يواصل الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور حواراته مع القوى السياسية والمجتمعية المختلفة من أجل التوصل إلى توافق حول إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية، وتحديدًا إيهما أولًا الانتخابات الرئاسية أم البرلمانية، وأيضًا الصيغة المثلى للنظام الانتخابى الذى ستجرى بموجبه الانتخابات البرلمانية القادمة، فوفق خارطة الطريق تجرى الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية، ولم يحسم الدستور الجديد الأمر فى مواده الانتقالية، ووضع نصًّا عامًّا يقول فى حال تزامن خلو منصب الرئيس مع الانتخابات البرلمانية، فالأولوية تكون للانتخابات الرئاسية. نفس الأمر ينطبق على النظام الانتخابى، فقد حصّن الدستور النظام الانتخابى الذى سيتم الاتفاق عليه عبر النص على إجراء الانتخابات البرلمانية بالنظام الفردى أو القائمة أو الجمع بينهما بأى نسبة، ومن ثم فقد حصّن النظام الذى سيتم الاتفاق عليه أيًّا كان. وفى الوقت الذى يواصل فيه رئيس الجمهورية المؤقت لقاءاته مع ممثلى القوى السياسية والحركات والمنظمات من مختلف الاتجاهات، تطرح كل فئة من هذه الفئات رؤيتها تجاه هاتين القضيتين، ويبدو واضحًا من متابعة مواقف الأطراف المختلفة أن التوجه العام يطالب بإجراء الانتخابات الرئاسية أولًا حتى يكون لدينا رئيس منتخب يشكّل حكومة قوية ثم يشرف على الانتخابات البرلمانية، وبخصوص النظام الانتخابى يبدو واضحًا أيضًا أن التوجه العام هو اعتماد النظام الانتخابى المختلط الذى يجمع ما بين الفردى والقائمة، وبنسبة أكبر لصالح النظام الفردى، وتتراوح التقديرات ما بين ثلثى أو ثلاثة أرباع المقاعد بالنظام الفردى والباقى بنظام القائمة. ووسط الحوارات التى يجريها رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور، بدأ البعض فى التعبير عن موقفه الشخصى من الترشح لمنصب الرئيس، فقد بادر السيد عمرو موسى رجل الدولة الذى قاد لجنة الخمسين لتعديل الدستور بحكمة واقتدار، بالتأكيد أن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى هو الأقدر والأجدر بهذا المنصب، نظرًا إلى ما له من شعبية جماهيرية طاغية وقدرة على قيادة دفة الحكم فى السنوات القادمة، وقال الرجل بحسم إنه لن يرشح نفسه للرئاسة فى حال ترشح وزير الدفاع. نفس الموقف اتخذه المرشح الرئاسى السابق الفريق أحمد شفيق، الذى خاض جولة الإعادة مع محمد مرسى، فقد أكد الرجل أنه لن يرشّح نفسه لانتخابات الرئاسة فى مصر فى حال قرر الفريق أول عبد الفتاح السيسى ترشيح نفسه. فى المقابل، بادر السيد حمدين صباحى بإعلان ترشحه للرئاسة بداية، مضيفًا أنه لو قرر وزير الدفاع ترشيح نفسه فسوف يكون «لكل حادث حديث»، وهو موقف استند إلى دعم التيار الشعبى، ولم ينتظر موقف جبهة الإنقاذ، فى خطوة يفهم منها أن حمدين صباحى يعلم تمامًا حقيقة موقف غالبية أحزاب الجبهة وهو مساندة وزير الدفاع فى حال قرر ترشيح نفسه، لذلك أراد أنصار حمدين صباحى استباق هذا الموقف وإعلان ترشيح حمدين صباحى من منطلق وضع جبهة الإنقاذ أمام الأمر الواقع من ناحية، ودفع وزير الدفاع للإحجام عن ترشيح نفسه من ناحية ثانية، وهى حسابات خاطئة فى تقديرى، فالقضية ليست مجرد مَن يرشّح نفسه أولًا بقدر ما هى كيفية استقبال الرأى العام المصرى لهذا الإعلان، وهل لو لم يترشّح الفريق أول عبد الفتاح السيسى، سيكون صباحى هو مرشح التيار المدنى؟ فى تقديرى أن الاتجاه العام بين المصريين هو دفع وزير الدفاع لترشيح نفسه، وهو اتجاه مدعوم إقليميًّا من الدول العربية الداعمة لمصر بعد 30 يونيو، وإذا ترشّح الرجل فسوف يحصد المنصب من الجولة الأولى بغض النظر عن منافسيه، وإذا لم يترشّح فسوف نرى مرشحين آخرين للتيار المدنى ونرى تنافسات مشابهة لما جرى فى الانتخابات السابقة، لكل ذلك أحسب أن ترشح الفريق أول عبد الفتاح السيسى سوف يجنّب مصر كل ما هو سيئ من سيناريوهات.