدمه شديدة ! كان هذا موقف حقيقي حدث بإحدي عربات المترو ليلا أمام الجميع.. ذهبت الفتاه التي يظهر جيدا أنها لم تكمل العشرين عاما، لتعاكس أو بمعنى آخر "تتحرش" بهذا الفتى دون أي خجل. ربما يكون هذا الأمر طبيعيا مع كثرة التحرشات اللفظية التي تحدث للبنات في الشارع، وأن يكون ذلك مجرد انقلاب للسحر على الساحر كما يٌشاع، وأن تكون الفتيات قد قررن استخدام نفس سلاح المعتدين عليها في الدفاع عن نفسها. انتشر على موقع "يوتيوب" مؤخرا مقطع فيديو يصور فتاه تدعى "إيفون" تقوم بمعاكسة الشباب بنفس الألفاظ التي يقولوها هم أثناء التحرش بالبنات ك" يا مز..يا حلو يالي ماشي، حلوة النضارة، إيه الألوان الجامدة دي". وتباينت ردود أفعال الشباب تجاهها، فمنهم من شعر بالخجل الشديد واستهجن سلوك الفتاة، ومنهم من تجاوب معها بشكل سريع وأراد التحدث أكثر، ومنهم من ضحك ساخرا مما تقوم به ؛ لكن "إيفون" كانت تقوم بتجربة في الشارع على الشباب لتوضح لهم أنها تستطيع القيام بالمثل! والحقيقة أن الفتاة قامت بهذا السلوك تعبيرا عن رفضها للواقع القائم بأن الفتاه هي فقط المفعول به، وأرادت أن تكون هي الفاعل وأن تُشعر المتحرش أنه قد يصبح يوما في مكان الضحية وحينئذ ستضايقه المعاكسات. وحول هذا الأمر تقول هبه إبراهيم"24 عاما" ،" "إن هؤلاء البنات بالتأكيد لا يوجد عندهم حياء أو خجل، ولا يمكن أن يقوموا بمثل هذه الأفعال كدفاع عن أنفسهن، فالخطأ لا يعالج بالخطأ ولا يمكن أن يتحول الداء إلى دواء." وتعلق رضوى علي"26 عاما" قائلة " إقدام الفتاه على فعل كهذا يؤكد أنها فقدت جزء من أنوثتها نتيجة للقمع الذي تتعرض له داخل المجتمع، والتعبير عن الكبت الذي تعاني منه بهذه الطريقة لا يُفسر إلا بأنه نقل مباشر من المجتمعات الغربية بدون وعي". أما أميرة حسين"20 عاما" فترى أن الأمر يحتاج إلى جرأه زائدة لتقوم بهذا الأمر في الشارع وأمام الناس، فهي بالتأكيد ستتعرض للعديد من المشكلات وقد يعتدي احدهم عليها ، و هي ترى أن العلاج الحقيقي لهذه الظاهرة هو التجاهل ، وليس أن تقوم فتاه بمعاكسة الولد!". وتفسر إسراء محمد -22 عاما- هذه الظاهرة بأن زيادة نسبة العنوسة في البلد من احد أهم أسباب دفع الفتاة للقيام بمثل هذه التصرفات الغريبة على مجتمعنا ، ومع افتقاد الناس مشاعر الرومانسية نتيجة لعدم وجود شريك الحياة المناسب قد تصاب الفتاه بتقلبات نفسية تؤدي بها للتصرف بتهور وجنون أحيانا، و يراها المجتمع ك"قلة أدب"إلا أننا عندما ننظر بطريقه ثاقبة للأمور نجد أن هذا كله يحدث نتيجة للحرمان العاطفي." وتؤكد نانسي أحمد -23 عاما- أنها تؤيد الفتيات اللاتي يقمن بهذه المعاكسات، لأنهن شخصيات جريئة وجدت طريقه لجعل الشباب يشعروا بمقدار الأذى الذي يحدث للفتيات بالشارع، وكأنها تقول لهم ،" أنا كمان ممكن أعاكسك وأضايقك "! وبسؤال محمد سعد – 27عاما- قال "إن هذا يرجع إلى عدة عوامل، أهمها الانفتاح واستخدام الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة بكثرة بالإضافة لمشاهدة الأفلام التركي المعبرة عن ثقافات مختلفة على عاداتنا الشرقية، وتجعل كل شيء مباح و"عادي" أمام الفتاة ، أما بالنسبة لي كولد فلن يسبب الأمر أي إحراج بل بالعكس سأضحك على مثل هذا التصرف وانظر لها على أنها جريئة بشكل كبير". واندهش أنور سيد "28 عاما " من تصرفات كهذه جدا، مشددا على أن هذه ليست جرأه وإنما عدم احترام أو تربيه وناتجة بشكل أساسي عن الفراغ والسطحية في التفكير.