عن وكالة «سفينكس» للنشر صدرت رواية «جومر» لروبير الفارس. «جومر» هو اسم فتاة ولدت فى منطقة كنائس مصر القديمة، الأب «برسوم» يبيع الصلبان و«أم راحيل» تبيع الأيقونات لزوّار المنطقة. فى طفولتها تعلّمت القراءة فى الكتب المقدّسة التى يتلونها هناك طول الوقت، وتعوّدت على حضور الطقوس فى الكنائس السبع، وأقدمها المعلّقة وأبو سرجة وقصرية الريحان. كانت «مريم» أختها الأكبر قد تعرّضت لتجربة عنيفة، ألا وهى أنها تسكنها أرواح شريرة لخمسين رجلا يشتهون جمالها، أخرجهم منها أبونا جبرائيل، فى كنيسة العذراء المغيثة بباب الروم. إلا أن جومر عندما بلغت سن المراهقة المتأخرة أصبحت أجمل فتاة يمكن أن تقع عليها عين أى رجل. حصلت مريم على ليسانس حقوق ولم تحصل على أية وظيفة، لأنها لا تملك الواسطة المناسبة، ثمّ تقدّم لخطبتها الدكتور نادر، إلا أن أسرته التى تسكن الزمالك، رفضت أن تناسب أسرة فقيرة تسكن حارة فى مصر القديمة. قالت جومر «ما فائدة التعب والتفوّق إذا لم تكن هناك عدالة؟». «يوسف» الأخ الأصغر لجومر، كان جميلا مثل أختيه، مما لفت إليه انتباه سيد السمكرى، الذى يطارد الأطفال بعينه الحمراء، فأخذه معه مرة إلى جوار المقابر الغربية، ولم يتمكن الأب قليل الحيلة من الانتقام إلا بالدعاء عليه. حصل يوسف على دبلوم «صنايع» وعمل نجّارا، ثم بسبب إطراء أبانوب صديقه لجمال جومر وفتنتها، قتله بالمنشار ودخل السجن. كان عدم قدرة الرجال على مقاومة جمال جومر هو السبب فى كثير من المآسى، مثل اختطافها على يد مجموعة من الشباب فى سيارة نصف نقل، وإنقاذها منهم فى آخر لحظة، وكذلك قيام مدرس الألعاب الرياضية فى مدرستها الثانوية بالتحرّش بها وتمزيق ملابسها. قالت الأم «جمال البنت يجب أن يستر بالحجاب، انظر إلى كل صور العذراء مريم، لا تجد صورة واحدة لها دون حجاب». حتى صموئيل ابن القسيس المتخرّج فى كلية الإعلام، الذى تقدّم لخطبة جومر، لا يستطيع أن يصمد طويلا أمام إلحاح المعاكسات فى الشوارع، حتى فى أثناء وجوده معها، مما يؤدّى به فى النهاية إلى فسخ الخطبة. هناك ما يدعو إلى الاعتقاد أن جمال الفتاة قد يكون أحيانا نقمة لا نعمة. تعترض طريقنا هنا قصة مارتا التى نشأت هى الأخرى فى كنف أسرة لا تقل فقرا عن أسرة برسوم، إذ تعيش هى ووالداها وإخوتها الأربعة فى حجرة واحدة، وكانت هى الأخرى فتاة جميلة، اضطرها والدها إلى ترك الدراسة، والعمل كبائعة فى محل تجارى، يملكه جورج الذى اعتاد منذ البداية على أن يمدّ يده إلى مفاتنها الجسدية. لا تجد المسكينة حلا إلا فى الذهاب للرهبنة داخل أحد أديرة الفتيات. إلا أن الحل الذى وصلت إليه جومر لم يكن الرهبنة بل كان التحوّل إلى الإسلام. هذه الرواية هى عن معاناة الشعب القبطى قديما وحديثا، قديما على زمن الاضطهاد الرومانى، وحديثا بسبب كونه أقلية دينية. إذ بعد أن ينتهى المؤلف من كل ما يتعلق بجومر الحديثة، يعود بنا إلى الأزمان القديمة، فى محاولة لمتابعة أثر جومر القديمة، فى كل قصص العهود القديمة المتعلقة بفتيات مسيحيات جميلات، تعلقت بهن قلوب الرجال وتسببن فى مآس عديدة. يستخدم المؤلف الكثير من مفردات الأسفار المقدّسة من العهدين القديم والجديد، أى من التوراة والإنجيل، فهناك مثلا فقرات كاملة من نشيد الإنشاد، فى وصف جمال النساء، وفقرات أخرى من سفر هوشع للتعريف بجومر الكتابية. ثم ترد قرب نهاية الرواية عشرات القصص القصيرة المنتشرة فى ثنايا كتب مثل بستان الرهبان، وتروى لنا نوادر من حياة ومعجزات أولئك الذين نبذوا العالم وعاشوا فى عزلة تامة فى قلاياتهم، وهو الاسم الذى يطلق على أماكن عزلة الرهبان داخل كهوف ومغارات جبال الصحراء. روبير الفارس عادل أسعد الميرى