اليوم سنتناول سيرة (برنس التعليق)، الذى اتسم أسلوبه بالصرامة والصراحة فرضتهما عليه طبيعة شخصيته، وعمله بالمؤسسة العسكرية.. إنه اللواء على زيوار. كان له السبق فى استخدام العبارات والمصطلحات الشعبية الدارجة فى أثناء التعليق، ومنها (إيه الحلاوة دى)، (يا ولد يا ولد يا ولد)، (إحنا بقى بتوع اللغات)، (أنا مش متكيف من الماتش ده)، بل واستخدم أيضًا ألفاظًا صادمة، لم يتعود الجمهور على سماعها رغم صحتها اللغوية مثل (الأهلى نازل الملعب بلباسه الأحمر). لا ينسى الجمهور الواقعة الشهيرة عندما كان يتولى التعليق على مباريات كأس العالم بإسبانيا عام 82، وفيها أصر على تحريف نطق اسم اللاعب البرازيلى (فالكاو) ليصبح (فالساو)، بل وظل يتباهى بأنه الوحيد من بين كل المعلقين الذى ينطق اسم اللاعب نطقًا سليمًا! من الواضح أن شخصًا كان قد أبلغه أن حرف «C» ينطق بالإسبانيه كحرف السين بالعربية، لكن من الواضح أيضًا أنه نسى إبلاغه أن هذه القاعدة تنطبق فقط عندما يليه حرف «E» أو «I»، وغير ذلك فالحرف ينطق كحرف الكاف، وبالتالى فنطق الاسم الصحيح هو فالكاو. كان، رحمه الله، عاشقًا للشياكة والأناقة، وكان يخصص دائمًا جزءًا من التعليق للحديث عن ملابس وألوان الفريقين والمدربين. وأتذكر أن الحظ أسعدنى برؤيته شخصيًّا عدة مرات فى أثناء ذهابى إلى الكلية فى الثمانينيات، حيث كان يجلس على المقهى يدخن الشيشة وحيدًا لا يكلم ولا ينظر إلى أحد على الإطلاق، وكان يرتدى دائمًا الملابس الأنيقة الزاهية الألوان، ونظارة شمس سوداء آخر شياكة، ويتدلى من يده انسيال من الذهب! ولد محمد على زيوار عام 1922، واكتشف موهبته الكروية كشاف النجوم عبده البقال، وعرضه أولًا على نادى الزمالك الذى رفضه لقصر قامته، فاتجه إلى الأهلى واجتاز الاختبارات المطلوبة للانضمام إلى فريق الناشئين بعدها تدرج فى المراحل العمرية حتى وصل إلى الفريق الأول، ولعب ضمن صفوفه بدءًا من موسم 1938 حتى موسم 1949، وفيه حصد الأهلى بطولتى الدورى والكأس معًا لأول مرة، فقرر بعدها ترك المستطيل الأخضر، وأعلن اعتزاله. ابتعد زيوار مؤقتًا عن النادى الأهلى، وتفرغ لعمله فى القوات المسلحة حتى تولى المشير عبد الحكيم عامر(الزملكاوى الشهير) رئاسة اتحاد الكرة، فخشى أن يتهمه الرئيس عبد الناصر بالانحياز إلى الزمالك على حساب الأهلى الذى كان يحتل المركز العاشر فى الدورى! فقرر المشير إنقاذًا للأهلى استدعاء على زيوار، وانتدابه من القوات المسلحة للعمل كمدير للكرة فى الفريق، فلم يوافق على زيوار إلا إذا تم تنفيذ شروطه، ومنها وضع لائحة مالية ثابتة للفريق، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب لأول مرة فى تاريخ الأندية المصرية، وبعد الرضوخ لشروطه تولى المهمة وحقق نجاحًا باهرًا، حيث قفز بالفريق من المركز العاشر إلى المركز الأول، وفاز بالدورى موسم 1959 بعدها ترك الفريق وعاد إلى عمله الأصلى. فى موسم 66 اضطر الأهلى برئاسة الفريق مرتجى إلى استدعائه مجددًا للعمل فى منصب مدير الكرة بعد أن تدهورت أحوال الفريق ونتائجه، فلم يقبل زيوار العمل إلا بعد أن تم تنفيذ كل طلباته، ومنها وضع قواعد ولوائح جديدة، وكذلك الموافقة على استقالته من القوات المسلحة، لكى يتفرغ لمهمته! فى هذا العام فاز الأهلى ببطولة كأس مصر بعد أن تغلب على الترسانة فى المباراة النهائية، فقرر عبد الحكيم عامر مكافأة زيوار بإرساله إلى إنجلترا لحضور مباريات كأس العالم على نفقة اتحاد الكرة. دخل على زيوار مجال التعليق فى أوائل الستينيات إلا أن شهرته الحقيقية كانت فى بداية السبعينيات. ابنه على على زيوار كان لاعبًا متوسط المستوى فى الأهلى، ولم ينل شهرة أبيه الذى طالما انتقده وهو يعلق على المباريات التى اشترك فيها. فى أواخر سنين عمره اعتزل التعليق، وبدأ فى الابتعاد عن الناس حتى توفى عن عمر يناهز 83 عامًا.